طارق متولى يكتب: النكبة الإسرائيلية
بداية نود أن نطرح سؤالا هل كان فى التاريخ فى أى من مراحله دولة لليهود اسمها اسرائيل ؟ الإجابة بالطبع لا فالدارس لتاريخ الحضارات لن يجد دولة بهذا الاسم ولا بهذه الصفة على الإطلاق.
صحيح أنه كان يوجد ممالك صغيرة للعبرانيين أو بنى إسرائيل أو قل ولايات صغيرة مثل يهوذا وسامراء فى أورشليم فى التاريخ القديم قبل الميلاد ولكنها لم تكن دولة بمفهوم الدول المعروف قديما، وكانت فى كثير من الأوقات تحت حماية الدول الكبرى أو خاضعة لها مثلما كان الحال مع الدولة المصرية القديمة التى كانت تدافع عنها عندما تتعرض لهجوم القبائل الآرامية والبابلية ولكنها لم تكن دولة أو حضارة كبيرة مثل الحضارة المصرية والبابلية والفارسية والرومانية، التى كانت هى القوى العظمى آنذاك.
وقد عاش اليهود فى مناطق ودول كثير من العالم، فقد تواجدوا فى مصر أواخر عصور الأسرات الفرعونية وتواجدوا فى المدينة المنورة وتواجدوا فى العراق بابل ثم فى أوروبا وروسيا وكثير من البلدان كإناس يعتنقون الديانة اليهودية تحت حكم هذه البلدان.
وقد عانت جميع الدول التى استوطن فيها اليهود من مشاكل معهم بسبب عدم انتمائهم وخيانتهم ومحاولاتهم الدائمة لزرع الفتنة والوقيعة بين الحكام والمحكومين وهو دور لا زالوا يقومون به حتى عصرنا هذا.
فمصر مثلا التى فتحت لهم أبوابها فى عصر الأسرة الثامنة والعشرين بعد ما هجروا من مناطق العراق والشام تحت ضغط الآشوريبن وأعطتهم الأمان والسكن بل وعمل بعضهم فى حاميات الجيش المصرى القديم وكان يطلق عليهم اسم العبيرو كأختصار للعبرانيين، تآمروا عليها مع الفرس الغزاة لمصر وأمدوهم بالمعلومات عن الجيش المصرى واعلنوا انتماءهم للملك الفارسى قمبيز الذى احتلت جيوشه مصر، بعد معارك عنيفة واعتبروه اليهود مخلصهم ومسيحهم المنتظر.
وعندما قامت حركات التحرر الوطنى المصرى لطرد الفرس كان اليهود يبلغون الفرس عن الوطنيين المصريين وخططهم وأماكنهم حتى استطاع المصريون فى النهاية طرد الفرس.
واختفت أخبار اليهود من مصر ثم عادت للظهور مرة أخرى، فى العصر البطلمى واحتلال الفرس مرة أخرى لمصر فى نهاية العصر الفرعونى والاحتلال الرومانى لمصر بعدهم وهذا كله مذكور فى وثائق آرامية ويهودية قديمة وجدت فى جزيرة ألفنتين (فيلة ) فى أسوان عام ٤٠٤ ق. م.
وعلى الرغم مما قدمته مصر لليهود فإن متنبىء اليهود ورجالهم دائما ما كانوا يتنبئون لمصر بالشر المستطير.
هذا فى مصر، أما فى المدينة المنورة أو يثرب فقد ذكر القرآن الكريم والمؤرخين الكثير عن تآمرهم ضد المسلمين والسكان من أهل البلاد وخاينتهم للعهود والاتفاقات وخلق المشاكل الدائمة وتعكير الصفو حتى أجلوا تماما عن المدينة وأرض الحجاز المقدسة فى عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وفى أوروبا المسيحية وروسيا لم تسلم المجتمعات من تآمرهم وأفعالهم، فكانت جميع المجتمعات تلفظهم وتنكل بهم ومن هنا ظهر مصطلح معاداة السامية فى الغرب، وليس فى الشرق.
ظل حال اليهود هكذا حتى تأسست المنظمة الصهيونية العالمية على يد ثيودور هيرتزل بعد عقد مؤتمر بازل في سويسرا عام 1897 بهدف تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وإقامة وطن لليهود فيها وأنشأ ثيودور هيرتزل كتاب تحت عنوان الدولة اليهودية، فقامت برعاية الهجرات اليهودية وتمكينهم بشتى الوسائل والطرق للعيش في فلسطين.
وأسست المنظمة الصهيونية عصابات عسكرية إرهابية مثل الهاجانا والأرجون لتقوم بتفريغ الأرض من الفلسطينيين والإستيلاء عليها، وشكّلت هذه الهجرات والعمليات الإرهابية الصهيونية، بداية التعامل والعلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث الحروب والصراعات بين الطرفين هي بداية هذه العلاقات.
وللحديث بقية لنعرف ما آلت إليه الأوضاع وإستبدال دولة فلسطين بدولة إسرائيل.