طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (6)
اليوم الجمعة إجازة الحمد لله الفرصة الوحيدة للإستمتاع بالنوم لوقت متأخر.
استيقظت قبيل صلاة الجمعة ثم خرجت لأصلى فى مسجد الحى الكبير.
بعد الصلاة تجمعنا فى المقهى، عدد من الأصدقاء، وأبناء الحى غالبيتهم يتحدثون عن مباريات كرة القدم الحديث المفضل للرجال فى مصر، والذى يستطيع أى شخص أن يدلى برأيه فيه.
الحاضرون غالبيتهم ينتمون أما إلى النادى الأهلى وأما إلى نادى الزمالك.
اقرأ أيضا للكاتب|
طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (5)
طارق متولى يكتب: «يوميات زومبى» (4)
طارق متولى يكتب: « يوميات زومبى » (3)
منصور صاحب المقهى “زملكاوى” متعصب ويحدث أنه إذا تقدم اى فريق على الزمالك يغلق شاشة عرض المباراة ويطلب من الحاضرين التوجه لمقهى آخر لمتابعة المباراة ولا يستطيع أحد أن يعترض طبعاً نظرا لضخامة جسده وشهرته فى عالم المشاجرات على مستوى الحى والأحياء المجاورة على الرغم أنه كان طيب القلب يتعاطف مع الضعفاء والمساكين من عابرى السبيل ويقدم لهم المساعدة.
فى المقابل عم ابراهيم صاحب مطعم الفول والفلافل “أهلاوى” متعصب وهو صديق منصور لكن عندما يكون هناك مباراة قمة بين الأهلى والزمالك تتحول الصداقة إلى عداء ويحدث بينهم مماحكات شديدة، تصل إلى مشادات كلامية وإتهامات بعدم الفهم فى اصول لعبة كرة القدم .
ظاهرة التعصب فى كرة القدم أو مجانين كرة القدم ظاهرة عجيبة لا أجد لها تفسير ، واتمنى من علماء النفس دراستها ودراسة أسبابها ونتائجها فقد قابلت أشخاص يبكون بشدة عند خسارة فريقهم وأشخاص على إستعداد للموت من اجل تشجيع فريقهم’.
بهذه المناسبة اتذكر ايام الطفولة عندما كنا نلعب كرة القدم ( الشراب) المصنوعة من الأسفنج والخيوط، وقد كانت منتشرة جدا فى شوارع القاهرة وحواريها وتقام المنافسات بين الأحياء المختلفة التى يشترك فيها فرق من الأحياء المختلفة وتقام فى مراكز الشباب والشوارع، بينما كانت الشرطة تمنع اللعب فى الشوارع وتقوم بالقبض على من يلعبون الكرة ( الشراب) فى الشوارع.
وحدث ذات يوم أن جاء إلى شارعنا اللاعب الموهوب محمود الخطيب وكان فى بداية طريقه للصعود والشهرة.
واشترك فى مباراة فى الشارع أمام اشهر لاعبى الكرة (الشراب) فى القاهرة وهو شخص يدعى سعيد الحافى وأطلق عليه هذا اللقب لأنه كان لا يجيد اللعب إلا حافى القدمين وكان موهوب جدا فى اللعبة وسمعنا أن كثير من الأندية الكبيرة حاولت ضمه إليها، لكن للأسف لم يكن يجيد اللعب بالكرة القانونية للعبة، ولا يجيد اللعب إلا وهو حافى القدمين لهذا لم ينضم لأى نادى من الأندية.
بدأت المباراة فى الشارع الرئيسي القريب من شارع رمسيس حوالى الثالثة عصرا بين فريق محمود الخطيب وفريق سعيد الحافى وتجمع الشباب وكثير من الجمهور على جانبى الشارع لمشاهدة محمود الخطيب وسعيد الحافى لكن لسوء الحظ بعد لحظات سمعنا صافرات سيارة الشرطة فتوقف اللعب على الفور
، وسارع لاعبو الفريقين بالجرى قبل أن تدركهم الشرطة وتقبض عليهم، وكان الكابتن محمود الخطيب يجرى فى الشوارع الجانبية والشباب والأطفال خلفه يهتفون باسمه إلى أن اختفى ولم نشاهده مرة أخرى إلا من خلال شاشات التلفزيون بعد أن أصبح نجما كبيرا .
فى المساء ذهبت إلى منزل اختى حيث اعتدنا أن نلتقى جميعا عندها كل يوم جمعة.
على باب العمارة قابلت ياسين ابنها وصديقه المشاغب يوسف حيث أن اختى لاتسمح بإستقبال ياسين له فى المنزل بل وتطلب منه دائما أن يقطع علاقته به تماما لكن ياسين لا يستطيع أن يقطع علاقته به، فهو صديق الحى والنادى منذ الطفولة الذى يدافع عنه دائما أمام المتنمرين من شباب الحى، وهو بمثابة حارس شخصى له، وفى المقابل يجد يوسف فى ياسين صديق مثالى لطيبته وقلة خبرته فيظهر أمامه أنه الخبير المحنك فى الحياة.
عرفت منهم أن يوسف المشاغب تعرض للخداع على يد صديق ثالث لهما أكثر شغبا واستهتارا من يوسف، ويدعى صلاح وقد استغل حب يوسف للموسيقى وباع له بيانو فاخر فى منزل عائلته يقدر بمبلغ كبير من المال مقابل مبلغ زهيد ومغرى، وطلب منه إحضار سيارة، والمرور على منزله ليأخذ البيانو بعد أن أخذ منه النقود المطلوبة.
فلما أحضر يوسف السيارة وذهب إلى منزل صلاح لم يجده ووجد والده الذى أخبره بأنه لم يعد منذ الصباح الباكر ولما أخبره أنه اشترى البيانو خاصتهم من صلاح ويريد أن ينقله على السيارة نهره والد صلاح وطرده وتوعد ابنه بالعقاب وطلب من يوسف ألا يأتى إلى منزلهم مرة أخرى.
اكتشف يوسف أن تعرض للخداع بعدما اتصل بصلاح وعرف منه أنه قد أخذ النقود وسافر إلى الإسكندرية للتنزه بها، ووعده بأنه سوف يعوضه عن المال عندما يعود للقاهرة، وكان يوسف يضحك عندما كان يروى لنا هذا الموقف وهو واقف بالسيارة نصف النقل ليحمل عليها البيانو ، وثورة والد صلاح فى وجهه.
ولم اجد ما أقوله له ولكنى ضحكت من يوسف واكتشفت أن هناك زعيم اخر لشلة أصدقاء ياسين هو صلاح الشهير بصلاح المجنون الذى أحتار أهله فى تربيته وتهذيبه.
بعدما قابلت أخوتى وابناءهم جلسنا نتحدث ونحتسى بعض القهوة ثم ما لبثت أن عدت إلى شقتى، وجلست أمام التليفزيون اتنقل بين القنوات اشاهد مغنى زومبى يرقص ويغنى بكلام لا يليق بالذوق العام ولا بالحياء، وبطريقة هيستيرية، وعلى قناة أخرى برنامج يتشاجر فيه الضيوف ومذيع البرنامج يصرخ فى وجوه المشاهدين، وافلام قديمة معادة،
وإعلانات تتكرر كل خمس دقائق تعمل بالمثل الشعبى القائل
“الزن على الودان أقوى من السحر” ورأيت أنه من الأفضل أن أذهب للنوم.. تصبحون على خير.