طارق متولى يكتب: « يوميات زومبى » (3)
استيقظت اليوم، وأنا فى نصف حالة بين اليقظة والنعاس، فقد أخذت قسط من النوم ولكنه لم يكن كافيا.
عادت العلاقات طيبة بينى وبين المدير والزملاء من جديد فلا مناقشات جادة ولا تركيز أصلا فى اى شىء.
جلست مع زميلى فى المكتب جلال الشهير بجلابولا كما يناديه أصدقائه، شخصية جميلة جدا لعدة أسباب، أولها هو شخص وسيم وأنيق وهادىء إلى أقصى درجة، وثانيها أنه تعدى مرحلة الزومبى ووصل إلى حالة الأليان ( كائن فضائي)، تقدر تقول كده هو موجود وغير موجود لدرجة أن لو حدث لا قدر الله انفجار فى المكتب ستجد جلابولا وسط الانفجار يجلس بهدوء يتناول فنجان قهوة، ويسأل بهدوء ماذا حدث؟ وما هذا الصوت ؟
كاد المدير يجن بسبب هدوءه وطريقة كلامه فهو يمط الكلام ويتكلم ببطء شديد يحتاج صبر كبير لكى تسمعه.. صباح الخير يقولها هكذا “صباااااااااح الخيييييير”، واعتاد زميلنا عمر أن يقلده فى طريقة كلامه وسط الزملاء فكان الجميع ينفجر من الضحك لكن جلابولا لم يكن يهتم لأى شىء بل كان يضحك معهم بهدوءه المعتاد.
ذات يوم جاء متأخرا فى الساعة التاسعة والنصف لكنه وقف يقنع المدير بهدوء أن الساعة لا زالت التاسعة وعندما وقف المدير بعصبية وطلب منه أن ينظر فى الساعة المعلقة على الحائط بدا كأنه مصدوم وقال لقد كانت التاسعة تماما قبل ان ادخل الشركة حتى اضطر المدير أن يطلب منه الانصراف حفاظا على أعصابه وصحته.
طالع المزيد| طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (1)
طارق متولى يكتب: « يوميات زومبى » (2)
علمت منه أنه موقوف عن العمل وعليه خصم كبير من المرتب حوالى ثلاثة آلاف جنيه تخصم على دفعات من مرتبه لم يكن متأثر بالموضوع، وحكى لى السبب بكل هدوء وهو أنه حجز تذكرة طيران لرئيس الشركة الذى كان مسافرا إلى الخارج لحضور أحد المؤتمرات، وأنه أبلغ رئيس الشركة بموعد إقلاع الطائرة فى الثانية ظهرا، وعليه اصطحب رئيس الشركة إلى المطار فى الساعة الحادية عشرة ظهرا ليصلوا قبل موعد الطائرة بساعتين لإنهاء إجراءات السفر، لكنه فوجىء عند الدخول الى صالة المطار ومعه رئيس الشركة أن الطائرة أقلعت الساعة الثانية فجرا.
وقف جلال مصدوما ومشدوها واصفر وجهه وارتعشت يده وموظف المطار يمسك بالتذكرة ويشير إلى خانة موعد الطائرة وهو الثانية بعد منتصف الليل حيث أن الثانية ظهرا تكتب فى تذاكر الطيران للدقة ولعدم إلتباس الأمر الرابعة عشرة.
أخذ جلال ينظر إلى التذكرة والى الموظف ورئيس الشركة بالخلف ينتظر الحصول على بطاقة الصعود للطائرة، وظل واقفا مكانه حتى تدخل رئيس الشركة ليستفسر عن سبب التأخير وعلم بالكارثة .
طبعا مسح به بلاط المطار وتوعده بخصم ثمن التذكرة واضطر لحجز تذكرة جديدة فى يوم اخر وهدده بالرفت من الشركة لولا توسل المدير وبعض الأصدقاء ليعفو عنه فأكتفى بوقفه عن العمل لفترة وخصم ثمن التذكرة من مرتبه .
كان جلال مستاء من الخصم والوقف عن العمل، وقد حاول أن يقنع مدير المكتب عندما علم بالواقعة ووبخه عليها أن شركة الطيران هى التى غيرت موعد إقلاع الطائرة فجأة بدون اى منطق والمدير يشيح بوجهه عنه وكأنه لا يسمعه فقد اقتنع منذ زمن بعدم جدوى الكلام معه للحفاظ على أعصابه.
سوف نعود لجلال فى يوميات أخرى لأنه شخصية لا يشبع منها فى الحقيقة، وسلوكه وأفعاله مميزة ومختلفة عن الجميع.
فى المساء كنت استعد لإرتداء ملابسى وهندمة مظهرى لمقابلة روضة هذا المساء، وبينما أنا على هذه الحال، رن جرس الهاتف ووجدت طنط ايناس على الطرف الآخر لم أكن أتوقع اتصالها لكنها قالت لى أن روضة أخبرتها بأنها ستقابلنى وهى ترحب بى فى المنزل بدلا من اللقاء فى الخارج فوافقت بالطبع واحترمت وجهة نظرها .
بالفعل ذهبت إلى بيت روضة وقابلت طنط ايناس ووالد روضة الأستاذ سلامة وكيل وزارة على المعاش وروضة بالطبع، جلسنا نتحدث، وظل الأستاذ سلامة يسألنى عن طبيعة عملى ودخلى وشقة العائلة التى سوف اتزوج فيها وعن كل شىء تقريبا وانا أجيبه بالقدر الكافي الذى يسمح به أول لقاء، فلا أنا، ولا روضة قررنا بعد قبول الزواج من بعض.
ومن أغرب ما قاله الاستاذ سلامة أن روضة نشأت وتربت على العز وأنها تأكل نوع من الجبنة المستوردة تحبها، غالية الثمن اسمها: “أولد امستردام” وروضة تضحك على استحياء وتفتخر بنفسها، هنا شعرت أننى اتكلم مع زومبى من نوع آخر، وحتى لا أفسد علاقة الصداقة بين اختى وصديقتها قررت فى نفسى الإعتذار من أول الطريق .
عدت إلى البيت بعدها وأنا أشعر بأننى عدت حرا طليقا بعد ما كدت أقع فى الفخ .
جلست أمام التليفزيون بعض الوقت ثم دخلت لأنام هادىء البال وقررت أن أخبر اختى سعاد أن تتوقف عن البحث لى عن عروسة فيوما ما سوف أعثر عليها بنفسى .
والى لقاء أخر فى يوم جديد من يوميات زومبى .