إسلام كمال يكتب: قراءة أولية في مصير التصعيد الإسرائيلي بغزة!
مع إشعال إسرائيل المشهد في غزة، على خلفية انتخاباتها الجديدة المرتقبة، بالاغتيالات والغارات الدموية على القطاع، أهتم كل المراقبين المتابعين للمشهد المتصاعد خلال الساعات الأخيرة بالسؤال المعتاد في مثل هذه الأجواء، مدة المعركة وطبيعتها!
إسرائيل ومستوطنوها لا يستطيعون إطالة أمد الحرب، رغم عدم الاهتمام الدولى بالأمر، بسبب الأجواء الدولية المبلدة بالغيوم، لكن الشكاوى الاعتيادية من قيادات المستوطنات وسجنهم في الملاجئ في مستوطنات عديدة لا غلاف غزة فقط، خاصة بعد إطالة مدى الصواريخ الفلسطينية، ومواجهتها لتقنية منظومة القبة الحديدية بالرشقات، تمثل ضغطا كبيرا على مركز القيادة في إسرائيل، الذي يهمه أن يظهر في مركز القوى المسيطر، وبالذات مع بروز يائير لابيد في الصورة لأول، حتى أن البعض في تل أبيب يروج لتشبيه استهداف قيادى الجهاد الإسلامي بغزة، تيسير جعبري، باستهداف أيمن الظواهرى، لتنال إسرائيل قسطا من الدعم، وأخذته بالفعل من الأمريكان على الأقل.
وقصة مدة وطبيعة العملية هذه المرة، مرتبطة بالانتخابات وإثارة ملف الأسرى من جديد، بخلاف ارتباطها بموجات الاعتقالات اليومية المسائية التى لا تتوقف منذ شهور في الضفة، وتل أبيب تدعى إنها تستهدف الجهاد الإسلامي فقط، الحليف الأساسي لإيران، التى أعلنت دعمه بالفعل في حربه مباشرة ومن خلال ذراعها حزب الله، وإسرائيل تستغل هذه المواقف لشرعنة جرائمها ضد الفصيل الفلسطيني، وتحاول الترويج إلى إنها تستهدف الجهاد فقط، حتى لا تدخل حماس في المعركة وتطول مدتها وتظهر أضرار أكثر لها، لكن حماس أظهرت بعض الرسائل تؤكد قرب دخولها الحرب.
الساعات القليلة الأخيرة، تبدى تطورا مهما في الحرب، يشير لطبيعتها، حيث تضرر مصنعين بحرائق كبيرة من إصابات مباشرة من الصواريخ الفلسطينية التى تجاوزت القبة الإسرائيلية، بل وأصيب جنديين بقنبلة عبر مسيرة في تطوير فلسطينى جديد، وهو ما يربك الإسرائيليون بشكل كبير، لدرجة إنهم ألغوا مبارة ودية مهمة كانت مقررة بين إتلتيكو مدريد ويوفنتوس بتل أبيب، خشية أن تسقط صواريخ فلسطينية في ستاد المبارة، وتكون فضيحة كبيرة للقبة الإسرائيلية التى يتهافت عليها المطبعين الإبراهيميين والأوروبيين المرعوبين من التهور الروسي.
وإسرائيل تقول إنها مستعدة لعملية واسعة، لكن في الحقيقة لا مصلحة لها في الدخول في أيام قتال طويلة، بالرغم من التصريحات التي تقول “لا مفاوضات لإنهاء القتال”، لكن رسائل التهدئة يتم تمريرها في كل وقت عبر المصريين والقطريين إلى غزة، حيث تم الإعلان عن وفود مصرية وإسرائيلية وفلسطينية متبادلة بين غزة وتل أبيب والقاهرة في محاولات مصرية للتهدئة رغم الأجواء غير المبشرة.
وإذا كانت إسرائيل تريد أن تكسب الوقت فعليها وفق هذا السيناريو، استغلال الجولة وشن هجوم مكثف على البنية التحتية العسكرية في قطاع غزة، لكنها تخشي مشاركة باقي فصائل المقاومة.
وجاءت تصريحات الناطق باسم الجيش ” ران كوخاف” عن إمكانية شن توغل بري في غزة، لتشعل الأجواء أكثر وأكثر، لكنها أساسا تسير في سياق الحرب النفسية، والسبب أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أسقط هذا الخيار بعد أن نجحت المقاومة في كسر رغبة العدو في القتال البري وحالة الردع الشديد للقوات البرية بعد الخسائر التي مني بها خلال التقدم البري صيف 2014م، وفق أغلب التصورات، التى أكدتها التجارب الأخيرة.
الأمر الآخر لا يوجد ما يشير للتوغل البري من دلائل وحشود، لا سيما وأن الأعداد التي تم تحريكها إلى محيط قطاع غزة قليلة بالمقارنة مع حشودات قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال عام 2014 والتي كانت ثلاث فرق نظامية وضمت جميع الألوية النظامية و86000 جندي احتياط.
المتحدث باسم الجيش المرتبك ران كوخاف، الذي نسي إسم القيادى الجهادى الذي استهدفوه في الأساس من شدة التوتر خلال لقاء مباشر من أرض المعركة.. قال بشأن إمكانية شن توغل بري في غزة: لقد حشدنا آلاف جنود الاحتياط وجاهزون إذا لزم الأمر من الأرض وفي الجو..وهذا كلام دعائي بشكل كبير، والكل يعرف ذلك، إلا إذا كانت إسرائيل تريد استغلال الأجواء الدولية، لكن التحركات العسكرية لا تنبأ بذلك، كما أشرنا.
وتستمر ضغوط المستوطنين الذين يلقبهم أغلب الإعلام الخليجى خلال تغطياته بالمواطنين الإسرائيليين، على جيش الاحتلال، ومنهم رئيس مجلس أشكول الاستيطانى جادي ياركوني، الذي قال، سنعطي الجيش حرية العمل في غزة، لكن لا يمكننا تقبل أن تكون هناك عملية كل ستة أشهر تستمر أسبوعين إلى 3 أسابيع، لذا عليه الآن الضرب بقوة، وزيادة قوة الردع.
ويدعو الخبراء والمراقبون الإسرائيليون إلى ضرورة تقليص مدة العملية، حتى لا تدفع ثمنها إسرائيل ، وقالوا، يجب على إسرائيل الإعلان عن تحقيق أهدافها وإنهاء هذه الجولة قبل أن تتعقد الأمور.
ونرقب خلال الساعات القادمة مصير هذه الحرب، هل هى خاطفة، أم مستنقع جديد حفره الإسرائيليون لأنفسهم؟!