نص كلمة السيسى فى افتتاح الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للمياه 2021
كتب : أحمد السيد
ينشر موقع ” بيان” نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للمياه 2021،حيث أكد من خلالها على أهمية نهر النيل بالنسبة للمصريين، وجهود الدولة فى الحفاظ على المياه، من خلال منظومة الرى الحديث، وتبطين الترع.
إقرأ أيضًا:اجراءات صارمة من الجيزة بسبب التوك توك
يسعدنى الترحيب بكم، فى الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للمياه 2021 من على ضفاف نهر النيل واهب الحياة لملايين المصريين وباعث الخير والنماء منذ فجر التاريخ، لحضارات شعوب وادى النيل والتى أسهمت ولا تزال، بدور رئيسى فى صياغة التراث الإنسانى وصناعة الفكر البشرى على مر العصور.
يأتى اختيار موضوع أسبوع القاهرة للمياه، فى دورته الرابعة وهو “المياه والسكان والتغيرات العالمية – الفرص والتحديات” فى وقت يشهد فيه العالم تغيرات سريعة تؤثر على الموارد المائية، وتجعل الإدارة المثلى لها عملية غاية فى التعقيد.
وغنى عن البيان، أن أزمة المياه من أبرز التحديات الدولية الملحة بسبب الزيادة المطردة فى عدد سكان العالم مع ثبات مصادر المياه العذبة فضلًا عن التدهور البيئى، وتغير المناخ والسلوك البشرى غير الرشيد من خلال إنشاء مشروعات مائية غير مدروسة، بدون مراعاة لأهمية الحفاظ على سلامة واستدامة الموارد المائية الدولية.
إن كل تلك العوامل، إنما تسهم فى تفاقم الأزمة وتؤثر على قدرة الدول، فى الوفاء باحتياجات شعوبها من المياه مما يحول مسألة إدارة الموارد المائية، إلى تحد يمس أمن وسلامة الدول والشعوب وقد يكون من شأنه، التأثير على استقرار أقاليم بأسرها.
وفى ظل هذه الأزمة الدولية الحرجة وانطلاقًا من يقين ثابت لدى مصر بحتمية التعاون الدولى والعمل متعدد الأطراف، وفى القلب منه منظومة الأمم المتحدة انخرطت مصر بصورة بناءة فى “مسار عقد المياه للأمم المتحدة 2018 – 2028” حيث شاركنا بفاعلية فى مختلف مراحله بل وبادرنا بالتنسيق مع عدد من الدول الصديقة لإطلاق بيان مسار عقد المياه، ومؤتمر الأمم المتحدة المرتقب، لمراجعة منتصف المدة الشاملة لعقد المياه فى مارس 2023.
من ذات المنطلق، رحبت مصر بوضع أسبوع القاهرة للمياه، فى دورتيه الرابعة الحالية والمقبلة فى أكتوبر 2022 على مسار عقد المياه الأممى لفتح نقاش موسع شامل بين مختلف أصحاب المصلحة: من الحكومات والمجتمع المدنى، والخبراء والأكاديميين، والمرأة والشباب وذلك بهدف دفع الجهود الدولية الرامية لمواجهة التحديات المائية خاصة ما يتعلق بندرة المياه وتأمين وصول الإنسان إليها وتعزيز التعاون العابر للحدود بغرض بناء أطر تكاملية ترسخ الاستقرار الإقليمى، على أسس المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة.
على الصعيد الوطنى، تؤمن مصر إيمانًا راسخا بأن دفع جهود التنمية يعد شرطًا أساسيًا لتعزيز السلم والأمن الدوليين، وإقامة نظام عالمى مستقر ولقد تبنينا الرؤية الشاملة “مصر 2030” فى برنامج وطنى طموح يخاطب كافة مناحى الحياة وأولينا فيه أولوية قصوى للهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المعنى بالمياه كما وضعت مصر الخطة الاستراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037 بتكلفة تقديرية مبدئية “50” مليار دولار وقد تتضاعف هذه التكلفة نتيجة لمعدلات التنفيذ الحالية حيث ترتكز الخطة على أربعة محاور رئيسية:
أولًا – تحسين نوعية المياه ومنها إنشاء محطات المعالجة الثنائية والثلاثية.
