تطوره التاريخى وإشكالياته وتوصيات بشأنه.. “الحبس الاحتياطي” موضوع تقرير لـ “ملتقى الحوار للتنمية”
كتب: سيد محمود
أصدرت اليوم الأربعاء 19 مايو 2021 ” وحدة البحوث والدراسات ” بمؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان تقريراً حول “الحبس الإحتياطي في مصر “.
يهمك.. مركز حقوقي يستنكر الحملات القمعية لوسائل التواصل الاجتماعي إزاء المحتوي الفلسطيني
أكد التقرير على أن الأصل في الحبس الإحتياطي هو أنه إجراء قانوني تتخذه سلطة التحقيق أو المحكمة المختصة لضمان التحفظ على المتهم في مكان آمن لحين الفصل في الدعوى والإتهامات المنسوبة إليه من جهة وضمان عدم العبث بأدلة القضية أو التأثير على شهود الواقعة أو الإضرار بالمجتمع من جهة أخرى.
وجاء بالتقرير أن دستور 2014 قد أكد على أهم ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة وذلك بما يتفق مع المعايير الدولية كما أن المشرّع المصري وضع للحبس الاحتياطي العديد من القيود والضمانات التي تنظم هذا الإجراء والتي تؤدى إلى الهدف منه.
وقد ناقش التقرير عددا من المحاور التي تتعلق بالحبس الإحتياطي كان من أهمها:
التطور التاريخي للحبس الاحتياطي
فيما يتعلق بالتطور التاريخي للحبس الإحتياطي أوضح التقرير أن الحبس الاحتياطي بدأ في القانون حين صدر قانون الإجراءات الجنائية عام 1950 الذى جاء به أحكام الحبس الاحتياطي، وقد طرأ على هذا القانون عدد من التعديلات منها المرسوم بقانون رقم 353 لسنة 1952 ثم صدر دستور عام 1971 حيث حدثت العديد من التعديلات لتتناسب القوانين مع أحكام الدستور ، وقد تضمنت تلك التعديلات إلغاء محاكم أمن الدولة المنشأة بالقانون رقم 105 لسنة 1980 وذلك بموجب القانون رقم 95 لسنة 2003 والذى أجرى تعديلات هامة على أحكام الحبس الإحتياطي وجاءت أحدث التعديلات في القانون رقم 145 لسنة 2006 وكذلك في عام 2013.
أما فيما يتعلق بماهية الحبس الإحتياطي وتعريفه فقد أشار التقرير إلى أن المشرع المصري لم يضع تعريفاً محدداً للحبس الاحتياطي وانما اكتفي بايراد قواعد تعالج موضوع الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية ولكن يمكن إبراز مضمون الحبس الاحتياطي حيث أنه ينصب على من هو متهم ويكمن جوهره في سلب حريته لفترة محدودة من الزمن قابلة للتجديد
وجاء بالتقرير فيما يتعلق بالإطار القانوني للحبس الاحتياطي أنه دستور عام 2014 في المواد (54) و (55) و (56) أكد على أن حرية الأفراد حق ولا يجوز المساس بها وقد اكدت تلك المواد على الحقوق الخاصة بالمقبوض عليهم فضلاً عن حماية الشهود والمبلغين كما أن المادة (54) من الدستور قد أسست التعامل مع الحبس الاحتياطي إذ جاء بها ” ينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطي ومدته وأسبابه وحالات استحقاق التعويض الذى تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطي” .
وعن شروط الحبس الاحتياطي في القانون فقد أوضح التقرير أن قانون الإجراءات الجنائية قد وضع شروطاً يجب أن تكون متوفرة لحبس المتهم احتياطياً وجاء ذلك في المادة رقم (134) التي تم استبدالها بالقانون رقم 145 لسنة 2006 حيث أجاز القانون لقاضي التحقيق أن يصدر أمراً بحبس المتهم احتياطياً وذلك إذا توافرت إحدى الحالات أو الدواعي وهى : (إذا كانت الجريمة في حالة تلبس – الخشية من هروب المتهم – خشية الإضرار بمصلحة التحقيق سواء بالتأثير على المجنى عليه أو الشهود أو العبث فى الأدلة أو القرائن المادية أو بإجراء إتفاقات مع باقى الجناة لتغيير الحقيقة أو طمس معالمها – توقى الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام الذى قد يترتب على جسامة الجريمة – إذا كان لا يوجد للمتهم محل إقامة ثابت ومعلوم وكان محبوس علي ذمة جناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس.
وفيما يتعلق بالحد الأقصي للحبس الاحتياطي فقد جاء في التقرير أنه لايجوز أن تجاوز مدة الحبس الإحتياطى فى مرحلة التحقيق الإبتدائى وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لاتتجاوز ستة أِشهر فى الجنح، وثمانية عشر شهرًا في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هى السجن المؤبد أو الإعدام.
أما فيما يتعلق ببدائل الحبس الاحتياطي فقد أوضح التقرير أن المشرّع المصري أورد في التعديل الصادر بالقانون رقم 145 لسنة 2006 بدائل للحبس الاحتياطي يمكن للمحقق أن يقررها بدلاً من إصداره أمراً بحبس المتهم حتياطياً وتتمثل في : إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه و إلزام المتهم بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة فى أوقات محددة . وحظر ارتياد المتهم أماكن محددة .
