كلمة وزير الخارجية فى مؤتمر دعم استقرار ليبيا
كتب : أحمد السيد
شارك وزير الخارجية سامح شكرى، اليوم الخميس، فى أعمال مؤتمر دعم استقرار ليبيا المنعقد فى مدينة طرابلس.
اقرأ أيضًا: خالد سرحان فى كواليس حدوتة حظة ضعف قبل عرضها السبت المقبل
وأكد شكرى فى كلمته على رؤية مصر القائمة على ضرورة الدفع قُدمًا بتسوية سياسية شاملة فى ليبيا تُرسخ للاستقرار الذى ينشده الشعب الليبى الشقيق.
وجاء نص كلمة وزير الخارجية سامح شكرى على النحو التالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الوزيرة الأخت العزيزة نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية والتعاون الدولى بدولة ليبيا
السادة الوزراء ورؤساء الوفود
أود بداية أن أتوجه بالشكر للسيدة الوزيرة نجلاء المنقوش وزيرة خارجية دولة ليبيا على الدعوة لعقد هذا الاجتماع، وعلى كرم الضيافة وحسن الاستقبال، لاستكمال التشاور حول تطورات الأوضاع فى ليبيا الشقيقة والتى نأمل وصولها إلى بر الأمان فى ظل ما يربطنا من صلات عديدة ومصير مشترك.
السيدات والسادة.
لقد التقينا فى محافل دولية وإقليمية عديدة تعهدنا فيها على حماية سيادة ليبيا، واستقلالها، وسلامتها الإقليمية، والتزمنا بمساندة جهود الأمم المتحدة الرامية إلى إنهاء الصراع والانقسام من أجل استعادة الأمن والاستقرار الذى ينشده الشعب الليبى أجمع.
وها نحن نجتمع اليوم بطرابلس فى لحظة هامة من عمر الأزمة الليبية، إذ يسير الأشقاء الليبيون بخطى واثقة نحو تنفيذ خارطة الطريق التى أقروها بأنفسهم للانطلاق إلى المستقبل من خلال عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى موعدها المقرر فى 24 ديسمبر 2021.
وأثمن فى هذا السياق الإجراءات المتخذة من جانب المجلس الرئاسى الليبى وحكومة الوحدة الوطنية فى الإعداد للانتخابات، وجهود مجلس النواب الليبى وإصداره لقانونى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتنسيقه بشأنهما مع المفوضية العليا للانتخابات الليبية التى تبذل جهودا كبيرة حتى يتسنى عقد الاستحقاق الانتخابى فى موعده بما يتيح لأشقائنا الليبيين المجال للتعبير عن إرادتهم الحرة فى اختيار قياداتهم ورسم مستقبل بلدهم بعيدا عن أى تأثير خارجى.
ونتطلع إلى نجاح إتمام هذا الاستحقاق دون إقصاء أو تهميش فى موعده بالشكل الذى يليق بقيمة وتاريخ الشعب الليبى الشقيق لكى تعود ليبيا إلى مكانتها ودورها العربى والإقليمى الفاعل.
السادة الحضور
لقد عملت مصر ولاتزال على إيجاد أرضية مشتركة بين كل الأشقاء الليبيين بهدف مساعدتهم على التوصل إلى رؤية تنفيذية وطنية متكاملة تعالج جذور الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية التى تعانى منها ليبيا منذ عام 2011.
ومن هذا المنطلق، فإن للاستقرار متطلبات لا غنى عنها تبدأ بوقف العنف والتصعيد، وبناء جسور السلام، وفتح الآفاق لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة بما من شأنه ضمان استدامة السلام الاجتماعى والحفاظ على الهوية والنسيج الوطنى فى ليبيا، وهو المسار الذى توليه مصر اهتماما بالغا.
كما أنه من الضرورى إيلاء الاهتمام بالتوزيع العادل للثروات لتحقيق التنمية الشاملة فى كل ربوع وأقاليم ليبيا، ودفع عجلة الاقتصاد، وأود الإشارة فى هذا الصدد إلى أن مصر مستمرة فى جهودها بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى فى رئاسة مجموعة العمل الاقتصادية المنبثقة عن مسار برلين بهدف تنفيذ أجندة الإصلاح الاقتصادى لضمان الاستفادة المثلى من موارد ليبيا تلبية لآمال أبناء شعبها.