ثانيًا – تنمية موارد مائية جديدة حيث شهدت الفترة الماضية، اتجاهًا وطنيًا متناميًا، لتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر.
ثالثًا – ترشيد استخدام الموارد المائية المتاحة، ورفع كفاءة منظومة الرى المصرية حيث تبنت الدولة مشروعًا قوميًا لتبطين الترع، والتحول لنظم الرى الحديثة بغرض تحقيق أقصى استفادة ممكنة من مواردنا المائية المحدودة.
رابعًا – تهيئة البيئة المناسبة، بما يتماشى مع برامج العمل والمشروعات المائية وذلك من خلال التطوير التشريعى والمؤسسى وزيادة وعى المواطنين بأهمية ترشيد المياه، والحفاظ عليها من كافة أشكال الهدر والتلوث.
وتخطو مصر هذه الخطوات، فى مواجهة تحديات جمة ومركبة فنصيب الفرد من المياه فى مصر لا يتجاوز “560” مترًا مكعبًا سنويًا فى الوقت الذى عرفت الأمم المتحدة الفقر المائى، على أنه “1000” متر مكعب من المياه، للفرد فى السنة كما أن مصر هى أكثر الدول جفافًا فى العالم بأقل معدل لهطول الأمطار بين سائر الدول مما يؤدى للاعتماد بشكل شبه حصرى، على مياه نهر النيل، التى تأتى من خـارج الحـدود لذا تضع هذه المعادلة المائية الصعبة، حالة مصر كنموذج مبكر، لما يمكن أن يصبح عليه الوضع فى العديد من بلدان العالم، خلال المستقبل القريب مع استمرار تحديات الندرة المائية وعدم التمكن من تكريس التنسيق والتعاون العابر للحدود على نحو يتسم بالفعالية، وفقًا لقواعد القانون الدولى ذات الصلة.
وفى هذا الصدد، يتابع الشعب المصرى عن كثب، تطورات ملف سد النهضة الإثيوبى وأود أن أؤكد تطلعنا للتوصل فى أقرب وقت – وبلا مزيد من الإبطاء – لاتفاقية متوازنة وملزمة قانونًا فى هذا الشأن اتساقًا مع البيان الرئاسى الذى أصدره مجلس الأمن فى سبتمبر 2021 بما من شأنه تحقيق أهداف إثيوبيا التنموية وهى الأهداف التى نتفهمها، بل وندعمها وبما يحد فى الوقت ذاته، من الأضرار المائية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية، لهذا السد على مصر والسودان وذلك على أساس من احترام قواعد القانون الدولى وعلى النحو الذى يكرس التعاون والتنسيق.
ختامًا، أود أن أؤكد على أهمية إعلاء مبادئ التعاون والتضامن الدولى بما من شأنه، تمكين شعوبنا من مواجهة التحديات العالمية الراهنة، اتصالًا بموضوعات المياه حتى ننجح فى مواجهتها بالتعاون معًا ونتفادى أن نقع فى براثن التناحر حولها فلا يخرج منا أحد فائزًا، فى صراع متهور حول مصدر الحياة الواجب توفيره لكل إنسان دون تفرقة.
لذا أدعوكم جميعًا، إلى الانخراط على نحو بناء، يتسم بالموضوعية والشفافية، فى فعاليات الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للمياه وإطلاق حوارات معمقة تتناول مختلف أبعاد قضايا المياه بما فى ذلك جوانبها الفنية والسياسية والقانونية والبيئية والتنموية والاقتصادية.
كما أرجو أيضًا، أن تتيح نقاشاتكم مزيدًا من تطوير المفاهيم والمبادئ، ذات الصلة بتعزيز الإدارة الرشيدة والمستدامة للموارد المائية وحث الدول التى تشاطئ الأنهار الدولية، على إعلاء قيم التكامل والمشاركة وتفعيل قواعد العدالة والإنصاف، وعدم الإضرار بمصالح جيرانها.
وأؤكد لكم أن مصر لن تدخر جهدًا، فى دفع أجندة المياه فى الأمم المتحدة والمحافل متعددة الأطراف وتأمين حصولها على الاهتمام اللازم، الذى يتسق مع قيمة المياه، التى لا تقدر بثمن والتى ترتبط ببقاء الإنسان وحياة الشعوب بأسره