طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (5)

عندما ذهبت إلى المكتب اليوم وجدت جمال السكرتير قد حضر مبكرا كعادته ثم سرعان ماحضر الأستاذ منصف واستدعاه على الفور إلى مكتبه وأخذ يسأله عن سرقة الهواتف فى اليوم السابق وجمال يبدى علامات الإندهاش بسبب الحادث ينفى بشدة وانفة علاقته بالأمر والأستاذ منصف يحاول أن يستنطقه.
حتى حدث مالم يكن يتوقعه أحد ! دخل شخص إلى المكتب يسأل عن جمال وما أن رآه جمال حتى اصفر وجهه وارتبك ارتباكا شديدا وكان هذا الشخص يسأل عن جمال ويحمل فى يده هاتف من الهواتف المسروقة يبدو أنه اشتراه منه دون علمه بالسرقة ‘ جاء يشتكى إليه أن الهاتف لا يعمل ويريد إعادته له واسترداد أمواله ‘ هكذا نزلت صاعقة على جمال أمام المكتب كله ‘ طلب منه المدير أن يحضر بقية الهواتف فى هدوء دون أن يبلغ الشرطة تجنبا للفضيحة ‘ بالفعل ذهب جمال وأحضر بقية الهواتف فى خلال ساعة وتم طرده من العمل بالشركة وانتهت المسألة .

طالع المزيد| طارق متولى يكتب: « يوميات زومبى » (3)

طارق متولى يكتب: «يوميات زومبى» (4)

لم أشعر بالشفقة على جمال فلا يوجد اى مبرر لفعله هذا، فالإختبار الأكبر فى الحياة عندما تدفعك كل الظروف والأشياء إلى الخطأ ويكون عليك الإختيار أما الإستسلام والوقوع فى الخطأ وأما المقاومة والتمسك بالصواب.
جلسنا بعض الوقت نتندر على الواقعة وملابستها ثم ما لبث أن انشغل كل فى عمله .
بعد ذلك دخلت المكتب فتاة فى غاية الجمال والأناقة لفتت أنظار الجميع خصوصا جلال صديقنا العزيز الذى كان لديه اعتقاد راسخ أنه ساحر النساء بنظراته التائهة التى كانت تتعجب منها الزميلات فى المكتب وتعتقد أنه يشكو من مرض ما واحيانا يسألوه مالك انت بتعمل كده ليه عندما ينظر إليهم بطريقة غريبة ؟
دخلت الفتاة الجميلة إلى غرفة المدير لمقابلته بعدها خرج معها ليعرفنا بها جميعا كنا حوالى ستة موظفين عرفنا أنها مندوبة لشركة تأمين صحى جلست مع كل واحد منا على حده حوالى من خمسة إلى عشرة دقائق عايز اقولكم أنها فى خلال نصف ساعة جعلتنا جميعا نشترى وثيقة تأمين بالف جنيه لكل واحد وكأنها سحرتنا !! ماعدا شخص واحد هو زميلنا سالم الذى كان معروف بحرصه الشديد ولا يمكن بأى حال من الأحوال ولا لأى سبب من الأسباب أن ينفق من ماله شىء فجرت بينه وبين الفتاة معركة حوارية حاولت فيها الفتاة أن تقنعه بالتأمين ودفع مبلغ ألف جنيه لكنها انتهت بانتصاره بالطبع حتى أن الفتاة كادت تعطيه بعض المال كمساعدة .
فى المساء لم يكن لدى اى ارتباطات ذهبت لأجلس بعض الوقت مع أصدقاء المقهى المحترفين نتسامر ونضحك مع نذير الذى أتى اليه ابنه الصغير فى بداية المرحلة الثانوية وقال له عمو حمدى بيقولك المرسال الذى بينك وبينه حمار فنهره أبوه وقال له ضحك عليك يا حمار وانفجر الجالسون فى الضحك وحمدى هذا صديق اخر من الحى اعتاد هو ونذير المزاح وعمل المقالب مع بعضهما البعض .
أيضا من الشخصيات الجميلة المسلية كان يجلس معنا السيد عمر وهو يكبرنا بسنوات كان بمثابة اب لنا لكنه كان دائما يحكى لنا عن نفسه وشبابه فقد كان صاحب مصنع للأحذية وكانت حكاياته مسلية وخيالية إلى أبعد الحدود اذكر منها أنه قال لنا أنه تزوج من فنانة شهيرة فى شبابه وأنه كان يأكل عدد سبعون زوج حمام فى الوجبة الواحدة
وأنه عندما سافر مرة إلى أوروبا اشترى علبة شيكولاتة بما يعادل خمسين ألف جنيه وكان بعض الجالسين البسطاء يصدقه ويبدى إعجابه به وبمغامراته .
بعد حوالى ساعة ونصف استأذنت من الجميع وهم يتعجبوا من أننى اتركهم للعودة مبكرا إلى المنزل فالعاشرة مساءا بالنسبة لهم وقت مبكر للعودة إلى المنزل وهم الذين اعتادوا مغادرة المقهى كل يوم فى الواحدة أو الثانية صباحا ‘ عدت إلى المنزل لأستعد للنوم
ومحاولة النوم فى ظل ضوضاء عامل الأنابيب الذى لا زال يتجول فى الشارع ويطرق بالمفتاح الحديدى على الأنابيب التى يحملها على أحد الموتوسيكلات ‘
وصوت عربات النقل الثقيل التى تنقل الرمل والحديد والأسمنت لأحد مواقع البناء القريب من بيتنا ولا اعرف السر فى أنهم يفعلون ذلك بالليل ولا يفعلونه بالنهار ‘ تذكرت صديقى عبد الهادى الذى سافر إلى سويسرا وكان فى يوم يحدث عائلته هاتفيا فى مصر فى وقت متأخر من الليل بتوقيت سويسرا فلم يلبث أن وجد البوليس السويسرى يطرق بابه ويحرر له محضر لأنه يتحدث بصوت مرتفع فى الهاتف مما تسبب فى إزعاج الجيران .

زر الذهاب إلى الأعلى