رشا ضاحى تكتب: رحلة مع أسماء الله الحسنى.. (28) الحق
في رحلتنا المتواصلة مع أسماء الله الحسنى نتحدث اليوم عن اسم من أسماء الجلال لله جل وعلا وهو اسم الحق جل جلاله
ورد اسم الحق في عشر آيات من القرآن الكريم منها قوله سبحانه وتعالى:
﴿فَتَعالَى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ وَلا تَعجَل بِالقُرآنِ مِن قَبلِ أَن يُقضى إِلَيكَ وَحيُهُ وَقُل رَبِّ زِدني عِلمًا﴾ (طه 114)
وفي السنة المطهرة: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ: {أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ}
وفي معنى الاسم الجليل : يقول الخطابي: “الحق هو المتحقق كونًا ووجودًا وكل شيء صح وجوده وكونه فهو حق”.
وقال ابن الأثير: “الحق هو الموجود حقيقة، المتحقق وجوده وألوهيته والحق ضد الباطل فالحق جل وعلا هو المتصف بالوجود والدوام والحياة والقيومية والبقاء فلا يلحقه زوال ولا فناء، كما يقول الطحاوي: “لا يفنى ولا يبيد ولا يكون إلا ما يريد”. كل أوصاف الحق جامعة للجمال والكمال والعظمة والجلال، وهو الذي يحق الحق بكلماته فيقول الحق وإذا وعد فوعده الحق وما أمر به حق .
وقد وصف الله عز وجل أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق المبين؛ لأنه من عند الله.
{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} (النمل:79).
يقول (ابن القيم) رحمه الله: وفي ذكر أمره بالتوكل مع إخباره بأنه على الحق دلالة على أن الدين بمجموعه في هذين الأمرين:
أن يكون العبد على الحق في قوله وعمله واعتقاده ونيته، وأن يكون متوكلاً على الله واثقاً به فالدين كله في هذين المقامين.
وَلَيْسَ صَلَاحُ الْإِنْسَانِ فِي مُجَرَّدِ أَنْ يَعْلَمَ الْحَقَّ دُونَ أَلَّا يُحِبَّهُ وَيُرِيدَهُ وَيَتَّبِعَهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ سَعَادَتُهُ فِي أَنْ يَكُونَ عَالِما بِاَللَّهِ مُقِرًّا بِمَا يَسْتَحِقُّهُ دُونَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلَّهِ عَابِدًا مُطِيعًا لِلَّه، لذلك فإن من ثمرات الإيمان باسم الله الحق، أن يقبل المؤمن الحق ولا يرده.
فالله الحق يريد من عباده أن يقوموا بالحق، وأن يقبلوه، فإذا جاءهم أخذوا به ولو كان ثقيلاً على نفوسهم، فإن للحق ثقلاً تكرهه كثير من النفوس، كما قال سبحانه وتعالى (وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) (الزخرف: 78)
ومن الثمرات أيضا إعطاء كل ذي حقٍ حقه فإن لأهلك عليك حقًا وإن لنفسك عليك حقًا وإن لجارك عليك حقًا وإن لوالديك عليك حقًا فأعط كل ذي حق حقه .
وحتى نلتقي دمتم في رعاية الله وأمنه.