“نأكل ونشرب من القمامة” | عن اللبنانيين “سى إن إن” تتحدث

بيان – قسم الترجمة


نشر موقع “سى إن إن” باللغة الإنجليزية، أول من أمس تحقيقا صادما، فيه كثير من المبالغة عن الحالة التى وص إليها الشعب اللبنانى، ويوحى التحقيق منذ عنوانه الأول، وعناوينه الفرعية التابعة، أن اللبنانيين وصل حد الفقر المدقع، وربما يقفون الآن على حد المجاعة.

يهمك.. الرئيس الفلسطيني للإسرائيليين: “طفح الكيل ارحلوا عنا.. سنظل شوكة في صدوركم”
جاء العنوان الرئيسى للتحقيق: “نحن نأكل ونشرب من القمامة” وتشارك ثلاثة محررين فى إنجاز التحقيق هم “تمارا قبلاوي ومحمد درويش وطارق قبلاوي”، وكما هو واضح من أسمائهم أن ثلاثتهم عرب، واتبع كاتب التحقيق بعناوين فرعية جاء فيها: “النضال هو العثور على طعام لإفطار رمضان”، وعنوان أخر: ” الصيام سهل فى ظل الأزمة التى تضرب لبنان المنكوبة”ن وبعد العناوين يشرع التقيق، فى حكى روايات المسبغة:
” بيروت ، لبنان (سي إن إن) – تمتلك خديجة خريص ما يعادل 35 سنتًا في حافظة نقودها اليوم، غدا، قد لا تملك شيء.
وعلى بعد أربعة شوارع ،أحمد شبلي مفلس، خلفه ، تقف دراجة فارس بعد أن تلاشى طلاءها المبهرج ، شامخة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في بيروت.
إنه يوم ربيعي حار خلال شهر رمضان، حيث يمتنع المسلمون عن الطعام والشراب لمدة 15 ساعة تقريبًا، يوميا، ويعتبر الشهر وقت لتطهير الروح والفكر، حيث يمنح الصائمين شعورا بسيطا عن حياة الجوع.
بالنسبة لخديجة، وأحمد، الصوم عمل بطولى سهل، ليس فى إعداد الإفطار – الوجبة التى يتناولها الصائم عند غروب الشمس.. لا ليس هذا هو المقصود.
قال أحمد البالغ من العمر 22 عامًا ، وهو جالس على حافة بالقرب من حديقة صغيرة ذات سياج في حي رأس بيروت: “لم يعد الناس يساعدون بعضهم البعض”.
وأضاف وهو يشير إلى طفل يبلغ من العمر 11 عامًا يبحث في صندوق القمامة، عن طعام “في النهاية ، لقد تم اختزالنا إلى هذا الحد”.
ويواصل التحقيق والكلام عن لسان المحرر: “عادة ، تتطلع عائلات خديجة وأحمد إلى تناول إفطار مكون من أربعة أطباق مطبوخة في المنزل، بينما في الخارج، تزين الشوارع أضواء ملونة للاحتفال بالشهر الكريم، لكن بالنسبة للكثيرين في لبنان، فشهر رمضان هذا العام له مذاق مختلف.. أحد هذه المذاقات يشعر فيها المرء بالمرارة من الركود الاقتصادي الذي تصاعد منذ أواخر عام 2019 ، مما حوّل هذا البلد الذي كان ذات يوم نصيب الفرد فيه من الناتج المحلي الإجمالي، أعلى نصيب في دول العالم العربي غير المنتجة للنفط، وهبط الآن إلى مرتع من انعدام الأمن الغذائي.
وبسبب الانهيار المالي، أصبح من المرجح أن أكثر من 50٪ من سكان لبنان البالغ عددهم حوالي 7 ملايين يعيشون تحت خط الفقر، وفقًا للبنك الدولي، وأكثر من 1.5 مليون يعيشون في فقر مدقع (!!)
وعودة إلى الحكاية يقول التحقيق: “تعد خديجة وجبة إفطار تقريبا مكونة بالكامل من بقايا طعام جيرانها.
وكثير من أولئك الذين يتبعون تعاليم الإسلام التى تحض على زيادة الصدقات – التبرعات الخيرية – خلال الشهر الكريم يخصصون جزءًا من طعامهم للفقراء ، وهذا ما يعتمد عليه المزيد من المسلمين في لبنان هذا العام.
هذه المساعدة الخيرية هي التي تدعم أسرة خديجة المكونة من خمسة أفراد، والتى لم تطبخ لهم وجبة طعام منذ أسبوعين، وبدلاً من ذلك اعتمدت على بقايا الطعام التي يقدمها لها الجيران.
