رجب الشرنوبي يكتب: قفزة في الهواء

رسائل متنوعة أتصور أن القيادة القطرية سعت إليها عندما قررت أرسال وزير خارجيتها في زيارة مشتركة إلي كل من السودان الشقيق وجمهورية مصر العربية خلال هذه الفترة بالغة الأهمية في تاريخ العمل العربي المشترك..مؤكد أن الزيارة تحمل عدة إشارات هامة في مضمونها..يمكن أن تصل هذه الإشارات دون عناء لكل قاريء للأحداث المتسارعة في المنطقة خلال الفترة الحالية.

ذات صلة.. رجب الشرنوبي: يكتب قفزة في الهواء
أول هذه الإشارات التي تود أن ترسلها قطر ليس فقط نحو دول المنطقة بل ربما في إتجاه بعض العواصم العالمية الهامة وعلي رأسها واشنطن..التأكيد علي طموح قطر ورغبتها في الإعلان عن أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبة في بعض الملفات الإقليمية المطروحة وعلي رأسها بالطبع الملف الفلسطيني،خصوصاً أن الدوحة لديها علاقات جيدة بقادة حركة حماس والتي تسيطر علي جزء من أوراق الحل بالتحديد في قطاع غزة، خصوصاً أنها لاتنكر ذلك بل تستضيف الكثير من قادة الحركة علي أراضيها،إلي جانب أنها تملك علاقات ليست سيئة بدولة الكيان الصهيوني وإن كانت العاصمة القطرية تحاول إخفائها من آن لأخر..ربما يفسر ذلك وجود قطر إلي جانب مصر وبالتنسيق مع الولايات المتحدة في النتائج التي توصلت إليها جهود الوساطة بين الفلسطينيين وإسرائيل،بعد أن نجحت القاهرة في قيادتها علي مدار الأيام القليلة الماضية.
إشارة أخري يمكن أن تنم عنها زيارة الوزير القطري للخرطوم وأظن أنها تحمل في مضمونها أكثر من هدف للدوحة،الأول هو بحث إمكانية تعظيم الإستثمارات القطرية في السودان الشقيق مما يؤدي إلي زيادة التواجد القطري في منطقة القرن الأفريقي،عن طريق المصالح المشتركة التي تسعي القيادة القطرية إلي خلقها في هذه المنطقة الحساسة..بالطبع إلي جانب وجود الدور القطري في دعم الحكومة السودانية المؤقتة وهو مايعزز بالتأكيد ظهور جيد للسياسة الخارجية القطرية بين دول المنطقة.
الإشارة الثالثة هي ماتضمنته البيانات الرسمية التي صدرت حول الزيارة عقب مقابلة الوزير القطري للمسئوليين المصريين وعلي رأسهم فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وتسليمه دعوة من الأمير القطري لفخامة الرئيس لزيارة الدوحة..مايعني جدية الدوحة في فتح فصل جديد من العلاقات المصرية القطرية عقب إعلان العلا والتأكيد علي رغبة قطر في الإنخراط مرة أخري في منظومة العمل العربي بعد فترة جفاء إستمرت أربع سنوات..كما أتصور أن قطر تلقت ضوء أخضراً يحمل رسائل محددة من الولايات المتحدة للقيام بمهام تتعلق بملفات مصيرية وحساسة توليها القاهرة والخرطوم أهمية خاصة..خصوصاً أنها تأتي متزامنة مع زيارة سريعة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنكن للقاهرة كجزء من زيارة سريعة لبعض دول المنطقة.
أخر الإشارات التي يمكن أن نرصدها والمرتبطة بالعلاقة المتميزة التي أرتبطت بها الدوحة مع أنقرة في السنوات الأخيرة ربما تكون رغبة الإدارة التركية في تسريع خطوات التقارب المصري التركي والإستفادة من الجهود القطرية في إزالة بعض هذه الرواسب التي أثرت علي علاقة مصر بتركيا علي مدار الثمان سنوات الماضية.
عموماً زيارة وزير خارجية قطر إلي مصر ولقائه بالرئيس السيسي ومايحمله من رسائل تقارب تمثل خطوة إيجابية ومهمة تعبر عن رغبة الإدارة القطرية في العودة لمحيطها العربي.. الذي تمثل القاهرة أهم محطاته وسيقابلها بالتأكيد خطوات أخري من القاهرة تدعم نفس المشاعر التي من شأنها تفعيل العمل العربي المشترك الذي نتمني أن يتوهج في المرحلة القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى