طارق متولى يكتب: كلامنا عن الوطن لا عليه
بالتأكيد من حق أى فرد أن يتكلم، وأن يعبر عن رأيه بصفة عامة.
الآن مع تقدم الإتصالات، وإنتشار المنصات الإجتماعية المختلفة أصبح ذلك متاحا بشكل كبير جدا لكل شخص أن يتكلم ويكتب ويعبر عن رأيه، لكن هناك أمر هام جدا يسبق الكلام والتعبير عن الرأى، ويجب أن نراعيه ألا وهو: العلم والمعرفة فيما وعما نتحدث فيه وعنه.
ونحن الآن نجد الإهتمام بالكلام والتعبير أكثر من الإهتمام بالعلم والمعرفة، وهما الأهم والأساس الذى يجب أن يبنى عليه الكلام والرأى فمثلا الجميع – الآن – يدلى بدلوه فى السياسة، ويتكلم فى علاقات الدول وتقييم الأوضاع دون معرفة حقيقة، أو علم بما يحدث، ودون دراسة وعلم يعرفه المختصون فى هذا المجال، ومن هنا يأتى فساد الرأى ونشر الشائعات والتشكيك والفوضى فى تناول المعلومات المغلوطة والصحيحة، سواء بسواء.
وحتى لا أطيل عليكم دعونى أروى لكم قصة حدثت معى شخصيا، بمعنى أننى كنت أحد أطرفها، وتفاصيلها كالتالى:
فى منتصف التسعينيات استقبلت سائحة قادمة من امريكا لزيارة المعالم السياحية فى مصر بعد مقابلتها عرفت انها قنصل لدولة إسرائيل فى الولايات المتحدة.
لم أعطى الأمر اهتماما فى البداية على اعتبار أنها مقيمة فى أمريكا وانها قادمة للسياحة اصطحبتها فى زيارتها
التى استغرقت حوالى خمسة أيام لفت نظرى فى أحد الليالى انها استقبلت مجموعة من مجلس إدارة المتاجر الشهيرة آنذاك عمر أفندى وعرفت أن سبب المقابلة هو الحديث عن تبادل تجارى بين مجموعة المتاجر وبعض الشركات الأجنبية وبالطبع لم اعرف تفاصيل كثيرة ولم اهتم بمعرفتها.
ثم اكتشفت أن جميع العاملين بالفندق الخمسة نجوم الذى يقع على النيل يعرفونها جيدا وعرفت منهم أنها تأتى إلى مصر كل عام وتقضى أكثر من شهر فى نفس الفندق وهذا سبب معرفتهم وحبهم لها فهى شخصية ودودة جدا ومحترمة تعامل الجميع بود واحترام وكرم تنفق بسخاء عن طيب خاطر فى جميع الأوقات.
فى يوم اخر كنا نسير فى منطقة وسط البلد طلبت منى زيارة مكتبة قديمة جدا بشارع قصر النيل قرب ميدان التحرير تبيع الكتب القديمة أغلبها باللغة الإنجليزية اكتشفت بعدها أنها كتب دينية عبرية حيث أشترت هذه السيدة كمية كبيرة من الكتب ودفعت مبلغ طائل من الدولارات ثمن لهذه الكتب
ولما سألتها هل تستحق هذه المجموعة من الكتب القديمة كل هذا المبلغ اخبرتنى أنهم كإسرائليين عليهم إذا وجدوا اى كتب قديمة عن اليهود فى اى مكان فى العالم أن يشتروها ويعيدوها إلى إسرائيل.
انتهت رحلتها وغادرت مصر عائدة إلى أمريكا.
بعد حوالى شهرين تلقيت مكالمة من أحد الأشخاص عرفنى بنفسه أنه مدير أعمال هذه السيدة فى مصر واخبرنى انها قد حضرت إلى مصر ووجه لى دعوة لحضور عيد ميلادها فى الفندق بعد عدة أيام
شكرته على الدعوة كل هذا وأنا لا أعرف عن هذه السيدة شيئا إلا أنها شخصية دبلوماسية أو من كبار الشخصيات.
وهى فى الحقيقة تتعامل بكل ود واحترام مع الجميع كما ذكرت سابقا.
بعد يومين اتصل بى نفس الشخص مجددا واعتذر لى عن إلغاء حفلة عيد الميلاد على أمل إقامتها فى وقت أخر.
ثم كانت المفاجأة بعدها بأيام عندما قرات فى الصحف المصرية عن توقيفها من قبل السلطات المصرية وترحيلها إلى إسرائيل ومنعها من دخول مصر بالطبع لم تنشر اى تفاصيل عن الموضوع ولكننى عرفت بعد ذلك انها عملت مستشارة لعدة وزارات فى الحكومة الإسرائيلية.
عرفت من هذه الحادثة أن المخابرات المصرية والأمن المصرى يعرفون مالا نعرفه
ويتابعون بدقة كل ما يحدث على أرض مصر من أمور لا يعرف عنها المواطن العادى مثلى شيئاً عنها أمور لا يعرفها غيرهم بحكم عملهم وعلمهم ولا يمكن فى كثير من الأحيان الكشف عن تفاصيلها وخباياها وان دور كل فرد فى المجتمع أن يتقن عمله ولا يتكلم إلا بما يعلم علم حقيقى متخصص
فالوطن وأمن الوطن ليس مزاج شخصى تبدى رأيك فيه حسب ما تحب فالوطن رجال كل فى موقعه علينا أن نثق بهم.
علينا أن نتكلم عن الوطن بعلم وبإيجابية كما تفعل جميع الشعوب المتقدمة.
يجب أن يكون كلامنا عن الوطن لا عليه.