عيد الجهاد .. (١٠٣) عام على شرارة النضال من أجل الحصول على الاستقلال

كتب- أحمد الخطيب

يحتفل حزب الوفد كل عام في الثالث عشر من نوفمبر بذكرى عيد الجهاد الوطني، ويقترن احتفال الوفد بهذا اليوم -عيد الجهاد- بالزعيم خالد الذكر سعد باشا زغلول، وهو ذكرى أول مواجهة بين الشعب المصري والاحتلال البريطاني.

اقرأ أيضا.. النائب طارق تهامي: وفد الجيزة ينظم كأس المستشار بهاء أبو شقة لكرة القدم

سبب عيد الجهاد

يرجع عيد الجهاد لعام ١٩١٨، وذلك عندما ذهب الزعيم سعد باشا زغلول رفقة عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي إلى المعتمد البريطاني السير ريجينالد وينجت يوم ١٣ نوفمبر، للمطالبة بالسماح لهم بالسفر للاشتراك في مؤتمر السلام بفرساي في فرنسا، لعرض القضية المصرية، وإنهاء الحماية البريطانية على مصر التي كانت قد فرضتها منذ عام ١٩١٤، وجاء هذا الطلب استناداً إلى مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي أعلنه الرئيس الأمريكي ويلسون.

وبالرغم من الأحكام العرفية والمحاكم العسكرية السائدة في ذلك الوقت والتي كانت تقف بالمرصاد لكل من يحاول مقاومة أو مكافحة مطامع الإستعمار، إلا أن الزعيم خالد الذكر سعد باشا زغلول ورفاقه قرروا الذهاب إلى المعتمد البريطاني للمطالبة بالمشاركة في مؤتمر السلام من أجل الحصول على الإستقلال، ولكن قوبل طلبهم بالرفض وقيل أنهم لا يمثلون إلا أنفسهم، ومن هنا كانت تلك هي شرارة النضال والتي انتهت بنشوب ثورة ١٩١٩.

وبعد تحرير محضر المقابلة مع السير وينجت، بحضور أعضاء الوفد المقترح، فى ١٣ نوفمبر ١٩١٨، أجمع الجميع على رئاسة سعد باشا زغلول للوفد، وتم الاتفاق على تكوين وفد المفاوضات، وتم وضع قانون للسير عليه، وتعيين لجنة تسمى باللجنة المركزية لجمع التبرعات ومراسلة الوفد بما يهم من شؤونه.

ونصت مواده على تأليف وفد من “سعد باشا زغلول، رئيسًا، وعلي شعراوي باشا، وعبدالعزيز بك فهمي، ومحمد علي علوبة، وعبداللطيف المكباتي، ومحمد محمود، وأحمد لطفي السيد، وإسماعيل صدقي، وسنيوت حنا، وحمد الباسل، وجورج خياط، ومحمد أبوالنصر، ومصطفى النحاس، والدكتور حافظ عفيفي”

وبعد رفض المعتمد البريطاني طلب الزعيم سعد باشا زغلول ورفاقه انتفض الشعب المصري بكافة طوائفه ضد الإحتلال البريطاني، ليبدأ في جمع التوكيلات لسعد ورفاقه لتفويضهم لحضور مؤتمر السلام وعرض القضية المصرية والمطالبة بالحصول على الإستقلال.

جمع التوقيعات

استمر جمع التوقيعات للضغط على الإنجليز للسماح بالسفر للوفد إلى باريس لحضور المؤتمر، وبالفعل تم طبع الصيغة الأخيرة للتوكيلات، وسرعان ما انتشرت حركة جمع التوقيعات على التوكيلات وشاعت الحركة بين مختلف طبقات الأمة ونجح الشعب المصرى فى جمع ما يقرب من ٣ ملايين توكيل من أصل ١١ مليوناً وهو تعداد سكان مصر آنذاك.

