العالم فى انتظار نتائج دراسة «Com-Co» البريطانية عن مزج اللقاحات
كتب: على طه
قد يتسبب عدم توافر اللقاحات وتأخر توزيعها في عرقلة جهود السيطرة على جائحة كوفيد SARS-CoV-2، ولهذا اقترح بعض العلماء تأجيل إعطاء الجرعة الثانية من اللقاحات التي تؤخذ على جرعتين؛ حتى يتسنى لعدد أكبر من البشر الحصول على الجرعة الأولى.
هذا ما بدأ به د. محمد ابراهيم بسيوني، حديثه عن هذه العملية المهمة “مزج اللقاحات” بالاختيار أو الضرورة، لمتلقى لقاح “كورونا”، وأضاف فى حديثه لـ بيان” الآتى:
فترة الانتظار
في البدء كانت فترة الانتظار الموصى بها بين الجرعتين هي 21 يومًا في حالة لقاح “فايزر” Pfizer و28 يومًا في حالة لقاح ”مودرنا” Moderna، لكن قد حدّثت التوصيات بحيث أصبح بإمكان الأشخاص الانتظار مدةً تصل إلى 42 يومًا بين الجرعتين، كما يفيد الباحثون بجامعة أكسفورد حيث تم تطوير لقاح “أسترا – زينيكا” Astra-Zeneca المعتمد للاستخدام في المملكة المتحدة أنه يمكن الانتظار لفترات أطول، معلنين أن جرعتي اللقاح تكونان أكثر فاعليةً إذا ما فصلت بينهما فترة 12 أسبوعًا.
وقد يواجه البعض منا الاختيار الصعب في ظل عدم توفر جرعات كافية من بعض اللقاحات في بعض الدول بعدم توفر جرعات من اللقاح الذي تم تطعيمه به في الجرعة الاولى، فهل يحصل على الجرعة الثانية من لقاح أخر (وهو ما يعرف بخلط أو مزج اللقاحات)، أم ينتظر لحين وصول كميات إضافية من نفس اللقاح؟.
معقد جدا
يجيب د. بسيونى: الجهاز المناعي في البشر معقد جدا ويصعب توقع ردود فعله دون تجارب إكلينيكية، وللاسف لم تنته أي من تجارب مزج اللقاحات حتى الان لذا فالاجابة المختصرة على هذا السؤال أنه حتى الآن لا توجد أدلة كافية تدعم الخلط بين اللقاحات لكن تعالوا نستعرض معاً كل المعلومات المتاحة:
– تاريخياً: مفهوم مزج اللقاحات mixing vaccines (والذي يُطلق عليه أحيانًا التعزيز المناعي الأولي غير المتجانس Heterologous prime-boost immunization)، ليس بدعة جديدة في عالم اللقاحات ، وكثيراً ما اجريت تجارب معملية لاختباره لكن الاختبارات الاكلينيكية كانت محدودة. من الامثلة المعروفة على مزج اللقاحات:
– هناك نوعان مختلفان من لقاحات المكورات الرئوية pneumococcal لهما آليات عمل مختلفة، وفي مواقف معينة يتم التوصية بتعزيز أحدهما مع الآخر دون اي مشكلة.
– لقاح سبوتنك الروسي ضد كوفيد-19 يستخدم نوعين مختلفين من الفيروسات الغدية، حيث تستخدم الجرعة الأولى من اللقاح فيروس Ad26 بينما تستخدم الجرعة الثانية فيروس Ad5 ووجد أن اللقاح فعال بنسبة 91٪ مع هذا المزج.
– لقاح ايبولا الروسي أيضاً استخدام فيروسات مختلفة لكل جرعة، حيث احتوت جرعته الأولى على فيروس Ad5 بينما استخدمت الجرعة الثانية فيروسًا آخر هو rVSV للتطعيم.
– كثيراً ما تتضمن عمليات التطعيم في الأطفال استخدام أكثر من لقاح في نفس الوقت، وأظهرت البيانات العملية على المدى الطويل أن تلقي عدة لقاحات في نفس الوقت لم يتسبب في أي مشاكل صحية مزمنة.
لكننا في هذه الامثلة غالباً ما نكون أمام مزج لقاحات من نفس المنصات (تعمل بنفس الطريقة)، كما لو قررنا مثلاً استخدام جرعة أولى من لقاح فايزر والثانية من لقاح موديرنا (كلاهما يعمل بتقنية mRNA).
أو كما لو قررنا مثلاً استخدام جرعة اولى من لقاح استرازينيكا والثانية من لقاح سبوتنك او جونسون أند جونسون (فكلها لقاحات تعمل بتقنية الناقل الفيروسي).
