د. أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية فى جامعة القدس: مصر لها دور كبير فى ترتيب البيت الفلسطينى وملف المصالحة
في حواره لـ"بيان"
حوار أجرته: نادية صبره
دكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، ليس مجرد أكاديمي مهتم بالشأن الفلسطيني، وإنما هو من أكبر المحللين السياسيين على الساحة العربية، حيث عاصر مراحل تطور القضية الفلسطينية ليس كونه فلسطينيا فقط ولكن كأحد المناضلين الذين دفعوا ثمنا لمناهضة الاحتلال الإسرائيلي.
وفى هذا الحوار الذى اختص به “بيان” عقب الأحداث الأخيرة التى وقعت فى الأراضى المحتلة وغزة بين الفلسطينيين وإسرائيل، نستطلع آراءه حول مجريات الأحداث ورؤيته للدور المصري في التوصل إلى هدنة ووقف إطلاق النار في غزة، وتوقعاته لمستقبل مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ومستقبل السلطة، وحركة حماس في أي استحقاقات انتخابية مقبلة.
إلى نص الحوار
– ما تقييمك للدور المصري في التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة؟
بداية نترحم على شهدائنا الأبرار والذين ارتقوا للعلا، ونتمنى الشفاء العاجل لجرحانا البواس، في هذه الجولة من الاعتداء الصهيوني على شعبنا الفلسطيني إكتشفنا من يقف معنا بالعمل لا بالقول .. ومنذ اللحظة الأولى للاعتداء على شعبنا وجدنا القيادة المصرية تتحرك على كافة الأصعدة لوقف هذا الاعتداء، بداية من إرسال وفد أمني مصري واصل الليل والنهار متنقلا بين تل آبيب ورام الله وغزة؛ لسحب فتيل الأزمة وحقن دماء شعبنا الفلسطيني، كما شهدنا تحرك دبلوماسي وسياسي مصري على الصعيد الدولي، وخاصة مجلس الأمن لإصدار قرار دولي بوقف العدوان على شعبنا الفلسطيني، ورغم الفيتو الأمريكي لم تُسلم مصر بذلك، فبدأت التحرك على مستويات دول صاحبة تأثير مثل فرنسا وألمانيا،.
ورأينا الرئيس عبد الفتاح السيسي رغم انشغالاته في جولته في فرنسا إلا أن القضية الفلسطينية كانت حاضرة، حيث أعطى تعليمات لإرسال المساعدات الغذائية والطبية لقطاع غزة، وإرسال الإسعافات المصرية والطواقم الطبية لمعالجة الجرحى الفلسطينيين في المستشفيات المصرية في العريش، وكذلك تبرع مصر بمبلغ نصف مليار دولار لإعادة بناء واإعمار قطاع غزة .
الجهد المصري كان واضحا و متواصل لوقف هذا العدوان على شعبنا ونحمد الله أن هذا الجهد المصري تكلل بالنجاح ودخلت التهدئة حيز التنفيذ بضمانات مصرية .
الجولة عمليا انتهت وخرج شعبنا منتصرا محتفلا بهذا النصر الذي أظهر صمود شعبنا ومقاومته و لكن لازال الكثير من العمل لترتيب ما هو قادم، لذلك نجد مصر تشكل وفديين أمنيين للتحرك لتثبيت التهدئة وترتيب الوضع مستقبلا؛ لمنع تكرار الإعتداء الإسرائيلي على شعبنا .
صحيح أنه تم الإعلان عن تهدئة غير مشروطة، لكن لمنع تكرارها تستمر مصر في التحرك لتثبيت التهدئة وترتيب ملفات كثيرة كانت سببا في هذه الأحداث، من ضمنها ملف القدس وقطاع غزة وغيرها.. سيتحرك الوفد المصري لترتيبها بشكل عام، كما سيكون لمصر دور مهم في ترتيب البيت الفلسطيني وملف المصالحة الفلسطينية.
بعد هذه الأحداث أدرك الجميع أهمية الدور المصري الذي يعتبر القضية الفلسطينية هي قضية أمن قومي، ولذلك رأينا الشعب الفلسطيني يهتف لمصر العروبة خلال احتفالات النصر، شكرا مصر العروبة .
-ماهي توقعاتك لقرار الهدنة.. هل من الممكن أن تقدم الفصائل الفلسطينية أو إسرائيل على نقضه؟
قرار التهدئة الذي تم إنجازه بجهد مصري كبير كان بضمانات مصرية، ولكننا لا نأمن غدر الاحتلال، حيث أن وزير الحرب الصهيوني بني غانيتس توعد قيادة المقاومة وقال أن التهدئة لن تمنع طائرات الاحتلال من اغتيالهم، وبالتالي من المتوقع أن يقوم الاحتلال بكسر الهدنة وحينها سترد المقاومة، لكن لا أتوقع أن تقوم فصائل المقاومة الفلسطينية كسر التهدئة .
نأمل من جمهورية مصر العربية أن تعالج ملفات التهدئة لتثبيتها، وياحبذا لو تم عقد مؤتمر دولي للسلام يحيى الأمل للعملية السياسية المجمدة منذ عام ٢٠١٤ .
مصر لها ثقل كبير في الملف الفلسطيني وتستطيع أن تنجز ملفات كثيرة، وأتوقع أن يكون هناك حضور مصري كبير في الملف الفلسطيني وملف العملية السلمية.
