د. ناجح إبراهيم يكتب: فى ذكرى النبوة العطرة
هل تعلم أنك أخ لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. نعم أنت أخ له إذا كنت تؤمن به وأنت لم تره، مصداقا لما روى عنه صلى الله عليه وسلم إنه قال: “إخوانى الذين آمنوا بى ولم يرونى”.
وفى هذا المقال المنشور قبل فى جريدة “المصرى اليوم” بعنوان: “فى ذكرى النبوة العطرة”، يأخذ الدكتور ناجح إبراهيم القارىء فى رحلة سريعة عبر السيرة العطرة، ويقف معه على شاطىء بحر النبوة الملىء بالأسرار.. فسلاما وصلاة عليكى يارسول الله.
وفى التالى نص المقال:
■ يا سيدى يا رسول الله، لسنا نحن من يحيى ذكراك، ولكن ذكراك هى التى تحيينا وتبث الأمل فينا، وتجدد فى عروقنا عزمات الإيمان واليقين، يا سيدى نحن مدينون لك بحياتنا.
■ قال الرسول، صلى الله عليه وسلم، لأصحابه يومًا: «وددت أنى لو لقيت إخوانى، فقالوا: أَوَلسنا إخوانك يا رسول الله؟ فقال: لا، أنتم أصحابى، ولكن إخوانى الذين آمنوا بى ولم يرونى».
…………………………………………………………………………………………………………………………………………………
طالع المزيد| د. ناجح إبراهيم يكتب: الحب مذهبي والرسل قدوتي
رشا ضاحى تكتب: رحلة مع أسماء الله الحسنى (22).. الرؤوف
أسماء خليل تكتب: قدماء مصريين سنة ٢٠٢٠
…………………………………………………………………………………………………………………………………………………
■ كلما قرأنا هذه الكلمات نشعر بالفخر والأمل، هذه الكلمات تغزو قلوبنا بقوة، فتحول صحراء حياتنا الجرداء إلى واحة خضراء مملوءة بثمار الشوق المتبادل بيننا وبين الرسول الكريم، ما أجملك وأرحمك يا رسول الله، تشتاق إلينا وتتمنى رؤيتنا ولقاءنا رغم علمك بما يكتنف أجيالنا من أخطاء وهنات وذنوب، كأنك تشعر بقلوبنا التى تحبك، وكأنك تقرؤنا منذ مئات السنين، قلبك موصول بنا قبل أن نتواصل معك، فى ذكرى مولدك نجدد الشوق إلى لقائك، ونجدد العهد على محبتك إن لم نقدر على كامل طاعتك أو السير بعزم فى طريقك، منحتنا الشوق الأول ونحن فى شوق متواصل إليك.
■ إذا مررت فى شوارع الإسكندرية فى يوم مولد النبى ستجد أكواب الشربات الأحمر الممزوج بقطع الموز تأتيك فى كل حارة أو شارع تمر به، وفى إشارات المرور، ويوزع الأطفال هذه الأكواب كذلك على المحال والسيارات، وقد سعدت هذا العام بصعود طفلين من الشارع إلى عيادتى وهما يحملان هذه الأكواب ففرحت بهما وبالنبى وبذكراه المتجددة التى لا تخبو أبدًا، قلت لنفسى: لو لم يكن فى هذا الشعب الطيب سوى هذا الحب الجارف للنبى الكريم لكفاه، وليعش مع معنى الحديث العظيم الذى قاله الرسول لأحد الصحابة: «أنت مع من أحببت يوم القيامة»، اللهم إنا نحبك ونحب رسولك وجميع أنبيائك وأبا بكر وعمر والصحابة أجمعين، ونرجو أن نكون معهم وإن لم نعمل بعملهم.
■ «النَّبىُّ أوْلَى بالمُؤْمِنِينَ مِنْ أنفُسهِمْ» لأن أنفسهم قد تأمرهم بالجهل أو الفحشاء أو المنكر أو الهوى أو الظلم، ولكن النبى يأمرهم بالعفة والعفاف والمعروف والحق والعدل، فهو أرفق وأرحم بهم من أنفسهم، معنى رائع لو تدبرناه جيدًا.
