“الشبو” تحصد أرواح الشباب بالمناطق الشعبية.. وخبير أمني: أخطر من الإرهاب
المخدر القاتل
كتب: إسلام فليفل
المرج الجدية أكثر مناطق المخدر “الفتاك” انتشارًا.. الجرام بـ400جنيه والسيجارة بـ70جنيهًا
كلما زاد عدد المدمنين زاد معهم طمع “الديلرات” لتوسيع تجارتهم غير المشروعة من خلال إغراق سوق الكيف بأصناف جديدة أكثر سُمية مما سبق، مستغلين رغبة الشباب فى حب التجربة حتى ظهروا لنا بمخدر جديد اسمه “الشبو”، أو الكريستال ميث، وهو مخدر استطاع جذب كل متعاطى المخدرات بكل أنواعها بداية من مدمنى الهيروين وصولًا إلى مدمنى الفودو والاستروكس.
موقف الميكروباص
البداية كانت فى موقف ميكروباصات “المرج”، بمحافظة القاهرة، حيث قضينا يومًا بمساعدة أحد مصادرنا بالموقف، والذى كان قد أكد لنا أن مدمنى “الشبو” منتشرين بهذا الموقف، حيث ذهبنا إلى الموقف وادعى المحرر للسائقين مدمنى البودر هناك، أن لديه شقيقًا مدمنًا على مخدر الشبو ونريد معرفه كل المعلومات عن هذا المخدر لعلاج “الشقيق الوهمى”.
يقول”خالد.ح” وهو سائق “ميكروباص” إن بداية ظهور مخدر الشبو فى سوق الكيف كانت منذ عام تقريبًا، ولكنه وقتها لم يكن معروفًا بين المدمنين، مضيفًا أنه كان مدمنًا على مخدر “الهيروين” إلا أنه تركه منذ شهرين واتجه إلى مخدر “الشبو”، مؤكدًا أن مفعوله أقوى من الهيروين بمراحل، مشيرًا إلى أنه يتعاطى “الشبو”عن طريق التدخين.
وأشار إلى أن “نفسين” فقط من سيجارة “الشبو” كفيلان بالوصول إلى حالة الهلوسة التي يصل لها من خلال كميات كبيرة من الهيروين، مضيفًا: “الشبو دماغ عالية بفلوس قليلة وكميات ضئيلة” لافتًا إلى أن بداية إدمانه له كانت عن طريق التجربة من أحد أصدقائه السائقين، حيث يشل حركته ويفقده الإحساس بكل شئ بالإضافة إلى فقدانه للوعى فى بعض الأحيان.
وقاطعه صديقه “ممدوح.ي” وهو مدمن شبو ويعمل سائق ميكروباص، قائلًا إنه يتعاطى الشبو من خلال وضعه على السجائر، حيث يقود الميكروباص دائمًا تحت تأثيره، موضحًا أنه ذات مرة فقد الوعى للحظات أثناء القيادة وعند إفاقته وجد نفسه مصطدمًا بعربات الباعة الجائلين المتواجدة على الطريق هناك بمنطقة شارع الـ12 بمؤسسة الزكاة، حيث إن مدة تأثير الشبو عليه 20دقيقة فقط، لذلك يتعاطى منه باستمرار حتى يظل فى حالة اللاوعى، بحسب قوله.
وفى سياق متصل قال “عبد الرحمن.ع” إنه كان مدمنًا على مخدر”الحشيش” ومن ثم الفودو والاستروكس إلا أنه بعد تجربته لمخدر الشبو أصبح مدمنًا عليه، وترك كل أنواع المخدرات الأخرى، لافتًا إلى أن مخدر الشبو أكثر أنواع المخدرات تأثيرًا فى الوقت الحالي، وأنه فى بداية تعاطيه لمخدر الشبو جاءه شعور يشبه تعرض الجسد لشحنة كهرباء زائدة، كما انه يشعر بحالات من الهذيان والهلاوس وفقدان القدرة على تحريك أعضاء جسده.
