د. أحمد سيد عبد العظيم يكتب: القضية السكانية من منظور اقتصادى
تعد المشكلة السكانية، واحدة من أهم وأخطر المشكلات التي تواجه المجتمع المصري؛ لأنها مشكلة ذات أبعاد إستراتيجية ويترتب عليها أمور حيوية تلقي بظلالها على أوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتلك التي تتعلق بأمننا القومي، فى الحاضر والمستقبل، وهو الأمر الذي يقتضي تضافر جهود كافة مؤسسات الدولة بجانب الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، للتقليل من حدة المشكلة السكانية وتفادي آثارها السلبية على الفرد والمجتمع.
ويشير مفهوم المشكلة السكانية إلى اختلال التوازن بين عدد السكان وحجم الموارد الطبيعية والرأسمالية والمعرفة الفنية، فالسكان كما يُنظر إليهم كقوة إنتاجية ووسيلة لاستغلال الموارد، كذلك هم أيضاً قوة استهلاكية تُمثل ضغطاً على الموارد المتاحة، ومن ثَمَّ يؤدي عدم التوازن بين السكان وحجم الموارد إلى وجود ما يعرف بـ المشكلة السكانية ” .
وللمشكلة السكانية تداعياتها وعلاقتها التبادلية مع عدد من المشكلات، كالفقر والبطالة وتدني مستوى الخدمات، فضلاً عن انعكاساتها السلبية على التجارة الخارجية وموازنة الدولة ومعدلات الادخار والاستثمار.
وتمثل مشكلة الزيادة السكانية، التحدي الأكبر الذي يواجه الدولة، فمعدلات الزيادة السكانية تعوق مسار التنمية وتؤدي إلى انخفاض جودة الحياة ، حيث بلغ معدل الإنجاب الكلي حاليا 2,9، وسوف يصل عدد السكان إلى 130 مليون نسمة في عام 2032، وهو ما سوف يؤثر سلبا على معدلات التنمية الاقتصادية، وعلى مستوى المعيشة، وتحقيق التنمية المستدامة، هذا على الرغم من أن مصر حققت معدل نمو اقتصادي جيد بلغ 5,4% بعد فترة ركود طويلة، إلا أن مردود الجهود المبذولة لا يتماشى مع معدل النمو السكاني .
وفى السنوات الماضية كان يتم تناول القضية السكانية من منظور واحد وهو تقليل الإنجاب، وتنظيم الأسرة ، إلا أن هذا المنظور أصبح عاجزا أمام الزيادة السكانية والنمو السكانى الذى بلغ 3,5 % عام 2020 .
ولكل ما سبق تبنت الدولة إستراتيجية جديدة تركز على تحقيق مجتمع متجانس ومتماسك، علاوة على تحقيق التوازن بين عاملى النمو السكانى وتوافر الموارد الطبيعية، وهو الأمر الذى يؤدى إلى الوفاء بتطلعات المواطن فى الحصول على حياة أفضل وتوفير فرص متساوية لأعضاء المجتمع للحصول على نفس القدر من الخدمات الأساسية وتحسين خصائص السكان وتحقيق معدلات أعلى فى التنمية البشرية والتماسك والترابط الاجتماعى والريادة الإقليمية .
وتهدف الأستراتيجية القومية للسكان والتنمية إلى تحقيق
1- تحسين جودة الحياة لجميع المصريين وذلك عن طريق خفض معدالت نمو السكان واستعادة التوازن بين معدلات النمو االقتصادى من جهة ونمو السكان من جهة أخرى
2- .إستعادة مكانة الريادة الإلقليمية التى تربعت عليها مصر فى السابق وذلك بتحسين خصائص السكان من حيث عوامل المعرفة والمهارات والسلوكيات .
3- إعادة وضع وتصميم خارطة السكان فى مصر وذلك بإعادة توزيع السكان حسب المكان وتعزيز عوامل الأمن القومى المصرى والوفاء باحتياجات المشاريع الوطنية
4- ترويج مبادئ العدل الإجتماعى والسلام وذلك عن طريق خفض نسب التفاوت القائم بين مؤشرات التنمية فى العديد من المناطق المختلفة.
ويرى كاتب هذه السطور أنه لتحقيق هذه الإستراتيجية الجديدة يجب خفض الزيادة السكانية إلى معدل 2,4 % وذلك بحلول عام 2030 بدلا من المعدل الراهن ( 3,5 % ) ويأتى ذلك من خلال عدة محاور أساسية هى كالتالى
-خدمات تنظيم أسرية وصحة إنجابية أكثر فاعلية.
- خدمات صحة محسنة للشباب.
- تحسين خصائص السكان.
- زيادة الوعى بالمشكلة السكانية.
- تمكين المرأة.
- الرصد النشط وجهود التقييم.
وأهم عوامل نجاح هذه الإستراتيجية – فى رأينا – هى أن تتناغم جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص فى توحيد جهودها لتنفيذ الخطة التنفيذية لهذه الإستراتيجية، وقد أبدى الرئيس عبد الفتاح السيسى وأفراد حكومته التزاماً وعزمأً على القضاء على مشكلة الزيادة السكانية فى مصر، حيث صدر القرار الجمهورى القاضى بتشكيل لجنة قومية لمتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وضمت هذه اللجنة 12 وزارة وهيئة حكومية.
وفى كل وزارة من هذه الوزارات، تم إنشاء وحدة للرصد والتقييم، علاوة على ذلك، فإن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء قد قام بإنشاء وحدة للتنمية المستدامة تضطلع بمسئولية تقديم البيانات والمعلومات المتعلقة بمؤشرات أهداف التنمية المستدامة ورؤية الدولة الاستيراتيجية 2030.