د/ناجح إبراهيم يكتب: “لماذا سمى نبي الله عيسي بالمسيح؟”
المسيح بن مريم نبي عظيم وأحد أولي العزم من الرسل وهو اصطفاء من اصطفاء,فالرسل مصطفون من البشر وأولي العزم خمسة من الرسل من أهل الاصطفاء منهم لأن الله خص كل واحد منهم بخصائص وصفات حميدة خاصة ميزته عن سائر الرسل.
• وليس المسيح وحده من أهل الاصطفاء ولكن أسرة المسيح من الأسر التي اصطفاها الله وصنعها علي عينه واختارها لحمل رسالته مع مجموعة من الأسر وذلك واضح في قوله تعالي ” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ”وآل عمران هم آل المسيح وأسرته وعمران هو جد المسيح عليهم جميعاً السلام.
• كما اصطفي أمه العظيمة السيدة مريم العذراء ” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ” هذا الاصطفاء الرباني الكبير لنبي الله عيسي المسيح بن مريم جعل القرآن يحتفي به وبأمه وأسرته ويذكرهم كثيراً,وجعل فقهاء وعلماء الإسلام يحتفون به وبأسرته ويبحثون في كل شأن من شئون رسالته وحياته مستضيئين في ذلك بكتاب الله العظيم القرآن وسنة نبيه مع مدارسة التوراة والإنجيل.
• ومن أهم الأسئلة التي أجاب عنها فقهاء الإسلام وتخطر كثيراً علي بالنا : لماذا سمي سيدنا عيسي بن مريم بالمسيح؟ فاسم المسيح ذكر إحدي عشر مرة في القرآن,وهذا ما حدا بعلماء الإسلام ومفسري القرآن التصدي لإجابة هذا السؤال وكانت إجاباتهم تتلخص في الأقوال الآتية:
• القول الأول : ذكره ابن منظور في “لسان العرب” المسيح هو الصديق وبه سمى عيسي عليه السلام وقال بذلك الأزهري وأبي الهيثم,وقيل : سمى بذلك لصدقه وذهب إلي ذلك إبراهيم النخعي,وهذا تفسير جميل فقد كان عيسي أشبه الناس بيوسف الصديق لتسامحه وعفوه ورحمته وصدقه مع الله والناس والنفس.
• القول الثاني : سمي المسيح بذلك لأنه كان يمسح بيده علي العليل والأكمه والأبرص فيبرئه بإذن الله,وهذا رأي ابن عباس الذي كان يقول : لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا وبرئ ولا ميتاً إلا حيى فهو هنا من أبنية أسماء الفاعلين مسيح بمعني ماسح.
• القول الثالث : سمي بذلك لحسن وجهه إذ “المسيح” في اللغة الجميل الوجه يقال علي وجهه مسحة من جمال وحسن ويقال : مسحه الله “أي خلقه خلقاً مباركاً حسناً ويقال أن جبريل عليه السلام مسحه بالبركة وهو قوله تعالي ” وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ ” ” وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ “,ويري هذا الرأي كثيرون منهم الحافظ أبو نعيم في كتابه “دلائل النبوة”.
• القول الرابع : المسيح هو الذي يمسح الأرض أي يقطعها,ويصدق هذا القول أن عيسي بن مريم يعد أكثر الأنبياء سياحة في الأرض وهو أصغر وأشهر سائح جاء إلي مصر وقد قطع المسافة وهو طفل صغير من بيت لحم بفلسطين حتى القوصية في جنوب مصر,ثم عاد بعد عامين ونصف تقريباً إلي فلسطين مرة أخرى,فكان تارة بالشام وأخرى بمصر ومرة علي سواحل البحر وساح في البراري والقفار والزراعات.
• القول الخامس : المسيح في اللغة قطع الفضة وذلك لأن المسيح بن مريم عليه السلام كان أبيض مشرب بحمرة.
• القول السادس : هو اسم خصه الله به,وهو في التوراة مشيحا معرب وتم تغيره كما قيل موسي وأصله موشي.
• وأياً كان القول الأقرب للصواب فإننا نرتاح إلي رأي عبقري التفسير ابن عباس الذي ذهب إلي أن سيدنا عيسي سمى بذلك لأنه ما مسح أو مس عليلا أو مريضاً إلا وبرئ وما مسح ميتاً إلا حيى بإذن الله,والله أعلم بالصواب.
• سلام علي المسيح بن مريم وأمه والمرسلين والحمد لله رب العالمين.