البعض يحبونها أكثر من أولادهم.. ماذا يقول علم النفس فى عشق الساحرة المستديرة؟!

- د. إيمان عبدالله: كرة القدم لعبة ذكورية فى طريقة لعبها وزيها الرسمي - الولد يجد نفسه منذ صغره في صحبة وتحقق له لعبة الكرة الاندماج مع الجماعة

كتبت: أسماء خليل

ينس البعض وخاصة من الرجال أنها مجرد لعبة، ويذهب آخرون فى عشقها إلى درجة تفضيلها على أولادهم وزوجاتهم، وقد يضحى بعض الغر من الشباب بأرواحهم من أجلها، ورأينا هذا كثيرا فى حوادث الملاعب، ومن لم يرى، بالتأكيد سمع أو عرف بمن أصيب بأزمة قلبية على أثر صدمة إحراز هدف فى شباك الفريق الذى يشجعه، أو ضياع بطولة منه.. كم هى مجنونة هذه الساحرة المستديرة، ولا أعقل منها عشاقها ومشجعيها.. عن كرة القدم نتحدث

د. إيمان عبد الله
د. إيمان عبد الله

والمقدمات دائما ما تقود إلى أسئلة، وأسئلتنا هنا: كيف يصل إنسان لتلك الدرجة من الارتباط العاطفى بلعبة؟!.. وما هي أسباب ذلك؟!.. هل يعود الأمر لسطحية المشجع، أم لعمق فلسفي لا يدركه كثيرون؟!

لعبة ذكورية

توضح الدكتورة، إيمان عبدالله، أستاذ علم النفس وخبيرة الإرشاد الأسرى لـ“بيان” الأمر، وتبدأ بالتأكيد على أن كرة القدم لعبة ذكورية – في المقام الأول – من حيث طريقة لعبها وزيها الرسمي، وتشير إلى شيء في غاية الأهمية، الا وهو أن الأمهات أثناء تنشئتهم لأبنائهم الذكور، ما تبرح الإلتجاءً للشارع لكونه الملاذ الذي يخلصهن من ضجيجهم، وتعطي إياهم “كرة”، وبالتوازي يجد الأولاد في تلك اللعبة الحرية والتحرر من قيود الأبوين وأعباء المذاكرة، وعلي النقيض تلعب البنات بالعرائس و“توك الشعر”..

اندماج جماعي

وتوضح أن الولد يجد نفسه منذ صغره في صحبة، يحب ذلك وتحقق له لعبة الكرة شيئًا في نفسه بالاندماج مع الجماعة، فالطفل بالنسبة له اللعب حياة، حيث إن الصبيان بطبعهم كائنات متحركة ونشطة، إن الكرة بالنسبة للصبية متعة وهي أعظم هدية يمكن إعطائها لصبي، وعلى النقيض ترى البنات في تلك اللعبة تفاهة وحماقة لتمسك الصبية بها.. إنها تراها قطعة ولكنهم يرونها الكنز.. الحياة!.

طالع المزيد|  خبيرة إرشاد أسرى: «فى المدارس الأدب فضلوه عن العلم»

بهذا المبلغ.. مو صلاح يحتل المركز الخامس في قائمة لاعبي كرة القدم الأعلى دخلا

الخطيب «فرحان».. هنأ منظومة فريق الكرة الأول ورفع عقوبات خسارة بطولة السوبر

وتشير أستاذ علم النفس، أن الدافع الرئيسي وراء عشق الرجال لكرة القدم هو كونها لعبة “جماعية”، وحينما يصل الشاب الصغير إلى  المرحلة الإعدادية والثانوية؛ فإن الأسرة تأمره بعدم النزول إلى النادي أو الشارع لممارسة لعبته المفضلة، وهو يعشق الالتقاء بأصحابه واللعب معهم؛ فيكون البديل هو “المشاهدة” وبشراهة، فيجدها تعويضًا عن فقدانه للمشاركة في اللعب، وهنا ندرك الأمر حيث أن من تعود على شيء اعتاد عليه وصار منهجا و قاموسا لحياته، فيكبر المرء على تلك الحالة من حب وتشجيع الكرة.. كما أن الألعاب الرياضية تمنح الإنسان شخصية وتقدير للذات.

أمان بالغربة

وتكمل استشاري الإرشاد الأسرى، أنه إذا كان الإنسان غريبًا في بلدٍ ما وراى من هو من بلده، فتُراهُ يحتضنه بشوق ويشعر معه بالانتماء، كذلك أصحاب نفس الفريق بلونه المعهود يشعرون بالراحة النفسية مع مشجعي نفس فريقهم ويشعرون معهم بالأمان، فيفرض اللاشعور لدى الشخص المشجع أن يحترم من هو يرتدي نفس لون فريقه، وكذلك بشكل لاشعوري يبدأ المشجع في المبالغة في سمات الفريق الذي تنتمى له جماعته، فنبدأ سماع كلمات مثل أن هذا الفريق عريق..لا يخسر أبدا.. نادي القرن، وبالتالي يتم التقليل من شأن الفريق الآخر، وهناك ارتباط وثيق بين تحسن مزاج الشخص وتحسن صورة فريقه أمام العامة.

وتؤكد عبد الله، أن تبادل التبريكات يقوي الصلات لدى المجموعة ويقوي روح المرح والمنافسة، فتشبع أغراضه الشخصية، إن الكرة لها ارتباط اجتماعي وثيق بمشجعيها، الكرة لعبة سياسية حيث إنها تربط الشعوب بعضها البعض، وتقرب الناس من بعضها، إنها تصنع تزامنًا عاطفيًا بينها وبين الإنسان، ولا يوجد أي نشاط بالعالم يُضاهي ما تمنحه كرة القدم لمشجعيها من حيث المتعة والإثارة والترويح عن النفس والمنافسة وروح الفريق.

ازدواجية بالمشاعر

وترى أستاذ علم النفس أن كرة القدم هي الكرة ذات المشاعر الازدواجية، حيث تختلط الحالة الروحية بين المكسب والخسارة.. التناقض بين قمة الحزن حين يخسر الفريق وقمة السعادة حين يربح الفريق، إنها تقرب الروابط الشخصية والألفة، إنها من الطقوس الرجالية، لأن الرجل أقوى بدنيا وكذلك يحب تقوية جسده، ولكن ألعاب المرأة أكثر رقة.. إنها فرصة للهروب من أعباء العمل والمنزل وكذلك ملاقاة الأصدقاء والأقارب.

الحزن على الهزيمة
الحزن على الهزيمة
الفرحة عند الانتصار
الفرحة عند الانتصار

كما توضح الدكتورة إيمان حقيقة عشق الرجال لتلك اللعبة أكثر من أي شيء بالحياة، حيث أن الكثير من الشباب يرى أن أهله قاموا بمنعه من أن يكون يومًا حارس مرمى أو لاعب كبير؛ لذلك تُراه يأخذ نفس موقف اللاعب فيشعر بأنه هو من يلعب بحق ويستبدل الأدوار، ومن هنا يأتي التعصب أثناء المشاهدة.

وأخيرًا

إذا كان الإنسان رسخ في داخله أن الحياة هي أعظم شيء يمتلكه حتى قيام الساعة، فلا عجب أن يعشق الرجال تلك الساحرة المُستديرة أكثر من ذويهم، فهي تمثل لهم الحياة.. فهل هناك من شخص يعشق شيئًا أكثر من عشقه للحياة!.

زر الذهاب إلى الأعلى