أسماء خليل تكتب: أمريكا بدون كمامة
كانت مثل تلك الأيام بالعام الماضي هي محط أحلام الأمريكيين، بل وكل العالم بأسره بوجود لقاح يخلص البشرية من قيود كورونا COVID-19 ، وكانت أيضًا مثل تلك الأيام بالعام الأسبق مرتعًا خصبًا للتأويلات والتكهنات التي يشوبها الكثير والكثير من تحرى الدقة؛ إذ أن هناك من زعموا أن كورونا مخطط صهيوني لتقليص أعداد العالم وإحكام السيطرة عليه، وهناك من زعموا أن كورونا عبارة عن مساحيق موبوءة قامت دولة معادية بتوزيعها على العالم، وكانت هناك ادعاءات أن هذا غاز سام قامت الصين بتحفيل الهواء به ليطال جميع دول العالم، بل إن هناك من ادعى أنه عمل من أعمال الجن،،
تبدَّت كثير من الحقائق بمرور الوقت، وتيقن الجميع أن كورونا ما هي إلَّا فيروس غزا العالم بشراسة وساهم بانتشاره عادات سائدة بالكثير من المجتمعات مثل التصافح وعدم الاكتراث بغسل اليدين قبل ملامسة الوجوه وكذلك الزحام المستشري في كل الأماكن والاكتظاظ بالحفلات والمصايف وغيرها.
وجاء الوقت الذي ينتظره الأمريكيون بل والعالم بأسره، وذلك بعد أن صرح الرئيس” جو بايدن“ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية،وقد تبدَّت مشاعر الفرح على وجهه في شكل ابتسامة خفيفة عميقة الأثر: حيث ذكر أن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية (CDC)،قد أعلن أنهم لم يعودوا يوصون بأن الأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل يحتاجون إلى ارتداء الكمامات، بايدن متقين بأهمية ذلك اليوم الذي انتظره الكثيرون، فتُراهُ يقول ” هذه التوصية صحيحة سواءًا كانت بالداخل أو الخارج، أعتقد أنه حدث هام، إنه يوم عظيم “.
حقًّا ما أعظمه من يومٍ!!.. وسرعان ما سنجد أن هناك بعض التساؤلات الاستنكارية التي تطرح نفسها لدى الكثير من البشر ويرجون أن تكون إجاباتها مُطمئنة .. هل حقًّا ستيم إزالة تلك الأقنعة التي ما برحت سلاحًا من الأسلحة القوية في مواجهة كورونا؟!.. وهل سيعود العالم مرة أخرى ابتداءً بأمريكا لا يحول بينه وبين استنشاق الهواء أي حائل؟!..وهل ستنحصر تجارة الكمامات التي عمَّت على كثير من الشركات بمواسم تجارية رابحة لم يشهدوها من قبل في حياتهم؟!
وما تزال الجهات الصحية يسيطر عليها القلق؛ فرغم هذا التخفيف توصي بارتداء الكمامة في مراكز الرعاية الصحية، وكذلك داخل الطائرات ووسائل النقل،حتى للأشخاص الذين تم تطعيمهم بجرعتين، سواءًا في الأماكن المغلقة أو المفتوحة.
وهناك شيئًا يدعو للدهشة، ففي الوقت الذي كان فيه اللقاح هو حلم كل العالم، نجد أنه حينما عمَّ انتشاره؛ باتت هناك الكثير من الشكوك والإشاعات حوله، عما إذا كانت هناك بعض الأنواع كما ذكرت دراسة ألمانية أن لقاح سترازينيكا يؤدي إلى التجلط في أوردة المخ التي قد تكون مصحوبة بانخفاض في نسبة الصفائح الدموية المسؤولة عن تخثير الدم لمنع النزيف،؛ مما دعت تلك الشكوك رؤساء الدول بالوقوف بالمنصات يتستجدون شعوبهم بتلقي اللقاح آملين في زيادة أعداد البالغين في تناوله، وتخلل ذلك العديد من الإشاعات حول كون طرح اللقاح أو منعه له مرجعًا جيو سياسيًا أم لا، حيث نجد أن نسبة ٥٩٪ من البالغين في أمريكا قد تلقوا جرعة واحدة على الأقل، وتأمل إدارة بايدن في رفع النسبة إلى ٧٠٪، حيث قال بايدن في حديثه معبرًا عن أمله في زيادة أعداد من سيتلقون اللقاح:” لم تنتهِ بعد، مازلنا نفقد الكثير من الأمريكيين، لأنه لا يزال لدينا عدد كبير من الأشخاص غير المُحصنين، يجب أن نصل إلى ٧٠٪ من البالغين الذين بدءوا في التطعيم بحلول الرابع من يوليو“.. إنهم يستجدون شعوبهم الذين كانوا يصلُّون لله ليلًا نهارًا أن يرزقهم بلقاح لذلك الفيروس اللعين، وريثما وُجد، وُجدت معه الشكوك والأقاويل.
إنَّ فيروس كورونا خلط جميع الأوراق ثم بعثرها على طاولة العالم، إنه ساوى بين جميع البشر، فالمخلوقات غير متساوية إلا في هبات الله من هواء وماء ووجودهم بالحياة، وأيضًا تساوى الناس في جميع أنحاء الأرض في إمكانية إصابتهم بكورونا، فهذا الفيروس لم يميز بين فقير أو غني أو إن كان يأتوي في جزر العاج أو مجاهل إفريقيا.