أمل محمد أمين تكتب: المبدع لا يموت

كلما جاء ذكر الأديب نجيب محفوظ شعرت بالحنين إلى الماضي عندما كنا لا نملك إلا الكتاب رفيقا وكان أفضل الرفقاء ثلاثية الأديب العبقري، لقد استطاع أن ينقلني من غرفتي الصغيرة إلى عالم مختلف بابعاد ثلاثية ورباعية خارقة إلى حواري وأزقة القاهرة، ليرسم لوحات لا يمكن مقارنتها بغيرها من الروايات.
في إحدى رواياته لعن محفوظ الخوف فهو يمنع من الحياة، وعندما سأله أحد المحاورين مما تخاف قال “الآن يقصد -الأنسان المعاصر- يخاف من اشياء كثيرة القنبلة الذرية والتلوث والمرض، وأصبح البشر يشعرون انهم مهددون بالفقر أو الحروب و الرزق والعمل، لكن الأنسان بشجاعته وإيمانه وإرادته يشق طريقه ويتغلب على خوفه”.
كان محفوظ المؤمن في أعماقه بالقدر مهددا بالخطر بعد ان نشر روايته “أولاد حارتنا” فوُضع في خانة الإلحاد والخروج عن الملة خاصة لتشابه أحداث الرواية مع بداية الخليقة وطرد آدم من الجنة، وهو إبداع يحسب لصاحبه إذا أخذناه من زواية عقلية وفكرية تبحث عن المشاعر الإنسانية خلف قصة تحدث على الأرض بالفعل وليس في السماء فقط فهناك من خرج عن طوع أبيه فطرد من رعايته فأي طريق سيختار وماذا سيحدث لنسله من بعده، لكن الجماعات التكفيرية لما تعتبر الرواية تجديد لفكر وأسلوب محفوظ في الكتابة بل جريمة يستحق عليها العقاب.

اقرأ أيضا للكاتبة:

وفي عام 1994 حاول شابان لا يستطعان القرآة والكتابة اغتياله بطعنه بسكين في رقبته لكنه نجا من الموت لكن تأثرت أعصاب الرقبة ويده فلم يعد يستطيع الكتابة بطريقة مطولة تزيد عن العشر دقائق.
لقد حاول نجيب محفوظ منذ ان بدأ الكتابة منذ عام 1936 حتى وفاته في 2006 أن يقضي على ظلام الجهل في مجتمع يخاف بعضه الأعراف والتقاليد أكثر مما يخاف الله ، فنالته سهام المحرضين فمنهم من اتهمه بالإلحاد والبعض لعنه بسبب موقفه المؤيد لاتفاقية السلام.
لكن لغوهم انتهى وبقيت روايات محفوظ محفوظة في قلوب عشاقه، وفنا يدرسه الأدباء على مر العصور فالمبدع لا يموت.

زر الذهاب إلى الأعلى