نموذج لكفاح الشباب| محمد عمر.. “طالب ثانوي صباحا ومُصنع أحذية مساء”
"مش مقتنع بدراسة التجارة وكان نفسي أتخصص في المعمار"
كتب: إسلام فليفل
شاب رائع يتفنن في تحويل جلود الأحذية القديمة إلى أشكال متألقة، ويبدع في ربط الماضي السحيق بالحاضر المعاش، ويخاطب كافة الطبقات بمختلف مستوياتها التعليمية والاقتصادية التي تحرص على اقتناء الأحذية الجيدة التي صنعها وقام بتوزيعها على المحلات المنتشرة داخل القرية التي يعيش بداخلها، الغني، والفقير يجد ما يحتاجة داخل محله الصغير.
ذلك الفتى الذي لم يتجاوز العشرين ربيعاً، سيبهرك ولا شك ببلاغته، وجمال حديثه وكأنه شاعر عظيم، تلمس في ذكائه وقدرته على الإقناع طبيباً متمرساً، أو مهندساً خبيراً، منظم في تفكيره وسلوكه، ومبدعًا في عمله كرسام يمتلك أدوات تميزه.
نموذج للكفاح
يضرب محمد عمر للشباب المصري أروع نموذج للكفاح، يدرس في الثانوية، ويعمل في ذات الوقت، فعندما يعود من مدرسته يخلع ملابسه النظيفة، ليرتدي ملابس العمل التي يتخللها مُلمع الأحذية الممزوج بعرق الكد والتفاني في العمل، ثم يجلس بيديه المتشقة، وقدميه المصابة على آلة يدوية حجرية، لم تصل إليها التكنولوجيا بعد، ليزاول عمله، مستمعَا إلى الراديو، ومستمتعًا بنغمات الطرب الأصيل لكوكب الشرق أم كلثوم، والعندليب حليم.
ويشرح الفتى صاحب العقد الثاني الأصغر في حرفته، كيف تسير صنعته باحترافية تفوق عمره بكثير، ويكشف عن حرصه على تقسيم وقته بين طلب العلم، والعمل لكسب قوت يومه، قائلًا “إحنا بندخل المدرسة مش عشان الشغل في الأساس، وإنما علشان نعرف نتعامل مع الناس، ويبقى لينا وضعنا في المجتمع، ومحدش ضحك علينا ويخدعنا، أنا بدرس التجارة ومش مقتنع بيها، وكان نفسي أتخصص في المعمار”.
ويضيف الشاب المكافح “هنا لقيت الحاجة اللي بحبها، وبحاول بكل جهدي إني أبقى صنايعي ليا مكانتي، علشان أكون محترم ومحدش يهيني”، مشيرًا إلى أنه يعمل بحرفة خياطة وتصنيع الأحذية انطلاقًا من فكرة أن الشباب عليه تحمل المسئولية ليكون رجلًا مُقتدر يحترمه المحيطون به.
ويضيف ” أنا باشتغل علشان أشيل مسئولية نفسي لما أكبر، ولازم يكون ليا بصمة في شغلي علشان الناس تفتكرني، مش مجرد موظف مبعملش حاجة”، ويحكى محمد مقارناً بين المدرسة والصنعة، قائلًا ” في المدرسة لا مدرس بيشرح ولا أي حاجة، والتعليم المصري بيلع شخص معاه شهادة مش حاببها، لكن هنا بنتعلم كويس جداً، وخصوصًا إننا حابين اللي بنعمله”.