السيدات والسادة
إن مقتضيات المصارحة بين الأشقاء والشركاء، تملى علينا التأكيد على حتمية التعامل مع الإشكالية الرئيسية التى تقف حائلا أمام استعادة ليبيا لسيادتها ووحدتها، والمتمثلة فى تواجد القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب على أراضيها، وهو ما يؤثر سلبا على الأمن القومى لليبيا خاصة، وعلى أمن دول جوارها العربى والإفريقى عامة.
فلا مجال للحديث عن تحقيق استقرار ليبيا بصدق وجدية إلا بالتنفيذ الكامل لما نص عليه قرار مجلس الأمن رقم 2570، والمخرجات المتوافق عليها دوليا وإقليميا الصادرة عن مؤتمر برلين 2، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقى، ودول جوار ليبيا، بشأن انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا بدون استثناء أو تفرقة، وهو ما سيمثل إنصاتا واستجابة لرغبة بل ومطالبة الشعب الليبى مما سيتيح الفرصة الحقيقية لبناء وتطور القدرات الذاتية الليبية بحيث يأخذ الليبيون مقدراتهم فى أيديهم.
وأجدد لكم استعداد مصر لتقديم كافة سبل الدعم للأشقاء فى ليبيا فى هذا المجال، ونتطلع إلى تضافر جهود المجتمعين اليوم للخروج بتوافق على تحقيق ما يلى:
أولا: تحديد أدوات تنفيذ ومراقبة إتمام خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا فى إطار زمنى واضح.
ثانيا: تطبيق كل بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بما فى ذلك ما نص عليه بشأن تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية.
ثالثا: وضع البرامج الملائمة لنزع الأسلحة بحوزة العناصر المنخرطة فى المجموعات المسلحة، وإعادة تأهيل من يصلح منهم.
رابعا: قيام المجتمع الدولى بدوره فى وضع الأطراف الساعية إلى التنصل من التزاماتها والالتفاف على المقررات الدولية ذات الصلة بعقد الانتخابات فى ليبيا وخروج كل القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضيها أمام مسؤولياتها ومحاسبتها.
السيدات والسادة
أؤكد لكم مجددا أن مصر كانت وستظل داعمة للشعب الليبى، وللمساعى الدولية والإقليمية المتواصلة لتحقيق طموحاته وإنهاء أزمته. ولقد حرص السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى على إيلاء الوضع فى ليبيا اهتمامه من خلال المشاركة فى جميع الفعاليات المعنية بالأزمة، ولقاء مختلف القوى السياسية والاجتماعية وزعماء القبائل من أجل الإسهام نحو استعادة ليبيا لاستقرارها ووحدة أراضيها وسيادتها والحفاظ على مقدراتها مدفوعا بما يربط الشعبين الشقيقين من أواصر الحوار والمصاهرة والمصير المشترك.
وختاما أود من هذا المنبر، وبمناسبة اجتماعنا اليوم، أن أتوجه بكلمة لأشقائنا الليبيين أحفاد عمر المختار، فأقول لهم ثقوا تماما أن مصر ستكون دائما سندا وعونا لكم، داعمة لأمنكم، ولإعلاء مصلحة بلادكم العليا، ولخياراتكم، وآمالكم المشروعة فى غد أفضل، لكى تعود ليبيا بفضل عزيمة أبنائها موحدة ومستقلة ومستقرة، كما نأمل أن نراها.
وأؤكد أن لكم فى مصر إخوة حريصين على تقدمكم، مرحبين بنقل خبراتهم ومد يد العون فى كافة المجالات إيمانا بوحدة المصير والهدف لنمضى سويا على طريق البناء والتطوير واثقين من قدراتنا على اجتياز كل التحديات.
وأجدد الدعوة إلى جميع الأطراف الفاعلة داخل ليبيا وخارجها للارتقاء إلى مستوى الحدث، والتصرف بمسؤولية وبمنطق رشيد، بما يخرج ليبيا من أزمتها ويرفع المعاناة عن شعبها الشقيق.