قالت المرأة البالغة من العمر 42 عامًا ، وهي أصلاً من قرية الخيام في جنوب لبنان ولكنها تعيش الآن في العاصمة: “في السابق ، كان بإمكاننا شراء الزيت والأدوية واللبن واللحوم والدجاج والحليب لأولادي ، وكان يتبقى لدينا شيء، الآن ، بالكاد نستطيع تحمل أي شيء”.

زوج خديجة ويدعى، علي، يعمل بوابا في مبنى متهالك بالقرب من الجامعة الأمريكية في بيروت، كان فى السابق يحصل على ما يعادل حوالي 300 دولار شهريًا قبل الأزمة – وهو ما يكفي لتعيش الأسرة، وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي، عندما بدأت العملة في الانخفاض، خفضوا أيضا له راتبه إلى 70 دولارًا في الشهر، واليوم يبلغ 37 دولارًا – ما يزيد قليلاً على دولار واحد في اليوم.
قالت خديجة: “لم أستطع إطعام طفلتى أمس، ابنتها لميس البالغة من العمر خمسة أشهر تجلس على كرسي أطفال بين ساقي خديجة، وأمها هرست لها كوسة “بايتة” منذ أسبوع، وجزرة، وحبة بطاطس، وصارت تداعبها فترفع لها ملعقة هذه “الهريسة” فى الهواء، وتدفعها نحو فم الطفلة وكأنها طائرة تطن لتأكلها الطفلة.
وقالت خديجة لمحررى التحقيق: “لا بأس أفضل أن يعتاد أطفالي على عدم تناول الطعام، على تناوله”، (حتى يعتادوا على الجوع)، وأضافت: ” من يدري ، ربما تتحسن الأمور في لبنان.”
في غضون عام واحد فقط ، ارتفعت أسعار المواد الغذائية هنا بنسبة تصل إلى 350٪ ، وفقًا لمجموعة مرصد الأزمات في الجامعة الأميركية في بيروت، وهو فريق تم تشكيله لتتبع تداعيات الأزمة المالية في لبنان.
يقول المراقبون إن ارتفاع الأسعار يمضى بلا هوادة.
كما أفاد مرصد الأزمات أنه خلال الأسبوع الأول من رمضان هذا العام وحده ، ارتفعت تكلفة وجبة الإفطار (النموذجية) للأسرة المكونة من خمسة أفراد – والتى تتكون من التمر وشوربة العدس وسلطة الفتوش والأرز بالدجاج واللبن – بنسبة 23.4٪.
وقالت خديجة: “في بعض الأيام ، لا يستطيع الجيران التبرع بكثير من طعامهم ، وعلينا الاكتفاء فقط بالبطاطس المقلية على الإفطار”.. “الحمد لله. ما زلنا نقول الحمد لله”.
ويحكى التحقيق، قصة أخرى بطلها يدعى أحمد، وهذه حكايته:
ويمضى التحقيق فيقول: “تعتبر خديجة نفسها محظوظة، إذ يتعين على آخرين في لبنان الاستغناء عن شبكات الأمان التي تعتمد عليها أسرتها، وأحد هؤلاء يدعى أحمد، وهو لاجئ سوري يبيع الخردة من علب القمامة منذ وفاة والده قبل خمس سنوات.
كان ظهره منحنيًا قليلاً ووجهه مخفيًا إلى حد كبير تحت القبعة البائسة التى يرتديها فى الغالب (كاوبوى دالاس)، وكان أحمد يفتش القمامة منذ الفجر، ويحيط به اثنان من أبناء عمومته الأصغر سناً، وبعدها يذهب يستكمل جولته في أنحاء المدينة حاملاً كيسًا كبيرًا من القمامة المجمعة.
قبل الأزمة المالية في لبنان ، كان يبيع المواد القابلة لإعادة التدوير بما يعادل حوالي 30 دولارًا في اليوم، كان يكفي أن يدفع إيجار شقته الصغيرة في حي فقير في جنوب بيروت ، وشراء بقالة لزوجته وأمه وطفليه، لكن دخله الآن بالكاد يغطي إيجاره. وللحصول على قوت يومه، يجب عليه أن يفعل ما كان يخشى منذ فترة طويلة – إطعام أطفاله من حاويات القمامة في المدينة.. يبحث أحمد عن الخردة والطعام في حاويات القمامة في بيروت.
ويخرج رجل يخرج من دكانه في حي رأس بيروت ليسب أمد بعبارات مسيئة وهو ينطلق في قمامته، يقول أحمد ونباشو القمامة الآخرون إنهم اعتادوا على التعرض للتنمر من قبل الناس في الشارع، يحدق من وراء قناعه الطبي الذى يضعه على فمه، ويبتعد أحمد عن كومة القمامة التي كان يبحث فيها وينتقل إلى أخرى.
قال أحمد: “بدون هذه القمامة سنموت جوعاً” ، ويداه المسودتان تقبضان على أطراف حاوية القمامة الفاسدة. “بسبب ارتفاع الأسعار ، نأكل ونشرب من القمامة، هناك كثيرون مثلي.”.”
