تطور العملات في مصر والعالم وصولًا للعملية البلاستيكية

كتبت- أسماء خليل


حينما يتواجد المال، يزداد الصراع عليه؛ فيتضاعف معدل الجريمة، لكَ أن تتصور أن الإنسان بالعصور القديمة كان يعيش بلا نزاع على أهم شيء يشغل بال الإنسان في العصر الحديث؛ فقد كان لا يعرف المال،وكان مُنتجًا لكل ما يحتاج من سبل الحياة، فلماذا يطلب شيئًا من الآخرين؟!.. إذا أراد أن يقتات؛ رزع الأرض.. وإذا أراد أن يتطبب؛ استخرج النباتات الطبية وطحنها.. وإذا أراد أن يتنزه؛ ذهب إلى الأراضي الخضراء والبحار والأنهار التي تقتطع كل ما حوله.. إنه لم يكن بحاجة أن يمتلك أموالًا.. فقد كان يملك الأرض كلها،،
ومع مرور الزمن، وحدوث التطور النسبي؛ بدأ يحتاج إلى أشياء تكمل ما ينقصه من أدوات زراعية، وحبوب غذائية وغيرها، فبدأ يستبدل شيئًا لا يحتاجه بآخر في حاجة إليه، فكانت ما يسمى المقايضة.

مابين المقايضة وظهور العملات المعدنية

ظلت المقايضة هي السبيل لكل من يحتاج أي شيء؛ إلى أن تطور العالم من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، وظهرت على ساحة الحياة صعوبات بالغة للمقايضة،فبدأ الاحتياج لوسيط تجاري بدلًا من استخدام المقايضة.
إن الصين بحضارتها العظيمة هي أول من استخدم العملات المعدنية منذ ما يقرب من ثلاثة آلاف عامًا، فحلت العملة محل تبادل الخناجر الصغيرة والمجارف والمعاول،كما اعتمدت مصر في العصور القديمة أيضًا على نظام المقايضة لتسهيل عملية تبادل المنفعة في الأسواق.

صك أول عملة بالعالم ومصر

رغم أن الصين هي أول من استخدم النقود المعدنية ، لكن تم صك أول عملة معدنية بمكان قرب ليديا وتقع غرب تركيا اليوم..أما مصر فقد عرفت مصر القديمة لأول مرة التعامل بالعملات المعدنية بدلًا من نظام المقايضة في العصر الفرعوني في القرن الثالث قبل الميلاد، وصنعت نقودا من معادن الذهب، والفضة، والقصدير، والنحاس، والحديد، واستخدموا العملات النحاسية والبرونزية، ولكن مع زيادة التطور الاقتصادي زاد حجم المشتريات، فاستخدموا العملات الذهبية والفضية؛ لتتناسب مع القيمة الكبيرة للمشتريات، وتم صك العملات الذهبية باسم الملك “تاخوس” المصري في عام 350 قبل الميلاد.

تطور العملات بالعالم

وبعد أن اجتاح العالم التوسع التجاري الخارجي منذ منتصف القرن الخامس عشر ومع اكتشاف العالم الجديد،بات الذهب والفضة صعب الاستخدام وبدأ التفكير في شيء أكثر تطورًا في تلك القرون، وصولًا للنقود الورقية التى صدرت فى أوائل القرن الثامن عشر،وبعد ذلك بدأ استخدام أشباه النقود كوسائل لتسوية المعاملات الفواتير والأذون وصكوك صرف كمية معينة من المعادن. وهو ما ترتب عليه ظهور ما يعرف بـ«خازن الذهب» أو goldsmith الذى تودع عنده المعادن النفيسة والعملات مقابل سند أو صك مديونية..إلى أن اجتاح كل العالم العملات الافتراضية وهي الشكل الأحدث للنقود الالكترونية، مثل بيتكوين.

تطور العملات بمصر

كان عام ١٨٣٨ هو آخر عام في استخدام العملات الذهبية والفضية بشكل عام، ليصدر محمد علي فرمانًا بصك عملة مصرية معدنية من الذهب والفضة أيضًا في شكل ريالات وحكرًا على الحكومة صكها فقط.
وكان عام ١٨٩٩هو العام الذي دخلت فيه مصر عصر العملات الورقية في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، وفي عام 1984 وحتى 1992، ظهرت فئات الـ5 قروش، والـ10 قروش، والـ20 قرشا، على هيئة أشكال معدنية دائرية مكونة من النحاس والألومنيوم ونسبة من الحديد.
وفي عام 2005 وحتى 2018، صدرت الفئة المعدنية الـ50 قرش، والجنيه المعدني، لأول مرة في تاريخ مصر الحديث مكونة من النيكل، والزنك، والنحاس المطلي.

