رشا ضاحى تكتب: رحلة مع أسماء الله الحسنى.. (29) الملك

تتواصل رحلتنا مع أسماء الله الحسنى ونتحدث اليوم عن اسم من أسماء الجلال وهو اسم الملك جل جلاله

وقد ورد اسم الله الملك في القرآن والسنة بثلاثة صيغ، هي: الملك  والمالك والمليك، فأما اسم الملك فقد جاء في  خمسة مواضع منها قوله سبحانه وتعالى: ﴿فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما﴾ (طه: 114)

وورد اسم مالك مرتين منها قوله تعالى: ﴿مالك يوم الدين﴾ (الفاتحة: 4)

وورد بصيغة المبالغة في آخر سورة القمر قال تعالى : ﴿في مقعد صدق عند مليك مقتدر﴾ (القمر: 55)

أما في السنة النبوية فكما جاء في الدعاء الذي علم النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه أن يقوله في الصباح والمساء، قال: “قُل: اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ” قَالَ: “قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ”.

أما عن معنى الاسم الجليل فإن المالك هو المتصرِّف بفعله، والمَلِك هو المتصرف بفعله وأمره، والله جل وعلا مالكُ الملك؛ فهو المتصرِّف بفعله وأمرِه

ولكن لماذا سمى الله نفسه مالك وملك ؟.. لأن المالك يملك وقد لا يحكم ، والملك يحكم وقد لا يملك .

والله هو المالك الملك الذي يملك ويحكم ، وقد وردت القراءتان في سورة الفاتحة (مالك يوم الدين)، وفي قراءة ورش (ملك يوم الّدين).

وقد ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله أن حقيقة المُلك لا تتم إلا بالعطاء، والمنع، والإكرام، والإهانة، والإثابة, والعقوبة، والغضب، والرضا، والتولية، والعزل، وإعزاز من يليق به العز، وإذلال من يليق به الذل، ﴿قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير﴾ (آل عمران: 26).

والله جل وعلا هو المَلِك الحق الذي يتضاءل كل مُلك دون ملكه, وهو الإله الحق، وهو الرب الحق، فالله خلق الخلق بربوبيته, وقهرهم بملكه واستعبدهم بإلوهيته، ولهذا قال الله تبارك وتعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )، فذكر رب الناس، ثم قال:( مَلِكِ النَّاسِ)، ثم قال: (إِلَهِ النَّاسِ )، فهذه الإضافات الثلاث كما يقول ابن القيم  قد اشتملت على جميع قواعد الإيمان، وتضمنت معاني الأسماء الحسنى.

ومن ثمرات الإيمان بهذا الاسم الجليل أن يكون الله عز وجل هو ملاذنا ومعاذنا، نلجأ إليه وحده تبارك وتعالى دون أحد سواه، إذا أدرك العبد أن الله سبحانه وتعالى الملك، وهو المالك, وأن المُلك جميعاً بيد الله فإنه لا يبتغي أحداً سوى الله من أجل أن يمنحه، أو أن يعطيه, أو أن يسد حاجته، أو أن يمنعه من المخلوقين حال المخاوف, وإنما يمتنع باستعاذته واستجارته, والتجائه بربه ومليكه الذي لا غنى له عنه بحال من الأحوال.

وحتى نلتقي دمتم في رعاية الله وأمنه.

اقرأ أيضا للكاتبة:

 

زر الذهاب إلى الأعلى