وعن المعاهدات والتوصيات الدولية بشأن بدائل الحبس الاحتياطي أشار التقرير أن المعاهدات الدولية أوصت على أهمية استخدام بدائل الحبس الأحتياطي كما أوصت كذلك على أهمية فرض بدائل له واستخدامها في بداية مراحل الدعوى ، وقد اهتمت القوانين والمعاهدات الدولية بالتوعية بأهمية تطيبيق العقوبات البديلة قبل محاكمات الأشخاص باعتبار أن الحبس الاحتياطي من الاجراءات التي تهدر حرية الأفراد دون أن يكون قد تمت إدانتهم بشكل رسمي بمقتضى حكم قضائي وقد تطرقت العديد من المعاهدات الدولية إلى أهمية استخدام بدائل الحبس الإحتياطي .
كما جاء بالتقرير ملخص عن أهم القضايا وأشهرها ومنها القضيتان رقم 1338 و 1413 لسنة 2019 وهى القضايا المعروفة إعلامياً بقضايا 20 سبتمبر 2019 ) والقضية 930 لسنة 2019 أمن دولة، والمعروفة إعلامياً بقضية ” تنظيم الأمل” و القضيتان 880 و 960 لسنة 2020 حصر أمن دولة والمعروفتان بقضيتى تظاهرات 20 سبتمبر 2020 والقضية رقم 488 لسنة 2019 .
كما جاء بالتقرير أيضاً أهم القرارات المتعلقة بالمفرج عنهم والمخلى سبيلهم والمحبوسين في تلك القضايا من قرارات صادرة من المحكمة أو النائب العام كما ذكر التقرير أهم قرارات العفو الرئاسي فيما يتعلق بالمحبوسين.
وفيما يتعلق بإشكاليات الحبس الإحتياطي فقد أوضح التقرير عدد من الإشكاليات والتي كان من أهمها ما يلى:
يعد الحبس الاحتياطي المفتوح المدة من الإجراءات الجديدة التي أدخلت کتعديل في المادة (143/3) من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لعام1950 الذى خولت بمقتضاه محكمة النقض أو محكمة الإحالة صلاحية تمديد مدة الحبس الاحتياطي بعد إلغاء الحد الأقصى له في الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤبد أو الإعدام ومن ثم لا يسمح للمتهم أن يطالب بالإفراج المؤقت حتى صدور حکم نهائي بالتهمة المسندة إليه مما يتعارض ذلک مع قرينة البراءة التي کفلها الدستور المصري الحالى وكذلك قانون الإجراءات الجنائية ، والتزامات مصر الدولية المنصوص عليها في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بشأن تحديد مدة للحبس الاحتياطي.
كثيراً ما نجد تضارب في القرارات الصادرة عن بعض المحاكم ، فمنها ما يصدر القرار استناد اً إلى المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية التي تترك السلطة للقضاة في استخدام سلطتهم في الحبس الاحتياطي متجاهلين بذلك المواد التي حدث عليها تعديل والتي توضح الحدود القصوى لمدة الحبس الاحتياطي.
تجديد الحبس أمام النيابة العامة بالرغم من عدم حضور المتهمين، وهو ما يخالف مواد قانون الإجراءات الجنائية.
عدم تمكين المتهم من استئناف أوامر الحبس الاحتياطي بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية.
استمرار الحبس الاحتياطي في كثير من القضايا حتى بعد مرور عامين وهي أقصى مدة في القانون للحبس الاحتياطي، سواء من قبل النيابة العامة أو بقرارات من رؤساء المحاكم.
هناك انتهاك واضح من بعض الدوائر القضائية بعدم تنفيذ صحيح القانون فيما يتعلق بمدد الحبس الاحتياطي التي نص عليها القانون بالرغم من ان النص واضح .
وانتهى التقرير إلى عدد من التوصيات كان من أهمها التالى:
- ضرورة الحفاظ على جعل الحبس الاحتياطي اجراء احترازي وليس اشبه بالعقوبة وإحاطته بضمانات تحول دون تحوله لانتهاك حرية الانسان الحقيقية وحرية التنقل الذين كفلهما الدستور والقانون .
- ضرورة اصدار تشريع خاص ينظم عملية التعويض عن الحبس الاحتياطي ومن هم المستحقون لذلك التعويض مع ضرورة تدارك الآثار السلبية في حالة امتداد الحبس الإحتياطي لفترة طويلة والحكم ببراءة المتهم بتعويضه مادياً ومعنوياً بنصوص تشريعية جديدة.
- الفصل بين سلطتى الإتهام والتحقيق اللتين تتمتع بهما النيابة العامة وذلك بأن يكون هناك قاض متخصص يكون مسئول عن اصدار قرارات الحبس الاحتياطي وتجديد الحبس الاحتياطي أو الافراج عن المتهم بدلاً من محكمة الإحالة أو محكمة النقض.
- استخدام بدائل الحبس الاحتياطي طبقاً للمادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية حيث أنها تقوم بنفس الدور المرجو من الحبس الاحتياطي, مع ضرورة استخدام بدائل أخرى للحبس الاحتياطي كالسوار الاليكتروني .
- وقف الحبس الاحتياطي المطول الذي تلجأ إليه النيابة العامة والمحاكم والالتزام بالتعديلات الواردة بموجب القانون 143 لسنة 2006 .
- إلزام النيابة العامة أو المحاكم بتسبيب أوامرها القضائية بالحبس الاحتياطي.
يمكنكم الاطلاع على التقرير من خلال موقع ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الانسان على الرابط التالي:
https://www.fdhrd.org/ar/الحبس-الإحتياطي-في-مصر/