العملات البلاستيكية


ومرورًا بكل مراحل تطور العملات في مصر، فيتجه البنك المركزي المصري هذه الأيام إلى إصدار أول عملات بلاستيكية في مصر، وسيتم طرحها في الأسواق خلال العام ٢٠٢١، وسيتم صنع تلك العملات من مادة بلاستيكية بديلة عن الورق تسمى”البوليمر”، وذلك لكثير من مميزات البوليمر وللحاق بركب التطور التكنولوجي.

سبب إصدار العملة البلاستيكية

على الرغم من الثورة الهائلة في عالم الاتصالات والإنترنت، وفي زمن العولمة وانفتاح الأسواق العالمية على بعضها، في ما سمي “القرية الكونية” وظهور بطاقات الائتمان، التي كان الهدف منها أن تحل محل النقود الورقية؛ إلا أن خبراء الاقتصاد بالعالم يتوقعون أن تظل العملة الورقية وسيلة للتبادل المالي.
وحين طُرح على المصرف المركزي البريطاني سؤالًا، “لماذا نصدر أحيانًا أوراقًا ورقية بتصميم جديد”؟، أجاب مدير المصرف، بأنه على الرغم من انخفاض استخدام العملة الورقية، إلا أننا نتوقع أن تظل وسيلة للتبادل المالي في المستقبل المنظور.
إذن فلن تحل العملات الرقمية في المستقبل القريب محل العملات الورقية، وكان الحل الأمثل هو صناعة العملة من مادة غير قابلة للتزوير..


مميزات العملة البلاستيكية

نعم، إن عنصر البوليمر صديق للبيئة يحمي العملات من التزوير ويحافظ على عمرها بمقدار 5 أضعاف مقارنة بالعملات الورقية، كما أنه غير قابل للتمزق أو الاتساخ.
من أهم مميزاتها عنصر النظافة والوقاية من الفيروسات خصوصًا بعد تفشي فيروس كورونا، فالنقود الورقية تتسخ بسهولة، حيث تحتوي العملات دائمًا على آثار من الإفرازات البشرية والأوساخ والفيروسات والبكتيريا بسبب تنقلها من يد إلى يد لفترات طويلة.
العملة البلاستيكية لها ثلاثة مستويات من الأمان، ويمكن لحاملها أن يتعرف بسهولة على أجهزة الأمان الأساسية، ومنها النقش الغائر والشرائط المعدنية والمساحات الشفافة من الورقة النقدية.
يمكن اكتشاف أجهزة الأمان بواسطة أدوات مصنوعة لهذه الغاية كتلك التي تكشف الدولارات المزورة اليوم، مثل الأشعة فوق الحمراء وأنواع معينة من الحبر.
تعيش عمراً يعادل خمسة أضعاف عمر العملة الورقية، ما يخفف من تكاليف طباعة العملة على خزينة الحكومات وعن كاهل دافعي الضرائب.
عملة البوليمر البلاستيكية أقل وزناً من الورق، لذا فإن نقلها وتوزيعها أسهل.

مُحافظة على البيئة، ففي نهاية دورة حياة الورقة النقدية يتم تمزيقها ورميها في مكب النفايات، ولكن عملة البوليمر ستتم إعادة تصنيعها وتحويلها واستخدامها، لصنع أدوات بلاستيكية مختلفة الأنواع.
وتتميز عملة البوليمر بسهولة الاستعمال في الصراف الآلي، كما يمكن وضعها بسهولة في المحافظ، ويسهل استخدامها في الأجهزة الآلية المصممة لعد النقود.

عيوب العملة البلاستيكية

يمكن للعملية البلاستيكية أن تتلاشى ألوانها، وهذا ما حدث في جمهورية نيجيريا، التي عادت إلى النقود الورقية بعدما بدأت ألوان العملات تبهت، ما دفع البائعون إلى رفضها.

ومن عيوبها أيضا أنها صعبة الطي، وأنها تصبح لزجة حين تتبلل أو في الأماكن الرطبة، فتلتصق العملات ببعضها.

دول تستخدمها

تُعدو أستراليا هي أولى الدول السباقة في تداول العملة البلاستيكية عام ١٩٩٦، تلتها حوالي 20 دولة، منها تشيلي ورومانيا وتايلاند ونيوزلندا وفيتنام وسلطنة بروناي وبابوا غينيا الجديدة، وكذلك كل من بريطانيا والمكسيك وروسيا.

زر الذهاب إلى الأعلى