■ من أجمل ما قاله العلامة الرافعى: «عجيب أن يجهل المسلمون حكمة ذكر النبى العظيم خمس مرات فى الأذان يوميًا، حيث ينادى باسمه الشريف ملء الآفاق، وكذلك فى كل صلاة أو نافلة يهمس باسمه الكريم ملء النفس، وذلك حتى لا ينقطعوا عن نبيهم ولا يومًا واحدًا ولا جزءًا من التاريخ»، وصدق والله، فالأمة دون نبيها ورسالته لا تساوى صفرًا.
■ ضع اللغات كلها فى فم المحب، فإن خفقة واحدة من قلبه ستجعلها كلها بلا تأثير كأنها صمتٌ ناطقٌ، هذه رائعة الرافعى خبرتها فى حياتى، فالحب أبلغ من أى كلام إذا وصل من القلب للقلوب، والرسل جميعًا جاءوا بالحب والرحمة مع التوحيد.
■ «يسرع الناس فى صلاتهم بشكل عجيب، لو أن هناك مخالفات على السرعة فى الصلاة لسحبت من أكثرية المصلين الرخص، ولذا يخرج معظمهم من الصلاة دون أن يستفيد منها شيئًا»، من كلمات د. إبراهيم الفقى، ويصدق هذا قول النبى للذى فعل مثل ذلك عدة مرات: «صلِّ فإنك لم تصلِّ».
■ من روائع الرافعى قوله: «ما ارتفعت المآذن إلا ليعتاد المسلمون رفع الصوت فى الحق»، حقًا إنه تعويد على الصدع بالحق والجهر به.
■ لم أجد فى معظم القنوات فى ذكرى المولد النبوى برنامجًا واحدًا جيدًا عن النبى، صلى الله عليه وسلم، يتناول أى جانب من حياته، ومعظم البرامج أتت فقط بمنشدين، وهذا جيد ولكنه لا يكفى، أما المساجد فالدعوة فيها باهتة ولا روح فيها، الخلاصة أن الدعوة الإسلامية تكاد تكون فى غرفة الإنعاش، وانشغل الجميع بمهرجان الجونة وفساتينه وأزيائه عن رسول الله وذكراه، حتى العلماء الكبار الذين ودعوا الحياة فى مثل هذه الأيام لم يحظوا بأى ذكر فى هذه القنوات، وعلى رأسهم د. منى المهدى، أسطورة العطاء فى علم الصيدلة والعطاء الإنسانى، ورائدة علم الصيدلة الإكلينيكية، علماء مصر العظام دومًا فى دائرة النسيان.
■ من أهم كلمات د. جولد تسيهر: «الحق أن محمدًا كان بلاشك أول مصلح حقيقى فى الشعب العربى من الوجهة التاريخية». أما الأديب العالمى تولستوى فقال: «يكفى محمدًا فخرًا أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقى والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة».
■ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تجسسوا ولا تحسسوا»، وبدلًا من التطفل على خصوصيات الآخرين حاول التطفل على المناطق المظلمة فى عقلك التى لم تحظَ بنعمة الفهم حتى اليوم، كما يقول د. إبراهيم الفقى.
■ أحب محمدًا المكسور للخالق، أحب محمدًا الطاهر، أحب محمدًا القائد، أحمد محمدًا الزاهد، أحب محمدًا الرحمة، أحب محمدًا الطيب، أحب محمدًا الإنسان، إذ يأسى وإذ يفرح، أحب محمدًا فى الغار ينتظر، هنا جبريل وغيث بكارة التنزيل، وأول أحرف جاءت من الترتيل، وتقديسًا له قد جاء فى القرآن والتوراة والإنجيل، أحب محمدًا طفلًا بصدر «خديجة» يبكى من الخوف، تدثره خديجته بدمع الحب والتدليل.