د. أيمن غندور يكتب: الحماية الجنائية لأسرار الدفاع
فى ظل الإعلام المفتوح وظهور إعلام وسائل التواصل الاجتماعى والذى أصبح فيه المواطن صحفياً ، نلاحظ قيام بعض الأشخاص ممن يدعون قربهم من مراكز صنع القرار وأجهزة الدولة بنشر أخبار عن المعلومات الحربية والسياسية الدبلوماسية والاقتصادية والصناعية والأشياء والمحررات والرسوم والخرائط الخاصة بالدفاع عن البلاد ، والأخبار والمعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة. وكذلك الأخبار المتعلقة بعمل ونشاط جهاز المخابرات العامة ، دون الحصول على إذن بذلك ، ولا شك أن ذلك يمثل انتهاكا لأسرار الدفاع وخطراً على الأمن القومى للدولة ، ومن أجل تحقيق ذلك يسعى هؤلاء الأشخاص إلى الحصول على هذه الأسرار ، ويمثل وجود أسرار الدفاع فى حوزة غير المكلفين بالحفاظ عليها خطراً يتمثل فى خشية أن يتم تسليمها لدولة أجنبية ؛ لذلك عاقب المشرع على مجرد الحصول على أسرار الدفاع بوسيلة غير مشروعة على أسرار الدفاع أو إذاعتها .
ورغبة من المشرع فى مواجهة التطور التقنى واستخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعى فى ارتكاب هذه الجرائم ، وقيام بعض الأفراد تحت مظلة حقوقية بجمع المعلومات عن القوات المسلحة وعملياتها فى سيناء وإرسال هذه المعلومات فى صورة تقارير حقوقية إلى الخارج ، مما يعرض الأمن القومى للخطر الكبير ، أقر مجلس النواب خلال جلسته العامة الاثنين الماضى ، بشكل نهائي، تعديلا جديدا على قانون العقوبات، لتغليظ عقوبة جرائم إفشاء أسرار الدفاع عن الدولة .
حيث تضمن مشروع القانون أربعة تعديلات على نص المادة (80/أ) من قانون العقوبات ، وتتمثل ملامح التعديل فى الآتى :
أولا – تغليظ عقوبة الغرامة فقط مع الإبقاء على العقوبة السالبة للحرية الحبس كما هى الحبس من 6 أشهر إلى 5 سنوات، وزيادة الغرامة غرامة من 100 إلى 5000 ومن 500 جنيه إلى 50000 .
ثانيا – كما تضمن التعديل استحداث جريمة : “القيام بجمع الاستبيانات أو الإحصائيات أو إجراء الدراسات لأي معلومات أو بيانات تتعلق بالقوات المسلحة أو مهامها أو أفرادها الحاليين أو السابقين بسبب وظيفتهم دون تصريح كتابي من وزارة الدفاع”. لتضاف إلى صور الجريمة الأخرى المتمثلة فى : – الحصول بأية وسيلة غير مشروعة على على سر من أسرار الدفاع عن البلاد، دون قصد تسليمه أو إفشائه لدولة أجنبية أو تسليمه أو إفشائه لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها ، إذاعة سر من أسرار الدفاع عن البلاد بأية طريقة ، – تنظيم أو استعمال أية وسيلة من وسائل التراسل بقصد الحصول على سر من أسرار الدفاع عن البلاد أو تسليمه أو إذاعته.
ثالثا: قرر المشرع ظروفاً مشددة للعقوبة فضلاً عن ظرف زمن الحرب الذى كان منصواً عليه من قبل ، فشدد العقوبة “إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب، أو باستعمال وسيلة من وسائل الخداع أو الغش أو التخفي أو إخفاء الشخصية أو الجنسية أو المهنة أو الصفة، أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، أو كان الجاني من ضباط القوات المسلحة أو أحد أفرادها أو من العاملين المدنيين لديها”.
اقرأ أيضا.. لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: قادة وعظماء حرب أكتوبر 73
رابعا: استحدث المشرع العقاب على الشروع فى الجريمة بالعقوبة المقررة للجريمة التامة ، ولم يكن معاقبا عليه فى النص القديم .
وقد حددت المادة (85) من قانون العقوبات المقصود بأسرار الد فاع بقولها
يعتبر سراً من أسرار الدفاع : (1) المعلومات الحربية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والصناعية التي بحكم طبيعتها لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة في ذلك ويجب مراعاة لمصلحة الدفاع عن البلاد أن تبقى سراً على من عدا هؤلاء الأشخاص. (2) الأشياء والمكاتبات والمحررات والوثائق والرسوم والخرائط والتصميمات والصور وغيرها من الأشياء التي يجب لمصلحة الدفاع عن البلاد ألا يعلم بها إلا من يناط بهم حفظها أو استعمالها والتي يجب أن تبقى سراً على من عداهم خشية أن تؤدي إلى إفشاء معلومات مما أشير إليه في الفقرة السابقة.
(3)الأخبار والمعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة وتشكيلاتها وتحركاتها وعتادها وتموينها وأفرادها وبصفة عامة كل ما له مساس بالشئون العسكرية والإستراتيجية ولم يكن قد صدر إذن كتابي من القيادة العامة للقوات المسلحة بنشره أو إذاعته. (4) الأخبار والمعلومات المتعلقة بالتدابير والإجراءات التي تتخذ لكشف الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب أو تحقيقها أو محاكمة مرتكبيها ومع ذلك فيجوز للمحكمة التي تتولى المحاكمة أن تأذن بإذاعة ما تراه من مجرياتها.
كما يعد سراً من أسرار الدفاع طبقا للمادة 70 من قانون المخابرات العامة : الأخبار والمعلومات والبيانات والوثائق المتعلقة بالمخابرات العامة ونشاطها وأسلوب عملها ووسائله وأفرادها وكل ما له مساس بشئونها ومهامها فى المحافظة على سلامة وأمن الدولة وحفظ كيان نظامها السياسى ما لم يكن قد صدر إذن كتابى من رئيس المخابرات العامة بنشره أو إذاعته.