من يُشرف على المقدسات الإسلامية فى المدينة المحتلة ؟!.. تاريخ ملخص للقدس وسيرة الأقصى
كتبت: أسماء خليل
مدينة القدس تعود نشأتها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، والدليل على ذلك، تلك الأسماء الكثيرة التي أطلقت عليها على مر الزمان، مثل: أور ساليم، وساليم هذا كان أحد الأنبياء أو الصالحين، كما تقول عنه التوارة، وسميت المنطقة باسمه، ومع الوقت صارت أورشاليم، وسميت أيض مدينة إلياء ومدينة داوود.
يهمك.. “عين سلوان” و”حصن يبوس” و”اللوحات الكنعانية القديمة”.. شواهد أثرية تنطق بعروبة القدس
وتتميز المدينة بموقعها، ومُقدساتها الغالية؛ مما جعلها مطمعا للاحتلال على مر العصور، فتعرضت في كثير من المراحل للغزو والتدمير، وكان يتم إعادة بنائها.. وحينما أعاد صلاح الدين الأيوبي فتح المدينة، وانتزاعها من أيدى الصليبيين الغزاة؛ سمح لجميع الأديان بممارسة شعائرهم.
قيمتها
مدينة القدس تحمل قيمة كبيرة لدى المسلمين، فهي بما تحمله من مقدسات تأتى بعد مكة والمدينة المنورة، وقد كانت أول قبلة لصلاة المسلمين، قبل أن تتحول للكعبة في مكة المكرمة، وكذلك يوجد بها المسجد الأقصى الذى أسرى إليه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من المسجد الحرام، وأيضًا تضم المكان الأطهر مسيحيًا، وهو كنيسة القيامة التى يحج إليها المسيحيون من مختلف أنحاء العالم، وأما عن اليهود فقد أخذوا حائط البراق الخاص بالمسلمين، وأطلقوا عليه حائط المبكى، واعتبروه من الأماكن المقدسة لدى اليهود.
الاحتلال
واحتلت إسرائيل معظم فلسطين عام 1948، لكن مدينة القدس تم احتلالها عام 1967، وكان ذلك الاحتلال نتيجة وعد “بلفور” سنة 1917 الذى أعلن فلسطين وطنا قوميا لليهود بناءً على تأييد من الإمبراطورية البريطانية التى كانت فلسطين ضمن مستعمراتها فى هذا الوقت من النصف الأول من القرن العشرين الماضى، وكانت قبل الاحتلال ضمن ولايات الدولة العثمانية.
وبعد سقوط الدولة العثمانية، وبالأحرى بعد استيلاء بريطانيا على فلسطين ما هى الدولة أو الجهة التى أشرفت على إدارة المقدسات الإسلامية فى مدينة القدس ؟!.. لا يعرف كثيرون جوابا على هذا السؤال.
الإجابة
خلال السنوات من ١٩١٧ إلى عام ١٩٤٨وبعد سقوط السلطنة العثمانية عام 1922، وخلال فترة الانتداب البريطاني، وبعد أن هُزم الأتراك والعثمانيين في الحرب العالمية الأولى، وتم إخرجهم من فلسطين، سقطت القدس بأيدي البريطانيين، ومنحتها عصبة الأمم المتحدة حق الانتداب على فلسطين، وأصبحت القدس عاصمة فلسطين تحت الانتداب البريطاني.. منذ ذلك الحين دخلت فلسطين عهدًا جديدًا كان من أبرز سماته زيادة أعداد المهاجرين اليهود إليها، خاصة بعد وعد بلفور عام ١٩١٧..
وخلال فترة الانتداب البريطاني، تولى المجلس الإسلامي الأعلى برئاسة الشيخ أمين الحسيني، مفتي عام القدس، شؤون أوقاف المسلمين ومؤسساتهم الدينية والتعليمية ، ومن ضمنها المسجد الأقصى.
ولما ثار أهل فلسطين على زيادة الهجرة اليهودية لبلادهم، ونشبت صراعات مسلحة بينهم وبين عصابات اليهود المسلحة التى نازعت الفلسطنيين أرضهم وديارهم، وحتى مدينة القدس، أحيلت قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة، فأصدرت قرارها رقم 181 لعام ١٩٤٧ بتقسيم فلسطين بين الفلسطنيين، واليهود، وتدويل القدس ومنحت الأمم المتحدة حق الانتداب على فلسطين.
إنتهاء الانتداب
أعلنت بريطانيا سحب الانتداب من فلسطين وسحبت قواتها في العام ١٩٤٨، واستغلت العصابات الصهيونية حالة الفراغ السياسي وأعلنت قيام الدولة الإسرائيلية.
وفي عام ١٩٤٨ أعلن ديفيد بن جوريون (أول رئيس للكيان الصهيونى) قيام ما يسمى بدولة إسرائيل، وعاصمتها تل أبيب، وتم تقسيم القدس إلى شطرين القدس الشرقية، أو البلدة القديمة، والقدس الغربية، ومنذ احتلال إسرائيل للبلدة القديمة، وهى تمارس فيها عملية تهويد على كافة القطاعات، وتحاول بشتى الطرق طرد وترحيل سكانها العرب، وإخراجهم من المدينة، والتضييق عليهم بمنعهم من إقامة شعائرهم الدينية فى المساجد، وخاصة المسجد الأقصى.
إشراف الأردن
وبقيت القدس الشرقية تحت سيادة المملكة الأردنية الهاشمية حتى هزيمة يوليو عام ١٩٦٧ التي أسفرت عن احتلالها ضمن الأجزاء التى احتلتها من الأردن، وأصبحت مدينة القدس بأكملها تحت السيادة الإسرائيلية، وسمحت إسرائيل أن تبقى المقدسات الإسلامية بالمدينة تحت إشراف المملكة الأردنية الهاشمية.
وتكرست وصاية دائرة الأوقاف الأردنية بموجب القانون الدولي، على المقدسات الإسلامية، لأنها كانت آخر سلطة تشرف على الأماكن المقدسة، قبل الغزو الإسرائيلي، ومازالت حتى الآن، وما زالت تحت إشراف المملكة الهاشمية، ولاحقاً، جاءت اتفاقية وادي عربة للسلام بين الأردن وإسرائيل عام 1994، لتكرس وصاية الأردن على الأوقاف المقدسية.
وجاءت أحدث القرارات الصادمة المتعلقة بالمدينة عام ٢٠١٧ بإعلان الرئيس الأمريكي، أصدار القانون المؤجل عن الكونجرس الأمريكى والذى يعتبر فيه القدس عاصمة لإسرائيل، وقررت أمريكا نقل سفاراتها إلى المدينة.