سرنجة الموت
روى “عُدي.س” 35عامًا، وهو مدمن هيروين، بمنطقة بين السرايات، تفاصيل مصرع صديقه بسبب مخدر الشبو إذ قال إن لديه صديقًا يدعى “سالم.خ” 31عامًا، وكان يعمل فى تجارة الحشيش بالإضافة إلى إدمانه لمخدر الهيروين لمدة 6سنوات، مضيفًا أن صديقه تدهورت حالته الصحية بسبب إدمانه للهيروين، فمنذ بضعة أشهر أجبرته عائلته على دخول مصحة لعلاج الإدمان.
وأشار إلى أنه بعد انتهاء فترة العلاج قطعوا عنه كل سبل الحصول على الأموال لمنعه من تعاطى الهيروين مرة أخرى، إلا أن صديقه اتجه إلى مخدر جديد فى السوق اسمه الشبو لأنه رخيص الثمن، موضحًا أنه تعاطى البودر بواسطة “سرنجة” ليكون تأثيره مثل الهيروين، حيث ظل جسده ينتفخ لمده يومين حتى لقى حتفه، مؤكدًا أنه كان معه لحظة تعاطيه “الشبو”.
المرج الجديدة منبع “الشبو”
بينما قال “رائد.صلاح” أحد مدمنى الشبو، من منطقة المرج الجديدة، بمحافظة القاهرة، عن الغالبية العظمى من مدمنى الشبو أطفال، مضيفًا أن هناك عدة أنواع من مخدر”الشبو” وفقًا للتركيبه التي يتم إعدادها، وجميعها تعطى نفس التأثير، كما أنه يباع في منطقته بـ”السيجارة” فى غالبية الأوقات، وسعرها 70جنيهًا يتعاطاها المدمن على فترات متقطعة، اما سعر الجرام بعد التركيب بمواد مخدرة أخرى يبلغ 400جنيه، ويكفى من 4إلى 6سجائر، موضحًا أن منطقة المرج الجديدة تعتبر منبع توزيع الشبو فى مصر، وهناك إقبال شديد من المدمنين عليه وتليها منطقة مؤسسة الزكاة وسعر السيجارة هناك 40جنيهًا فقط.
أصغر مدمن شبو
فى منطقة دروة بمحافظة المنوفية التقينا “عمر” الطفل صاحب الـ15عامًا، حيث قال إنه كان مدمنًا على مخدر”الاستروكس”، إلا أنه اتجه إلى مخدر “الشبو” منذ شهر واحد فقط، مضيفًا أنه عند تعاطيه للشبو يشعر أنه منفصل عن العالم وفى حالة هلوسة شديدة إلى جانب تسارع كبير بضربات القلب وارتخاء شديد فى الأعصاب بالإضافة إلى نسيان الأحداث التى مر بها تحت تأثير الشبو، فضلًا عن حدوث شلل فى بعض الأطراف وبـ”اللسان”.
وتابع: “ببساطة كل الجسد متوقف عن الحركة، وكأنني أشعر بالشلل إلا العيون، لافتًا إلى أنه يفضل شراء سيجارة شبو بـ50جنيهًا تكفيه لمدة 5أيام، يأخذها على فترات أفضل من شراء كمية كبيرة من الاستروكس.
شبكات التهريب
قال خبراء أمن ومحللون إن بداية ظهور المخدر فى مصر بدأت العام قبل الماضي، ويأتى عن طريق التهريب، وبدأ تهريبه بكميات صغيرة فى البداية عن طريق عمال مصريين يعملون فى الخليج، حيث كشفت تقاريرعن تصنيع كميات كبيرة للمخدر فى إيران ويتم تهريبه إلى دول الخليج، إلا أن انتشر وبدأت عصابات التهريب تدخله إلى مصر.
وأحبطت الأجهزة الأمنية محاولات عديدة لتهريب المخدر إلى مصر عبر الموانئ المختلفة، وبصفة خاصة مطار القاهرة الدولي، حيث قُدرت الشحنات المضبوطة بـ68كيلو من مخدر الشبو بحوزة 10تشكيلات عصابية وعناصر إجرامية.
