د. ناجح إبراهيم يكتب: حريق الكنيسة.. مواقف لا تنسي
كتب د/ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان”حريق الكنيسة .. مواقف لا تنسي”وتم نشره في جريدة المصري اليوم وهذا هو نص المقال:
• خالص العزاء في ضحايا كنيسة أبو سيفين بالمنيرة بأمبابة ودعوات بالشفاء العاجل والعافية للمصابين, وأن يردهم الله إلي أهلهم وذويهم معافين قريباً, فهي فاجعة كبيرة ومحنة ضخمة لا تتحملها نفوس المصريين المكدودة أصلاً, ودعواتنا بالشفاء العاجل للجرحى الذين عاشوا أهوالاً يشيب لها الولدان .
• في لفتة جميلة استطاع الشاب الملتحي “محمد يحيي” من الدخول وسط النيران وإنقاذ خمسة أطفال علي مرات مما أدى إلي أصابته بحروق وكسور حيث يرقد في المستشفى الآن .
• أصيب عدة ضباط وجنود من الحماية المدنية والإطفاء الذين بذلوا جهداً خارقاً لمحاصرة النيران وإطفائها ومنع انتشارها في الكنيسة نفسها وإلي ما حولها من مباني سكنية وهم يرقدون أيضاً في المستشفى, عافاهم الله, وجزاهم عن الوطن والإنسانية خيراً .
• ومن اللفتات الجميلة لمولانا الطيب د/ أحمد الطيب توجيهه بمساعدة كل الأسر التي تضررت من الحادث سواءً بالموت أو الإصابة .
• ومن اللفتات الجميلة توجيه الرئيس السيسي بإعادة بناء هذه الكنيسة مره أخرى علي نسق صحيح آمن يتلافي كل الأخطاء الهندسية والكهربية, ستظل مصر بلد الخير والتضحية والتعاون الإنساني اللا محدود وخاصة وقت الأزمات حيث تجلو هذه الأزمات, المعدن الأصيل والشهم النبيل للشعب المصري.
• من اللفتات الجميلة تبرع اللاعب العالمي محمد صلاح بـ 3 مليون جنيه لمصابي حريق الكنيسة, ومثل هذا الكرم الحاتمي هو الفارق بينه وبين غيره من اللاعبين, هو من شريحة تحب العطاء, وتحب مجتمعها وتشاركه أحزانه, وكل مواقفه النبيلة مع أهل قريته خاصة والفقراء عامةً تدل علي أنه عبقري داخل المعلب وخارجه.
• استغلال محن الآخرين وآلامهم لصنع شو كاذب يضر أصحابة والوطن, أفضل شيء أن تحب الناس وتكره أن يصيبهم السوء, وأن تتمني الخير للناس جميعاً, نتمنى الشفاء للمريض والرحمة للميت والغنى للفقير والنجاح للطالب واليسر للمعسر وقضاء الدين للمدين أيا كان دينه وعرقه ولونه, وأن تصنع الخير في صمت وتبذله في سكينة دون ضجيج يفسد النية ويذهب الأجر, متى نتعلم الصمت فقد أكثرنا طحن الكلام وأكثره خدمة لأهوائنا وذواتنا.
• هاتفني عدة رجال حكماء من أسيوط كلهم يرجو من إدارة مباحث المخدرات إنقاذ الشباب من نفق المخدرات المظلم,فقد انتشرت المخدرات التخليفية الحديثة السيئة السمعة بين الشباب في أسيوط انتشار النار في الهشيم, وزاد من حدتها حالة البطالة مع الفراغ الشديدة التي يعيشها الشباب وغياب الهدف الصحيح والتوجيه السليم وانهيار دور الأسرة والمدرسة, وكلهم أمل في سرعة الاستجابة, فقد انتصرت الدولة المصرية علي كل ما يهدد الأمن القومي ولكنها لم تحسم بعد قضية المخدرات التي تكاد أن تدمر المجتمع المصري.
• تفرغ للقرآن, سخر حياته له,لم يلتفت لسواه, كان يجد سلواه في كتاب الله تلاوة وحفظاً وتجويداً وقياماً لليل, كان صبوراً حليماً, قصده البعض في فترة من حياته بالأذى, كان لا يرد السباب علي من يسبه, حلمه وعفوه زاد الشتامين له بغير حق سوءً وتعدياً, هم بعضهم أن يضربه, لم يكن له سند أو عائلة قوية يستند إليها, فاحتمي بالله, وانتصر به, زالت محنته وأدرك كل من يؤذيه أنه من أولياء الله وحملة كتابه, ترك الدنيا كلها ليتفرغ للقرآن وكسب الرزق الحلال, كان صوته الشجي بكتاب الله يجذب الجميع للصلاة خلفه, كان صدقه مع الله وكتابه يكاد يقفز من قلبه ليستقر في قلوب سامعيه مع كل آية يتلوها بمزامير داوود التي تهزها أحباله الصوتية, في الركعة الأولي من صلاة الفجر بأجمل وأعظم مسجد في ديروط “مسجد السائح” قرأ بسورة الأحقاف من بداية” أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” ثم سقط مغشياً عليه, دون أن يتقطع صوته أو يحشرج, قراءة رائعة حتى آخرها, لم يسقط علي وجهه بل سقط للخلف علي المصلين فأدركه أحدهم قبل أن يسقط علي الأرض فوجوده ميتاً, حقاً من عاش علي شيء مات عليه, سواءً من الحق أو الباطل, رحم الله الشيخ ماهر الصعيدي الذي مات في الركعة الأولي ليلة الجمعة بعد آية”هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”وكأنه ينعي ويعزى نفسه بهذه الآية الرائعة لتصبح جنازته يوم الجمعة من أعظم الجنازات في تاريخ بلدتنا, وتصبح قصته خالدة علي كل لسان, ما أحلي القرآن وما أعظم حملة رسالته.
• بعد وفاة نائب الجراحة د/ نبيل عادل يلاحظ الجميع كثرة وفيات الأطباء الشباب في المستشفيات بعد إرهاقهم الشديد في العمل بالأقسام الطبية المرهقة {الجراحة والعناية المركزة .. الخ } وخاصة بعد تفريغ المستشفيات العامة والمركزية من مضمونها وتركيز كل الحالات الطبية المهمة على المستشفيات الجامعية والمعاهد التعليمية ومستشفيات التأمين الصحي التي أصبح الطبيب فيها يبذل جهداً خارقاً وسط بيئة معيشية سيئة، وتكدس فظيع للحالات المرضية, ونقص الإمكانيات، فالنواب هناك يصلون إلي مرحلة من الإرهاق الذهني والبدني والإنساني لا حدود لها يؤدي إلي حالات الوفاة المفاجئة، لابد من البحث عن حلول مناسبة لمشكلات المستشفيات، وضبط منظومة عمل النواب والأخصائيين بالذات حتى لا يسقط الواحد تلو الأخر.
• أكثر مصيبة تكسر ظهر المصريين حوادث الطرق والسرطان وكلاهما يخرب البيوت العامرة إنسانياً ومالياً ونفسياً.