كما أيد حسين رشدى باشا، رئيس الوزراء حينها، وعدلى يكن، وزير المعارف، حركة التوكيلات الذى يجمعها الشعب، وطلبا من المعتمد البريطانى السماح لهما وللوفد بالسفر، فجاء الرد بعدم الموافقة، بحجة انشغال اللورد بلفور بمفاوضات الصلح لقرب انعقاد مؤتمر السلام.

وكان هناك دعم كبير من الحكومة لحركة جمع التوكيلات لسعد باشا، وكان الجميع يسعى إلى تحقيق هدف واحد وهو استقلال البلاد، وسمح المستعمر للوزيرين بالسفر إلى لندن دون غيرهم، وأصرّ رشدى باشا على طلبه بالسماح للسفر لمن يطلب السفر من المصريين إلى أوروبا، ورفض الإنجليز، ما أدى إلى قبول السلطان فؤاد الأول الاستقالة التى تقدم بها حسين رشدى باشا وعدلى يكن وزير المعارف.

تدخل الوفد لأول مرة باعتباره ممثلًا للشعب، وأرسل خطابًا فى ٢ مارس ١٩١٩ للسلطان ليُعلن عن رفضه قبول استقالة الوزارة. تبع هذا الخطاب خطاب آخر فى ٤ مارس إلى ممثلى الدول الأجنبية يحتج فيه على منع الإنجليز المصريين من السفر إلى مؤتمر السلام.

وفى ٦ مارس، استدعى الجنرال وطسون قائد القوات البريطانية سعد زغلول وأعضاء الوفد لمقابلته.
قام الجنرال وطسون بتحذيرهم من القيام بأى عمل يعيق الحماية البريطانية على مصر، واتهمهم بتعطيل تشكيل الوزارة الجديدة، ما يجعلهم عرضة للأحكام العرفية.
أرسل سعد باشا زغلول احتجاجاً إلى رئيس الوزارة الإنجليزية، أعلن فيه أنه يطلب «الاستقلال التام» لبلاده، وأنه يرى فى الحماية عملًا دوليًا غير مشروع.

وفى ٨ مارس، أمرت السلطات البريطانية باعتقال مجموعة الوفد وحبسهم فى «ثكنات قصر النيل» ثم تم نفيهم فى اليوم التالى إلى «مالطة».

انتشرت أخبار نفى أعضاء الوفد فى ٩ مارس، ما تسبب فى بدء مظاهرات الاحتجاج فى القاهرة والمناطق الكبرى، وكان قوام المظاهرات طلبة المدارس الثانوية والعليا ثم انضم لهم بقية المصريين وكانت نواة لثورة ١٩١٩ التى غيرت وجه التاريخ، وامتدت نيران ثورة ١٩١٩ إلى فبراير ١٩٢٢ حينما بدأت تجنى ثمارها فى صدور التصريح البريطانى الذى منح مصر استقلالها، ورغم أن هذا الاستقلال كان مقيداً بأربعة تحفظات بريطانية، فقد ترتب عليه تدريجياً عدة نتائج وتطورات نقلت مصر إلى عهدها الليبرالى الذى تمتعت فيه بالحكم الوطنى والدستور وحرية الاجتماع والصحافة والسيطرة على الاقتصاد والتشريع والقضاء واستعادة التمثيل السياسى الوطنى لمصر فى المجتمع الدولى.

وظل الشعب المصرى بكل أحزابه وهيئاته الشعبية والرسمية يحيى ذكرى عيد الجهاد الوطنى، منذ عام ١٩٢٢ أي منذ أن نالت مصر استقلالها -وكان يعتبر عيداً قومياً- إلى أن تم إلغاء الإحتفال به كعيداً وطنياً منذ عام ١٩٥٢.

ولكن ظل حزب الوفد عاماً تلو الآخر يحيي تلك الذكرى بين جدرانه لما ترسخه من مبادئ وثوابت وطنية، آملين في عودة الإحتفال الرسمي بهذا اليوم وجعله عيداً وطنياً يحتفي به المصريين جميعاً في كافة ربوع الوطن.

 

زر الذهاب إلى الأعلى