التجارب على الفئران
ويواصل د. بسيونى: صحيح أن التجارب على الفئران وجدت أن المزج بين لقاحي فايزر وأسترا-زينيكا قد عزز المناعة بشكل أفضل من جرعتين من أي منهما بمفرده لكننا اليوم في حاجة ماسة لدراسة إكلينيكية لمزج لقاحات كوفيد-19 من نفس المنصة ومن منصات مختلفة أيضاً.
طالع المزيد:
-
6 معلومات مهمة عن اللقاح المصري «كوفي فاكس» يوضحها الدكتور محمد إبراهيم بسيونى
-
14 نصيحة تخص كورونا.. يقدمها د. محمد ابراهيم بسيوني
الدراسة التي ننتظر نتائجها بفارغ الصبر هي دراسة بريطانية تُعرف باسم Com-Cov والتي ستقارن الاستجابات المناعية لدى المتطوعين الذين يتلقون جرعتين من نفس اللقاح، مع من يتلقون جرعتين مختلفتين (كل جرعة من لقاح مختلف).
بدأت التجربة في فبراير الماضي وستستمر لمدة 13 شهر، لكن سيتم اعلان النتائج الاولية في نهاية شهر مايو او بداية شهر يونيو القادم. وحتى الان لا توجد محاذير أمان مقلقة في بيانات هذه التجربة وفقاً لتصريح د. ماثيو سناب، الأستاذ المشارك في علم اللقاحات بجامعة أكسفورد وكبير الباحثين في التجربة.
موقف وكالات الأدوية
ويطرح د. بسيونى السؤال التالى: ما موقف وكالات الأدوية في الدول المرجعية من مزج اللقاحات؟
ويجيب على سؤاله بالتالى:
– في الولايات المتحدة:
حذرت CDC من مزج اللقاحات ما لم تكن هناك حالات استثنائية تستدعي ذلك، مثل عدم توفر الجرعة الثانية من اللقاح لمدة تزيد على 6 اسابيع عن موعدها الاصلي بسبب مشاكل في الإنتاج أو التوزيع.
– في بريطانيا: اتخذت هيئة الصحة العامة في إنجلترا موقفًا مشابهًا: بإنه يجب بذل “كل جهد ممكن” حتى يحصل الأشخاص على الجرعتين من نفس اللقاح، لكن يمكن في ظروف استثنائية إعطاء جرعة ثانية من لقاح مختلف في حالة عدم توفر جرعة ثانية من نفس اللقاح الذي تم تلقيه كجرعة اولى أو إذا لم يكن اللقاح الذي تلقاه الشخص في الجرعة الاولى معروفاً.
– في النرويج تنتظر السلطات الصحية نتائج تجربة سريرية تقيم فعالية مزج اللقاحات قبل اتخاذ اي قرار يخص السماح بخلط اللقاحات.
– في إسبانيا: قررت السلطات زيادة الفترة بين الجرعتين الأولى والثانية من لقاح استرازينيكا إلى 16 أسبوعًا للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عامًا وذلك بغرض إتاحة وقت أكبر لتقييم نتائج تجارب مزج لقاحي استرازينيكا وفايزر قبل أن تقرر ما إذا كانت بعض المجموعات التى تلقت جرعتها الاولى من استرازينيكا يمكنها تلقي الجرعة الثانية من فايزر ام لا.
– ألمانيا وفرنسا هما الدولتان الوحيدتان تقريباً اللتان اعلنتا نيتهما عدم انتظار نتائج تجارب خلط اللقاحات وقررتا ان أولئك الذين تقل أعمارهم عن 55 عامًا و60 عاماً على التوالي يمكنهم تلقي لقاح mRNA (موديرنا او فايزر) كبديل للجرعة الثانية من لقاح استرازينيكا.
أقوى توصية
أصدرت ألمانيا أقوى توصية في أي مكان لخلط لقاحات كورونا على أسس الفعالية، داعية إلى تلقي لقاح مرسال الحمض الريبي بعد الجرعة الأولى من لقاح أكسفورد – أسترازينيكا. وقالت اللجنة الدائمة للتطعيم في ألمانيا، إن الأشخاص الذين يتلقون جرعة أولى من لقاح أكسفورد-أسترازينيكا “يجب أن يحصلوا على لقاح مرسال الحمض النووي الريبي mRNA كجرعة ثانية، بغض النظر عن أعمارهم”. وهذا يجعل ألمانيا واحدة من أوائل الدول التي توصي بشدة الأشخاص الذين تلقوا جرعة أولى من أسترازينيكا بتلقي إما لقاح فايزر/ بيونتيك أو لقاح مودرنا كجرعة ثانية.