من هو يائير لابيد المُكلف الجديد بتشكيل الحكومة الإسرائيلية خلفا لنتنياهو ؟

كتب: محمد حسين

شهران من المفاوضات وصلت في النهاية إلى طريق مسدود، انتهت عنده المهلة القانونية الممنوحة لبنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل السابق، لتشكيل الحكومة، وأعلن بعدها الأخير فشله فى تشكيل الحكومة الإسرائلية، ورد التكليف إلى رئيس الكيان، رؤوفين ريفلين، فاستدعى الأخير يائير لابيد، وكلف من فوره بتشكيل الحكومة.. والسؤال الذى لابد أن نبحث له عن إجابة: من هو يائير لابيد، رئيس الوزراء الإسرائيلى المحتمل ؟

يهمك.. الفشل يلاحق نتنياهو في تشكيل حكومة لإسرائيل.. ورئيس الكيان في مأزق

أحدث مشهد، فى الحياة السياسية لـ “يائير لابيد” أنه زعيم حزب “هناك مستقبل”، وإذا ما عدنا إلى الوراء على طريقة “فلاش باك” نجد أن يائير لابيد ولد عام 1963 في تل أبيب لأب يدعى يوسف لبيد، صحفيا، وأمه شلوميت لبيد، روائية وكاتبة مسرحية وشاعرة، وفى طفولته وصباه عاش متنقلا بين لندن تل أبيب.

تخرج فى مدرسة الـ “جيمناسيا” العبرية في مدينة هرتلسيا، ووصفه أبوه بأنه كان شاباً متمرداً، هرب من منزل الأسرة، وتعلم كيف يسكن وحده في ظروف صعبة، وأعلن الأبوين اليأس من السيطرة على الأبن الشاب حتى التحق بجيش الدفاع الإسرائيلي، وعرف عنه فى شبابه أنه من هواة الملاكمة.

له شقيقتان، ميخال دوربان، وماتت في حادث طريق عام 1984، والثانية، ميراف، تعمل أخصائية في علم النفس الإكلينيكي.

تزوج مرتين الأولى في منتصف الثمانينيات من سيدة تدعى تمار ورُزق بمولود ذكر، وفي سنوات التسعينيات تزوج ثانية من المصورة ليهي لبيد، ورزقا بابن وابنة.

على الرغم من تمرده على أسرته إلا أن الجينات التى ورثها عن أبويه كان لها الدور الأكبر في تشكيل أفكاره ونمط حياته، وحتى  مستقبله السياسي، أمه الأديبة، وأبوه، الصحفى العلمانى المشهور بعدائه الشديد للأحزاب اليمينية، وعلى نفس الخطى سار لابيد، فعمل صحافيًا في كبريات الصحف الإسرائيلية مثل: “معاريف و”يديعوت أحرونوت”، وجرَّب كتابة الأغاني وكتابة السيناريو وحتى التمثيل، وصدرت له بعض الروايات، ودخل مجال الإعلام، وصار من أهم مقدمي البرامج التلفزيونية الحوارية في إسرائيل، ما أكسبه شعبية كبيرة في المجتمع الإسرائيلي.

عام 2011، اجتاحت إسرائيل سلسلة من الاحتجاجات تطالب بإصلاحات اقتصادية واجتماعية، ومعها غادر لابيد مجال الإعلام لينخرط فى عالم السياسة، ويشكل في مطلع عام 2012 حزب “يش عتيد”، ومعناها: “هناك مستقبل”، ومنذ خوضه العمل السياسي، صار منافسا قويا لبنيامين نتنياهو على رئاسة الوزراء.

وبعد أن خاض حزبه انتخابات 2013 وحصل على 19 مقعداً، تمكن من الدخول بقوة في ائتلاف مع بنيامين نتنياهو وحزبه الليكود، واشغال منصب وزير المالية وإدارة حزبه لوزارة التربية والتعليم وغيرها، وفي هذه الدورة قام بالتنسيق مع الحزب اليميني المتطرف “البيت اليهودي” ورئيسه نفتالي بينيت، حيث وقفا سدًا ضد “الهريديم”، ومنعا وصولهم إلى الحكومة.

 وفي فترة ولايته في وزارة المالية تم انتقاده لعدم تطبيقه وعوده الانتخابية واستمرار ارتفاع اسعار السكن، وغلاء المعيشة.

 حكومة نتنياهو ، بينت ولبيد لم تعمر طويلاً وأعلن عن حلها في 1 ديسمبر 2014، وفي الانتخابات اللاحقة للكنيست العشرين والتي اجريت في 17 مارس 2015، تلقّى حزبه في انتخابات عام 2015 صفعة انتخابية حيث فقد سبعة مقاعد دفعة واحدة فى “الكنيست” وتراجع حزبه إلى 11 مقعدًا فعاد لابيد إلى صفوف المعارضة.

 عام 2019 دخل فى تحالف مع بيني جانتس، الجنرال الوافد على السياسة الإسرائيلية، وسمي التحالف بـ “أزرق أبيض”، ولكن جانتس لاحقًا انضمّ لحكومة نتنياهو وبذلك خرج لابيد من هذا التحالف.

من المعروف أن حزب ” هناك مستقبل “، الذى يتزعمه لابيد، يتبنى أجندة علمانية وليبرالية وحامية للاستيطان، ويعادي اليمينيين المتدينين “الهريديم”، ويرفض تقسيم القدس ويؤيد إبقاءها عاصمةً موحّدةً لإسرائيل دون الفلسطينيين، وينصُّ برنامج حزبه على الدعوة إلى “حل الدولتين”، ولكنه حل دولتين مُفرغ من معناه، إذ يؤيّد لابيد إبقاء المستوطنات الإسرائيلية المتجاوزة لحدود عام 1967، ويوافق على دولة فلسطينية شريطة أن تكون بلا سلاح أو سيادة كاملة، ومثل بقية الساسة الإسرائيليين هدفه الأول تعزيز أمن إسرائيل على حساب أي شيء آخر، وفي هذا الشأن يصفُ نفسه بأنه “صقر أمني”، أما قضية اللاجئين فيمكنُ حلها، في نظر الحزب، بدفع تعويضات مالية للمُهجّرين مع إسقاط حق العودة.

فى أحدث انتخابات التى جرت فى شهر مارس الماضى من هذا العام 2021 حصل حزب لابيد، “هناك مستقبل”، على 17 مقعدًا ليحل ثانيًا بعد “الليكود.”

والآن، وبعد فشل نتنياهو في تشكيل ائتلاف حكومي، فوَّض الرئيس الإسرائيلي لابيد، ليحاول تشكيل تحالف عابر للتيارات السياسية المختلفة، هدفه الإطاحة ببنيامين نتنياهو من المنصب الذي تشبّث به أكثر من 12 عامًا متصلة، في أطول مدة لرئيس وزراء في منصبه في تاريخ إسرائيل.

زر الذهاب إلى الأعلى