تاجر الشبو
محرر “بيان” تواصل مع أحد تجار”الشبو” من منطقة المطرية، ويدعى “مهنا.غ”، وشهرته “السرحان”، فى البداية سألناه عن سعر الشبو بمنطقته حيث أكد أنه بـ450جنيهًا ويباع أيضًا بالسيجارة بداية من 25جنيهًا، وبسؤاله عن كيفية تعاطى الشبو قال إن مدمنى الاستروكس والفودو اتجهوا إلى إدمان مخدر الشبو ويتعاطونه عن طريق وضعه فى سجائر ملفوفة، أما مدمنو الهيروين فهناك من يتعاطونه عن طريق لفه فى سجائر أو الشم، أما الحقن فيؤدى إلى حدوث “غرغرينا” فى الساق أو الذراع، بالإضافة إلى تجلط الدم إذا كانت الكمية كبيرة، وأثناء البيع حذرنا من تعاطيه عن طريق الحقن بسرنجة، مؤكدًا أن هناك حالات وفاة عديدة لقيت حدفها بسبب الشبو.
وأوضح أن أغلبية من قاموا بتجربة الشبو للمرة الاولى لقوا حتفهم بسبب زيادة فى الجرعة لعدم درايتهم بقوة مفعوله، لافتًا إلى ان الشبو “مخدر الموت وتركيبته فتاكة”.
وتابع أنه لذلك انتشر بين المدمنين بسسرعة البرق لأنه يناسب كل أنواع المدمنين بسبب سعره الرخيص وتأثيره الطويل، مؤكدًا أن بداية ظهور الشبو في منطقته كانت منذ 11شهر، ويتم جلبه من موزعين موثوق بهم، ولم يتم اللعب فى خلطته المعروفه حتى الآن مثلما حدث مع مخدرات الفودو والاستروكس.
حشيش بالشبو
بينما قال “أ.ح”، وهو يعمل مع أحد تجار “الحشيش” بمنطقة شبرا الخيمة، ان الحشيش الذى يبيعونه مخلوط بمخدر الشبو، مضيفًا أن “الحشيش” المخلوط بـ”الشبو” يكون لونه مائلًا للسواد.
وتابع أنه عند “تسييح الحشيش” المخلوط بالشبو بالنار يحدث حالة فوران، لافتًا إلى أنه “مدمن حشيش” لكنه لا يتعاطى هذه النوعية التى يبيعها بسبب احتوائها على مخدر الشبو.
وأشار إلى أن “حشيش الشبو” عليه إقبال كبير بالسوق، وأن المدمنين لا يعرفون أنه يحتوى على “الشبو” موضحًا أن سعر “كيس حشيش الشبو” بـ8000جنيه وأقل قطعة منه تباع بـ220جنيهًا.
تشديد العقوبات
ومن جهته قال العميد محمود محي الدين، الخبير الأمنى، إن محاربة المخدرات لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب، مطالبًا بضرورة شن حملات مستمرة لتحليل المخدرات على سائقى الميكروباصات والتكاتك والأشخاص الذين يجلسون على المقاهى وطلاب المدارس، مضيفًا أن تجارة المخدرات تعتبر “بيزنس” ضخمًا للغاية، مناشدًا وزارة الداخلية بضرورة تجفيف منابع تصديرالمخدرات داخل مصر من قبل الدول الأخرى.
وشدد على ضرورة تشديد العقوبات على متعاطى المخدرات حيث لا تقل عن 5سنوات سجن واستجوابهم لمعرفة تسلسل تجار المخدرات وصولًا إلى الرؤوس الكبيرة التي تدخلها مصر، لافتًا إلى أن تجار المخدرات كل يوم يملأون السوق بأصناف مخدرات جديدة بمسميات حديثة كى لا يتعرضوا للعقوبة.
التجربة والافتخار
ومن جانبها قالت الدكتورة منى عيد، أستاذ علم النفس، إن من أسباب إقبال الشباب على المخدرات الجديدة ذات التأثير القوى، هو الرغبة فى الافتخار أمام الأصدقاء وحب التجربة، مضيفة أنه لابد من تبنى استراتيجية قومية لمواجهة ظاهرة تعاطى المخدرات، مشددة على ضرورة تربية أطفالنا على كيفية اتخاذ القرارات وتحمل المسئولية، محذرة من أن الجماعات الإرهابية دائما ما تستقطب الشخصيات الضعيفة ومن ضمنهم مدمنوا المخدرات.