-هل تتوقع استئناف قريب لعملية المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟
أتوقع أن يتم إحياء العملية السلمية، خاصة أن مصر والأردن وفرنسا وألمانيا تتحرك منذ فترة من أجل ذلك، كما أن الأحداث الأخيرة جعلت الاإدارة الأمريكية تبدي اهتمامها في إحياء العملية السلمية، بالإضافة إلى أن الرباعية الدولية اجتمعت قبل أيام وتحدثت عن أهمية إحياء العملية السلمية .
وأتوقع خلال الأشهر القادمة أن يتم عقد مؤتمر دولي للسلام يُشارك به كل الأطراف، واستشرف أن يتم عقد المؤتمر في القاهرة .
-بعد اتصال بايدن بالرئيس عباس.. هل تري تغيرا في نهج الإدارة الأمريكية الجديدة عن نهج إدارة ترامب؟
بصراحة تفاجأنا بالفيتو الأمريكي عندما طلبت مصر وتونس إدانة العدوان الصهيوني ضد شعبنا الفلسطيني، ووافقت عليه ١٤ دولة أعضاء مجلس الأمن إلا أننا تفاجأنا بإصرار المندوب الأمريكي على استخدام الفيتو، ونتوقع أن هذا الموقف الأمريكي كان لإعطاء جيش الاحتلال الصهيوني مهلة لإنجاز مهمته، وعندما شعر بأن أهداف جيش الاحتلال هو الأطفال والشيوخ والنساء والمباني العالية في قطاع غزة كان التهديد الأمريكي لحكومة الاحتلال بدعم قرار مجلس أمن إذا لم يوقف عدوانه على قطاع غزة، تماشيا مع المبادرة المصرية للتهدئة والتي وافق عليها الفلسطينيون يوم الأربعاء ووافق عليها الاحتلال يوم الجمعة .
ننتظر من إدارة بايدن أن تهتم أكثر بملف العملية السياسية، خاصة أن الرئيس الأمريكي بايدن أعلن أنه يدعم حل الدولتين، ونتمنى أن يدعم البيت الأبيض التحرك المصري لعقد مؤتمر دولي للسلام يفتح آفاق لتحقيق حل الدولتين.
-ما تفسيرك لحالة التعاطف غير المسبوق مع الشعب الفلسطيني من نواب ديمقراطين وجمهوريين؟
الإعلام الرقمي لعب دورا مهما في كشف جرائم الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني، حيث نقلت مواقع التواصل الاجتماعي بشاعة جرائم الاحتلال، وصور الأطفال الذين يخرجون أشلائا من تحت انقاض منازلهم، اعتقد أن صور جريمة الاحتلال حركت الإعلام الأمريكي الذي لم أثر عن النواب الأمريكيين لأن صمتهم أمام هذه الجرائم سيكون عار عليهم .
-هل أصبحت حماس أكثر شعبية من السلطة حتي داخل الضفة بحيث أن تكتسح أي انتخابات قادمة؟
في رأيي لو تم إجراء الانتخابات قبل هذا العدوان الصهيوني اكتسحت فتح بقوائمها الثلاث الانتخابات، وكانت استطلاعات الرأي تشير لتراجع كبير لحماس، ولكن تصدي المقاومة للاحتلال وبروز دور كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس رفع أسهم لدى الجمهور الفلسطيني، خاصة عندما شعروا بقوة مقاومتهم ومقدرة المقاومة على هز هذه الدولة النووية وجعل سكانها ينامون في الملاجىء وتدك المقاومة كل مدن الاحتلال الصهيوني.
حتى هذه اللحظة لم يتم إجراء أي استطلاعات رأي جديدة ولكن من المتوقع لو اجريت الانتخابات الاَن ستحقق حماس تقدما كبيرا .
الشعب الفلسطيني رغم تعاطفه الكبير مع المقاومة إلا أنه سيكون له موقف آخر في الانتخابات، حيث سيختار من يحقق مصالحه، فرق كبير بين التعاطف والبحث عن الاستقرار ومع الوقت ستختلف الأمور بالتأكيد، ورغم ذلك نحن مع اكمال العملية الديموقراطية التي عطلها الرئيس محمود عباس بحجة منع الاحتلال إجرائها في القدس، واتمنى من الجميع وضع آلية لإجراء الانتخابات في القدس دون انتظار موافقة الاحتلال، فمن حق الشعب الفلسطيني تجديد شرعياته المتهالكة مهما كانت النتائج ويتحمل الشعب الفلسطيني نتيجة خياراته.
-ما تقييمك لدور السلطة الفلسطينية أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة؟
موقف السلطة أثناء العدوان على قطاع غزة كان مخجلا ومحبطا، حافظت قيادة السلطة على مصالحها على حساب مصالح الشعب الفلسطيني، لذلك رأينا الهتافات في الأقصى ضد السلطة وضد الرئيس أبو مازن .
كان بإمكان الرئيس أبو مازن أن يجذب الأحداث حوله ويرفع اسهم حركة فتح لو قرر وقف التنسيق الأمني وترك العنان للجناح العسكري لحركة فتح (كتائب شهداء الأقصى) للاشتباك مع جيش الاحتلال ومستوطنيه في الضفة، ولكن للأسف ضحى بفتح من أجل بقاء الامتيازات التي يحصل عليها هو ومن حوله من المتنفذين، وهذا ما جعل حضور السلطة يتراجع وتتقدم المقاومة.