عاطف عبد الغني يكتب: القدس.. الألم والأمل

يشاء السميع العليم أن يكون مقالى الأول الذى أنشره على موقعنا “بيان” عن القدس، عن الأقصى، عن المرابطين، والصامدين، والقائمين، الركع السجود، عن أولى القبلتين، وثالث الحرمين، قرة عين الموحدين فى الأرض، عن البقعة المباركة التى وطأتها قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصخرة التى عرج منها إلى السماء فى رحلته المعجزة، فكان قاب قوسين أو أدنى من عرش الرحمن، ورأى وسمع، ما لم يره بشر قبله ولا بعده.
جهد المقال أن أعلن عن شدة حزنى، وأسفى على حال الأمة، التى صارت ترى الذئب حملا، فتطبّع معه، وتصدق تطيير القتلة لحمامة بيضاء تخطف الأبصار إلى أعلى، بينما تئن فى الأسفل تحت وطأ أقدام الصهاينة السوداء أرض سليبة، ورفات أنبياء شهداء ومجاهدين، قتلوهم على طول التاريخ، والسنين، حين دعوهم للهداية، والهدى.
اقرأ على النسخة الإنجليزية لموقع “سى أن أن” ، تصريحا تصف فيه وزارة خارجية الكيان الصهيونى الوضع في حى الشيخ جراح بانه “نزاع عقاري”، هذا ما يريد الصهاينة أن يصدّروه للعالم، التهجير القسرى، لكل ما هو عربى، مسلم أو مسيحى، من القدس، ليسكنها غلاة المتطرفين من الحريديم، وهم متطرفون دينيون أكثر خطرا على العالم من داعش والقاعدة، لكن الإعلام يجهلهم عمدا، وتريد إسرائيل العلمانية أن تمكنهم من الأرض، وتستخدمهم دائما كما تستخدم تلمودهم وأساطيرهم المقدسة، لتجمع شعب الرب، وتغتصب فلسطين حتى أخر شبر.
قبل آلاف السنين، استخدمت الصهيونية الدين كهوية لتعيد المنفيين من اليهود فى بابل العراق، إلى فلسطين، وإلى جبل المكبر الذى أطلقوا عليه جبل صهيون وجعلوه قبلة لهم، منذ هذا التاريخ السحيق بدأت الصهيونية، لكنهم كذبوا على العالم، وعلى شبابنا الغض، بوهم أن الصهيونية شىء غير اليهودية، وهذا ليس صحيحا، كل يهودى صهيونى بالعقيدة.
اليوم هم يريدون إخلاء القدس واغتصاب الأقصى، وتقسيمه زمانيا ومكانيا كمرحلة أولى كما فعلوا فى عدد من مقدسات المسلمين فى المدينة المغتصبة، وفى مرحلة تالية، يهدمون الأقصى ليقيموا معبدهم المزعوم، هم لا يدركون أن هذا اليوم ربما يكون يوم القيامة الذى ينفجر فيه العالم، لكن نتنياهو وكوهين وشمعون، وشامير وجولدا وراشيل، لا يهمهم خراب العالم، لأن الله أعمى قلوبهم، ووضع غشاوة على عيونهم.
إسرائيل الرسمية تقول إن السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية تطرح نزاعًا عقاريًا بين أطراف خاصة، كقضية قومية، من أجل التحريض على العنف في القدس، والـ “سى أن أن” تنقل عنهم وتروج للغرب، ومن يدور فى فلكه، ونحن مازلنا نعوّل على الغرب والسيد الأمريكى فى أن يمنوا على العرب ويعيدوا لهم جزء من الأرض السليبة (حدود ما قبل 67) ليقيم عليه الفلسطنيون وطنا ودولة، كيف؟!.. ومتى؟!.
إلى متى نراهن على تخاذلنا وقعودنا؟! .. والله لا أرى فى الأفق أملا يلمع، إلا حجرا فى قبضة صغيرة لطفل فلسطينى تعلن عن ميلاد الانتفاضة الثالثة، أطفال الحجارة الذين ولدوا من رحم الألم، هم الأمل.

زر الذهاب إلى الأعلى