“نحن نفعل ذلك حتى لا نضطر إلى التسول”.
ويعثر أحمد على علبة من الحلويات النظيفة، نسبيًا، فطائر البان كيك الشرق أوسطية – من تحت كومة من القمامة، يخطط لتقديمها لعائلته أثناء الإفطار.
رجل يبلغ منتصف العمر، يرتدي قميصًا أبيض اللون يزيل صدور الدجاج النيئة منتهية الصلاحية من صندوق “الزبالة” يقترب منه رجلا من المارة، ويعرض عليه نقودًا، يبدو على وجهه تعبيرًا مؤلمًا، ويقول للرجل: ” لا يا عمي، أنا أبحث فقط عن طعام للقطط الضالة “.
ويقدم التحقيق نماذج أخرى يصفها بـ “فقراء لبنان الجدد” وعنهم كتب المحرر:
” في الوقت الذي ينضم فيه ملايين الأشخاص في لبنان إلى صفوف الفقراء، ومن هم دون خط الفقر المدقع، فإن “فقراء لبنان الجدد” لا يكافحون فقط ضد انعدام الأمن الاقتصادي، ولكن أيضًا يكافحون ضد العار، إن الدمار الذي خلفه الكساد الاقتصادي في البلاد يحدث إلى حد كبير في الخفاء.
ويمضى التحقيق يؤكد أن بعض الذين كانوا يعتبرون، منذ وقت ليس ببعيد ، من الطبقة المتوسطة، يتوسلون الآن خفية للحصول على المال من أحد المارة الذين كانوا يتعرفون عليهم – من قبل فى حياتهم القديمة قبل الأزمة – فى صالة الألعاب الرياضية أو دروس اليوجا.
وينفجر رجل يقود سيارة مرسيدس بنز في البكاء وهو يطلب من أحد المشاة أن يدفع له ثمن الدواء لقلبه، وتكاد زوجته التى تجلس إلى جواره فى السيارة أن تغوص فى مقعدها خجلا، وتغطي وجهها بيديها وتنظر من النافذة إلى الاتجاه الآخر.
وشاب آخر ، طلب عدم ذكر اسمه، كما يقول التحقيق، وأوضح لشبكة “سى أن أن” كيف يجد طعامًا من حاوية قمامة لإطعام زوجته وابنته الصغيرة.
“سوف أنزع الأوراق الخارجية من هذه “الخساية” وأخذ الجزء الأوسط، وأنظفها، كما يقول وهو يفحص داخل كيس قمامة رماه للتو عامل من متجر خضروات قريب.. “هذا الليمون جيد. يمكنني نزع قشرته لاحقًا.. هذا البرتقالة فاسدة، يمكن أن تصيبنا بالتسمم.”
كان الشاب يعمل نادلًا حتى أدى الوباء إلى تفاقم أزمة لبنان الاقتصادية، مما أجبر المطعم الذي كان يعمل فيه على الإغلاق.
أحمد يأخذ علبة قطائف – حلوى شرق أوسطية – من تحت كومة من القمامة، “هذه جيدة ونظيفة”، يقول ، ويظهر على وجهه مزيج من السعادة والشفقة على الذات، وهو يفتش في الحلوى العربية التي يعتزم تقديمها في إفطار اليوم: “هذا سيكون طعامنا في المنزل الليلة”.
ابن عمه علي، البالغ من العمر 11 عامًا ، يغرق نفسه داخل حاوية قمامة، ويفرغ أكياس القمامة التى تحتويها، ويفتش بينها بحركات سريعة، ثم يخرج جسده من الحاوية حاملاً زجاجتي بيبسي نصف ممتلئين، يدسهما في كيس طعام كان قد عبأًه لوالديه وشقيقين أصغر منه.
بسملت خديجة قبل أن ترشف أول ملعقة من حساء العدس “بسم الله الرحمن الرحيم”. في الخارج ، كان آذان المغرب يتردد، الله أكبر.. الله أكبر، وفى داخل البيوت، يصل الآذان يتخلله صخب أدوات المائدة فى منازل الناس.
يبدو علي زوج خديجة هزيلاً ، لكنه يأكل فقط من البطاطس المقلية التي طهيتها زوجته، ويردد: “المشكلة هي أنني أكره أن آكل أي شيء آخر غير طبيخ زوجتي”، ويضيف “لم نتمكن من شراء بقالة منذ 15 يومًا”.
تدفعه خديجة بكوعها وتردد: “أيوه.. بقى لى يجلا سنة مكنتس بطبخ”، كما تقول، بينما يظهر فى الخلفية أحد برامج رمضان التلفزيونية الشعبية.
انتهى تحقيق “سى أن أن” ما هو شعورك الآن ؟!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى