“بلاك ووتر” الأمريكية و”فاجنر” الروسية.. أنت تدفع ونحن نقتل ! (صور)
كتبت: أسماء خليل
ماذا يخطر ببالك عندما تسمع كلمة “مُرتزقة “؟.. ربما يأتي بذهنك العصابات المسلحة، أو الأفراد الذين يتطوعون للارتزاق (من الرزق) بجيوش الغزاة المعتدين على طوال التاريخ، مثل الهكسوس، المغول أو التتار، تلك الشعوب البدوية التي لم يتفق العلماء على أصلهم ومن الراجح أنهم أصحاب أصول آسيوية متعددةوأجادوا فنون الحروب والقتال!!.. أو ربما ينصرف ذهنك إلى المماليك الذين استقدمهم الأيوبيون من آسيا الوسطى وكانوا مجرد غلمان وأطفال تم تربيتهم ونشأتهم نشأة عسكرية وفق قواعد صارمة، ثم استغلوا ثغرات وضعف الحكام وانقلبوا على الحكم وحكموا مصر أكثر من قرنين من الزمان!!
يهمك.. عن واقع العرب المشوه| “الموريتاني” قصة الإرهاب المجهول
على أية حال كلهم كانوا يرتزقوق على ترويع وقتل المدنيين.
هل تتوقع أن المُرتزقة متواجدون في العصر الحديث؟!.. نعم، إنهم أشخاص يقومون بأى عمل يتم إسدائه إليهم بمُقابل مادي بصرف النظرعن نوعية العمل أو الهدف منه، ويتم تدريبهم بشكل عسكري فأغلبهم يشتغلون بالقوات المسلحة التابعة لبلادهم، وقد استخدم كثيرًا من الحكام هؤلاء المرتزقة للمساعدة في حماية بلادهم وخاصة بالقرن الثاني الميلادي وحتى القرن السادس الميلادي.. إنهم على أعلى درجة من الاحتراف وهم آداة للربح لدى بعض الحكام وذلك عن طريق تأجيرهم كجيوش لدول أخرى للعمل تحت مُسمى المُرتزقة..
نعم في العصر الحديث تم جلبهم بكثرة وخاصة للعمل في الدول العربية مثل سوريا وليبيا؛ نظرًا للحروب الدائرة بالمنطقة العربية، ومن أشهر مرتزقة العصر الحديث “فاجنر الروسية” و”بلاك ووتر الأمريكية”.
“بلاك ووتر” أمريكا
بلاك ووتر أمريكا هم مُرتزقة من المُتقاعدين والقوات الخاصة من كل أنحاء العالم، يقدمون خدمات أمنية عسكرية عبر دول العالم، كونت منهم أمريكا شركة وفقًا لمجموعة من القوانين.. إنهم يتقاضون مبالغًا مالية هائلة مقابل ما يقدمونه من خدمات.. إن أمريكا تعتبر البلاك ووتر فخر صناعة الاستخبارات الأمريكية .
إنها تعدهم من أخطر المنظمات والأكثر سرية وسرعة في التنقل في العديد من الدول العربية، ويقع مركزها في المناطق البرية المهجورة من شمال كارولينا، وتشكل الجيش الخاص الأكثر نموا على وجه الأرض.. إن تلك القوات قادرة على القيام بعمليات قلب الأنظمة الحاكمة في أي بلد في العالم.
إن بلاك ووتر بحق تُعد ورقة رابحة للبلد التي ينتمون إليها؛ إذ أنها تحقق أرباحا مضاعفة من خلال محاولاتها توسيع أرباحها عن طريق تقديم خدماتها، حيث تتبع شركات مستقلة، وتتألف “بلاك ووتر أمريكا” من تسع شركات حيث يقوم مركز تدريب “بلاك ووتر” بتقديم برامج التدريب التكتيكي والتدريب على الأسلحة للجيش والحكومة وقوات حفظ االنظام، كذلك يقدم المركز عدة برامج تدريبية مفتوحة على فترات خلال العام من القتال بالسلاح الأبيض إلى برامج التدريب على القنص،ولا توجد أي شروط للالتحاق بالبلاك ووتر، فلا يوجد تدقيق سوى بالخلفيات الاجتماعية والسجلات الإجرامية، واختبار البنية الفسيولوجية، وبالطبع ينتمون للشركة بشكل حصري.
نشاطات أخرى
ومن أقسام شركة بلاك ووتر الأمريكية: “بلاك ووترللتدريب على الرمي وتحديد الأهداف”، وبلاك ووتر للاستشارة الأمنية” (مايوك، شمال كارولينا) ، وبلاك ووتر البحرية وتقدم التدريب التكتيكي للقوات البحرية.
أما الشخصيات الأساسية في المنظمة، فهم: رئيس “بلاك ووتر” هو غاري جاكسون، ونائب الرئيس التنفيذي هو بيل ماثيوز وهناك الكثير من قادة وحدات الأعمال وعناصر سابقين في البحرية الأمريكية، ممن يتولون المهمات الميدانية لهذه المنظمة،،
كما تُعد بلاك ووتر أكبر جيش فعال داخل البنتاغون الأمريكي؛ إذ تُعتبر أكبر جيش فعَّال في حرب رامسفيلد في البنتاجون.
ولكن مما لا شك فيه، أنَّ بلاك ووتر قد تعرضت لانتقادات حادة على ضوء اتهامها بانتهاك حقوق المدنيين العراقيين إبان الاحتلال الأمريكي للعراق، وقد دعا البعض لمحاسبتها على المَجازر التي ارتكبَتْها باسم الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة في حربها على العراق بدون مُساءلة قانونيَّة أو خضوع لأيِّ محاسبة.
فاجنر الروسية
إن فاجنر الروسية أيضًا تتكون من مجموعة من المُرتزقة، وسبب تسميتهم “فاجنر” الاسم الحركي لديمتري أوتكين، وهو من المقاتلين السابقين في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، وهم الذين يقاتلون بجانب ميليشيات حفتر-قائد ما يُعرف بالجيش الوطني الليبي- وعملوا على تأجيج الصراع في ليبيا،إنهم شديدي الخطورة ويعملون لصالح الحكومة الروسية، وتشير أصابع الاتهام إليهم بالقتال إلى جانب ميليشيات خليفة حفتر، الذي يقوم بدعم من دول عربية بفرض حصار على الحكومة المؤقتة المعترف بها دوليًا في طرابلس.
وتفيد تقارير إعلامية روسية نقلا عن مصادر عسكرية أن “أوتكين” خدم في وقت سابق في لواء القوات الخاصة التابعة للمخابرات العسكرية الروسية، وأنه ذهب إلى سوريا مع مجموعة من المقاتلين لتجندهم.
وتعود نشأة فاجنر إلى العام 2015، حيث الفترة التي شنت فيها روسيا غارات دعما للسلطات السورية، بينما تذكر مصادر أخرى أن نشأتهم كانت في العام ٢٠١٤ على يد العميد السابق في الجيش الروسي ديمتري أوتكين الذي يخضع لعقوبات أمريكية على خلفية دوره في الأزمة الأوكرانية؛ حيث قاتل في شرق أوكرانيا إلى جانب المتمردين الانفصاليين.
وكان أول ظهور لفاجنر في ساحات القتال في شرق أوكرانيا، ونشطت في أماكن مختلفة نيابة عن موسكو، حيث قامت بمهام قتالية في أوكرانيا وسوريا.
ويختلف عمل فاجنر الروسية عن ووتر الأمريكية، إنَّ فاجنر يشاركون في المعارك، عكس نظرائهم الأمريكيين الذين تتمثل أكثر مهامهم الرئيسية في الحراسة.
نظرة على الواقع
وفي النهاية، نستطيع وضع الكثير من علامات الاستفهام..
فإذا كان ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، قد أعلن في وقتٍ سابق، أن الولايات المتحدة تعمل مع شركاء أوروبيين لفرض عقوبات متعلقة بهذا الملف، مشيرًا إلى “شبهة عمليات قتل المدنيين على نطاق واسع” على أيدي مجموعة فاجنر..فلماذا لم يتم فرض تلك العقوبات حتى الآن؟!!
وإذا كانت فاجنر تضم حوالي 2500 رجل روسي، يصل راتب الضابط الواحد منهم إلى 5300 دولار شهريًا.. فهل يستحق هؤلاء المرتزقة كل تلك الأموال بدلًا من فقراء ولاجئي العالم من كل صوبٍ وحدب؟!!..
إن المُرتزقة في كل زمان لهم دين واحد وهو مَن يدفع أكثر، فهل إذا دفع لهم الفلسطينيون أكثر ستدعهم الدول الكبرى وشأنهم؟!!..
وإذا كان استخدام هؤلاء المرتزقة يحقق عددًا من الأهداف للحكومة الروسية، أولها تخليص روسيا من خطرهم حيث قد يشكلون تهديداً أمنياً وسياسياً يوماً ما بسبب تدريبهم العالي.. فهل حينما أطلقتهم روسيا على العالم لا يشكلون خطرًا ؟!!..
إن استخدام المُرتزقة بحق، ربما يغير شكل المشهد بأكمله في الدول التي تحتاج لخدماتهم.