م. سيد الطاهر# يكتب: من محاور الطرق إلى محاور الطاقة

تتمتع مصر بعبقرية موقع جغرافى لا مثيل له على خريطة العالم، وظل الجميع لسنوات يظن أن قناة السويس، أكبر وأهم ممر ملاحى فى العالم، هى الإستثمار الأوحد لموقع  مصر الجغرافى وعبقريته الفريدة، إلى أن ظهرت عبقرية أخرى مع الجمهورية الجديدة، تمثلت فى العبقرية السياسية التى استعادت لمصر مكانتها الدولية، ومهدت الطريق لاستغلال أمثل لبوابة إفريقيا الشمالية التى تطل على نافذة أوربا ، تلك القارة العجوز التى تتصدر مواكب التقدم الثقافى والصناعى فى عصرنا الحالى .

وبالعودة إلى بدايات حكم الرئيس السيسي، سوف نجد أن العلاقات المصرية الأوربية احتلت موضعا مميزا على أجندة الخارجية المصرية، وحظيت العلاقة مع اليونان وقبرص برعاية خاصة للرئيس السيسي، وهو الأمر الذى يعكس عمق الفكر الإستراتيجى المصرى، الذى يؤكده عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين فى كتابه “مستقبل الثقافة فى مصر” ويؤكد فيه أن العقل المصرى وتاريخه يرتبط إرتباطا وثيقا بالعقل اليونانى.

طالع المزيد| شاكر يكشف حقيقية رفع أسعار فواتير الكهرباء

                    محمد شاكر: الوزارة تراعي الفئات الأقل استهلاكاً للكهرباء

وعلى هذا المسرح السياسي المعد بعناية وعبقرية سياسية كشفت وسائل الإعلام عن مشروع للربط الكهربائى بين مصر واليونان، كثمرة من ثمار اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان وقبرص، والذى ظن الجميع أن الهدف من ترسيم الحدود هو فتح المجال لاستغلال الموارد الطبيعية بسطح وأعماق المتوسط، ولم يخطر ببال المتابع أن هذه الاتفاقية تمهد لسلسلة من المشروعات الإقتصادية.

ودرة هذه المشروعات هو الربط الكهربائى  الذى بدأ  بتوقيع إتفاق ومذكرة  تفاهم وقّع عليها الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء عن الجانب المصرى، وعن الجانب اليونانى وقّع وزير الطاقة اليونانى كوستاس سكريكاس، تمهيدا لمد كابل تحت سطح البحر ينقل الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة فى شمال إفريقيا إلى أوربا، وهو الاتفاق الأول من نوعه فى البحر المتوسط، ذلك المشروع سيساهم فى بناء محور للطاقة بشرق المتوسط، ويعزز أمن الطاقة فى المنطقة.

ويٌذكر أن توقيت الإتفاق يأتى متزامنا مع تجهز إسرائيل لمشروع مشابه للربط بين أسيا وأوربا، ليكون المشروع المصرى هو الأكبر والأضخم بتكلفة تصل إلى 900 مليون دولار.

و هذا التوقيع الذى شهدته العاصمة اليونانية أثينا خلال الأيام القليلة السابقة ما هو إلا بداية لعدة اجتماعات للجان رفيعة المستوى ستضم مسؤولين كبار، وخبرات هندسية وقيادات تزخر بها وزارة الكهرباء المصرية وممثلين عن شركات الكهرباء والجهات التنظيمية.

ومثل هذا النوع من المشروعات يعزز تغلغل الطاقة النظيفة ضمن مزيج الطاقة فى الإتحاد الأوربى على حد قول وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر .

كما يٌذكر أن هذا المشروع الذى يستهدف إنشاء شبكة ربط قوية بين مصر وقبرص، يحسّن من أمن الإمداد بالطاقة، بالإضافة إلى تحفيز التعاون الإقليمي، والرخاء ليكون حجر الزاوية فى التحول نحو الإقتصاد الأخضر، و إنشاء خطوط  لنقل كميات ضخمة من الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة لدعم تكامل الطاقة المتجددة فى شبكات الدولتين .

و نحن نتابع زيارات الرئيس الأسبوعية لمحاور الطرق داخل القاهرة الكبرى ، يتسلل بين أخبارها خبر محور طاقة يربط مصر بعمقها الإستراتيجى و تاريخها الحضارى القديم باليونان و أوربا لتحيا مصر.

………………………………………………..

# عضو المجلس العربى للطاقة المستدامة

زر الذهاب إلى الأعلى