أسماء خليل تكتب: بضاعةٌ مُزجاة

إن الزيف والخداع الذي تجده من بعض الأشخاص في حياتك، استشرى ليطل الحياة المعنوية لأشخاص آخرين وانعكس عليها بكل ألم مُخلفًا آثارًا عميقة ربما لا يمحوها مرور الأيام، فإذا كان عمرك قد تخطى عقدين من الزمان أو أكثر؛ فحتمًا ستكون قد اشتريت أو أجبرت على الشراء عنوة أو بسيف الحياء أي نوعٍ من أنواع البضاعة المُزجاة التي ما بَرَحت انتشارًا بكل وسائل التواصل.
إنَّ هؤلاء البائعين أشخاص مُتجولون طوَّافون بكل وسائل التواصل، يقدمون بضاعتهم بما تحتويه من صور مزيفة وعبارات مقتبسة من أروع ما يكون على صفحاتهم الشخصية.. وحتمًا ستروق لك، وفي ذلك الحين أنت بالطريق لشراء بضاعتهم التي يعرضونها بشكلٍ لا إنساني؛ وعلى رأس تلك البضائع هي المتعلقة بجراحات النفس البشرية لأنها الأشد إيلامًا وخسارة معنوية؛ إذ أن هناك من تخدع فتاة أو امرأة على أنها صديقة صدوقة، وريثما تكتشف الحقيقة.. تجد الوهم.
وربما يخدع أحدهم شاب أو رجل على أنه صديقه المقرب ويجده عكس ذلك.
والأكثر زيفًا وتفنُّنًا مَن يعرضون بضاعتهم في أبهى صورها؛ هم الشباب الذين يجتذبون البنات، والبنات اللائي تجتذبن الشباب للزواج أو التسلِّي.. إذ أن لكل منهم أوزانًا ومكاييلًا لا يكتالون بها إلَّا السراب.. سِيَر ذاتية برَّاقة.. وألبوماتٍ لصور غاية بالرشاقة.. ومحاكاة لآراء فلاسفة غاية بالطلاقة، إنهم صائدون حاذقون في نصب أفخاخهم واصطياد فرائسهم الذين يتم انتقائهم بعناية وبمواصفات غاية بالدقة.
إن لهذا النوع من الضحايا تحديدًا وقفة مع علماء النفس؛ إذ أنه من أهم نتائج تحليل شخصياتهم يتضح أنهم على قدر ضئيل من الثقة بالنفس وكذلك تجدهم بحاجة إلى الاحتواء؛ لأنهم على استعداد تام للوقوع في شباك الصيادين الواهية..
مرورًا بكل أنواع البضائع المُزجاة الزائفة على وسائل التواصل، مِن أسماء لمراكز أطباء ومحامين واهية، وكذلك أنواع من الأقمشة البالية وسوائل لتنظيف الأجساد، هي بالأساس لتنظيف الأواني، لا تشبهها سوى باللون والرائحة، وأيضًا مأكولات بحرية لتجدها بقايا من طحالب صينية..
إنها بضائع مُزجاة تافهة رخيصة الأثمان غالية بترويج أصحابها لها ترويجًا يمتاز بالذكاء والدهاء..
هل العيب بالمخادعين أم بالضحايا؟!.. من منهم الأكثر قبحًا؟!.. ذلك الذي يبيع بضاعة مُزجاة مختلطة بالوهم ؟!.. أم الضحية التي تغمض عينيها عن رؤية الحقيقية والاستمتاع بالسير في خضم العالم الافتراضي المزيف؟!.
وفي الحقيقة، إنه اتفاق ضمني بين شريكين بمزاد علني أطرافه هم أشخاصٌ حقيقيون وأهدافه أكثر تعقيدًا، بلا مستندات ولا توقيعات.. اتفقا أن يعيشا بأرض الخيال وينحيا أرض الواقع.

زر الذهاب إلى الأعلى