طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (7)

ينما أنا نائم قبيل الفجر سمعت طرقا شديدا على باب الشقة، وصوت امرأة تبكى، كاد قلبى يتوقف ونهضت مذعورا ورحت أفكر فى جميع الإحتمالات الممكنة.

هل تعرض أحد أفراد العائلة لمكروه وجاء أحدهم على عجل ليخبرنى فى هذا الوقت المتأخر من الليل ؟!

لا أستطيع تمييز صوت المرأة من شدة البكاء، قبل أن أفتح الباب سألت بفزع من بالباب؟!.. فأجابت المرأة: افتح يا أحمد ألحق أخوك أحمد (هذا جارى الذى يسكن الشقة أسفل شقتى).

.. قلت لها: أحمد بالدور الأسفل ياسيدتى وخشيت أن افتح الباب، فغادرت بعد أن أتلفت اعصابى تماما.

وعلمت فيما بعد أنها زوجة عاصم شقيق جارى أحمد عاصم هذا الذى يسكن فى البيت المجاور لنا، وقد توفى بأزمة قلبية مفاجأة إثر تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات.
وعاصم هذا متزوج من هذه السيدة التى تكبره بعشر سنوات دون موافقة عائلته، وكان دائما ما يقيم سهرات تعاطى الحشيش فى بيته وهى تشجعه وتوفر له الجو الملائم، وتشاركه فى التعاطى، وكثيرا ما كان أحمد جارى يحكى لى عنه ويشتكى من تصرفاته ومن حزن والده بسبب هذه الزيجة.

بعد أن قدمت واجب العزاء لأحمد الذى وقف أمام بيت أخوه هو وأفراد عائلته، وأخذت سيارتى وتوجهت إلى العمل وأنا أشعر أن رأسى تسبح فى الفضاء، وأقود مركبة فضائية وليس سيارة عادية بسبب عدم النوم والصدمة.
ذهبت إلى المكتب كان الجو هادئا، فاليوم كان افتتاح المعرض والأستاذ منصف وفريق المبيعات كلهم فى المعرض المقام فى أحد الفنادق الكبرى منذ الصباح الباكر .
الحمد لله أننى لست عضوا فى فريق المبيعات، فأنا شخص لا أجيد البيع ولا أحب أن أقنع أحد بأى شىء واتحمل ذنبه خصوصا فى المسائل التجارية التى تتشابك فيها المصالح، مصلحة الشركة ومصلحة العميل.
كان لى مهمة أخرى أنا وزميل أخر، هو جلال الجميل وهى استقبال أحد الضيوف الأجانب فى المطار الذى جاء خصيصا لحضور المعرض وذلك أنا وزميلى.

اقرأ أيضا للكاتب:

طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (1)

طارق متولى يكتب: « يوميات زومبى » (2)

طارق متولى يكتب: « يوميات زومبى » (3)

قابلت جلال وذهبنا معا فى سيارته لمقابلة الضيف، وعندما استقبلناه فى المطار ، وعرّفنا بنفسه كان اسمه ليثان، فابتسم له جلال ابتسامة بلهاء، وقال له بإنجليزية ركيكة (أنت عارف اسمك ده معناه ايه بالعربى، معناه لسان)، وأخذ يخرج لسانه ويشير بيده إلى لسانه ليوضح للرجل معنى اسمه والرجل ينظر له ولا يفهم شىء ويتعجب من تصرفاته، وكاد أن يتركنا ويهرب لولا أننى أخبرته أنه يمزح فقط ثم غادرنا المطار متوجهين إلى الفندق المحدد لإقامته فى وسط المدينة.

فى الطريق أحس ليثان أنه فى مدينة الملاهى بسبب رؤية السيارات، وهى تتخطى بعضها البعض دون التزام بأى حارات مرورية، وتخطى الإشارة الحمراء أحيانا ثم مرور المشاة بين السيارات المسرعة، وجلال يقود بنا السيارة بسرعة يريد أن يبهر الزائر بمهارته فى القيادة وفى الوقت نفسه يحاول أن يشرح معالم الطريق للضيف بخليط من العربية والأنجليزية، مثلا فوجئت به يقول للرجل ( شجرة this is) مشيرا إلى شجرة كبيرة على جانب الطريق وليثان لايتوقف عن الضحك، وكنت أضحك أنا أيضا وأحاول أن أصحح كلام جلال، لكن ليثان كان مستمتع أكثر بكلام جلال وتعبيرات وجهه والسذاجة التى يتكلم بها .
وصلنا إلى الفندق وقبل أن يصعد ليثان إلى غرفته شكرنا وطلب منا ألا نأتى مرة أخرى لمقابلته بعد أن أعطاه جلال انطباع بأننا كائنات غريبة، وأنه سيتدبر أموره لحضور المعرض فى اليوم التالى .
عدنا إلى المكتب لأخذ سيارتى، واتوجه عائدا إلى المنزل كى اقدم واجب العزاء فى المساء، لجارى أحمد وعائلته فى السرادق المقام أمام منزل عاصم المحاور لنا، وبعدها اصعد لأعوض ما فاتنى من النوم ليلة أمس.
ونلتقى فى يوم جديد أن شاء الله.

زر الذهاب إلى الأعلى