باحث استيراتيجى يكشف ما وراء إظلام لبنان.. والدور المصري فى حل الأزمة
كتب: على طه
لبنان مظلمة لأول مرة في التاريخ.. (خبر على شريط الأخبار بالتليفزيون يجب ألا يمر مرور الكرام)، خاصة وأنه يخص بلد عربى، ولا يعنى إظلامه أنه يمر فقط بأزمة اقتصادية أعجزته عن توفير الطاقة اللازمة، ولكن الأمر يتعلق بالأمن القومى لهذا البلد العزيز، وانعكاس الصراعات فى المنطقة المحيطة، وخاصة فى سوريا وإسرائيل، على أوضاعه الداخلية، ومصر ليست بعيدة عن الأحداث، بل تحاول بأقصى ما تستطيع مد يد العون لإنقاذ لبنان الجريح.
وفى هذا الصدد يقول د. محسن عثمان، الباحث في الاستراتيجيات والأمن القومي، إن وزارة الطاقه والكهرباء اللبنانيه أعلنت أن الكهرباء ستنقطع بصفه دائمه بعد ظهر الجمعة (الماضية) بعد نفاذ احتياطي الغاز المستخدم في محطة كهرباء (دير عمار …والزهراني) التي تقوم بتوليد الكهرباء لمعظم ربوع لبنان، بنسبه تتراوح بين ٤٠٪ و٥٠٪ من احتياجات لبنان من الكهرباء.
والحقيقه أن أزمة كهرباء لبنان قائمة منذ أمدٍ كبير لفتره تتجاوز الثلاثون عامآ، إلا أن الأزمة وصلت إلي محطتها الأخيرة بإنقطاع تام وظلام شامل يوم الجمعة الماضى، بعد نفاذ احتياطيات الوقود الازمه لتشغيل المحطات. وتمتلك لبنان عدد (٧) محطات رئيسيه لتوليد الكهرباء خرج منها خمس محطات في الفترة السابقة بسبب نقص الوقود، إلي أن وصلنا لآخر محطتين اليوم.
طالع المزيد:
رؤية الرئيس الاستراتيجية:
ويضيف عثمان أنه منذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم في البلاد وهو يولي ملف الطاقه اهتمامآ خاصا، الأمر الذي ترتب عليه تطوير شبكات الكهرباء بالكامل واكتشافات في مجال الغاز مما حقق فائضآ مصريآ يسمح لمصر بتصدير الكهرباء للخارج.
الإتفاق اللبناني المصري السوري الأردني :
ويواصل: في منتصف صيف ٢٠٢١ وبعد تصريح وزير الكهرباء اللبناني أن لبنان علي وشك الظلام بسبب نقص إمدادات النفط والطاقة، حدث اتصال من مبعوث الرئيس الأمريكي في سوريا ولبنان للرئيس اللبناني مفاده أن هناك رؤية ستتم برعاية أمريكية هدفها إمداد لبنان بالطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء، وبتمويل من البنك الدولي، وذلك بعد أخذ شروط البنك الدولي محل الاعتبار والتنفيذ.
الخطه ترتكز علي إمداد لبنان ب(65) مليون قدم مكعب غاز يوميآ من مصر عبر خط النفط العربي الذي يمر بالأردن وسوريا وصولا إلي دار عمار في لبنان.
وترتكز الخطه عبر مسارين :
١- المسار الأول :
أن تقوم القاهره بإمداد لبنان بـ (65) مليون قدم مكعب غاز يوميآ لمدة ١٠ سنوات، عبر خط الغاز العربي، الذي يمر بسوريا
٢- المسار الثاني :
أن تقوم الأردن بتصدير الكهرباء المستوردة من مصر بقيمة 250 ميجاوات يوميآ إلي لبنان. عن طريق شبكة الربط الكهربائي والتي أيضا تمر بسوريا.
موقف الغاز في القاهرة
ومن جانبها أعلنت وزارة البترول المصرية وشركة الغاز المصريه (ايجاس)، أن مصر تنتج يوميآ 6.8 مليار قدم مكعب غاز ويتم توزيعه علي الاستهلاك المحلي الذي يستهلك ما قده (6) مليار قدم يوميآ الأمر الذي سيجعل لدي القاهرة فائضآ يوميآ ما يقرب من ٨٠٠ مليون قدم غاز، مع التذكره أن (احتياطيات حقل ظهر منفردآ وفقآ لما اعلنته شركة إيني الايطاليه هو ٣٠ تريليون قدم مكعب غاز )، دون أي اكتشافات أخري .
موقف الغاز في إسرائيل
إسرائيل لديها حقلان ( تمارا …وليڤيثيان)، ولا تستطيع تصدير الغاز المسال إلي لبنان نظرآ لعدم ثقة كلا الجانبان بعضهما ببعض واعتبارات أخري ليست في سياق التحليل الآن.
هذا بالإضافه لإرتباط إسرائيل بعقود مع الجانب المصري تقدر بـ (60) مليار قدم مكعب بهدف الإسالة وإعادة تصديرها إلي أوروبا، الأمر الذي يجعل هناك صعوبة في تصدير الغاز إلي لبنان.
ويضيف عثمان موضحا عراقيل الإتفاق المصري اللبناني كالتالى:
1- “قانون قيصر ” فمنذ اندلاع الحرب السورية.. وضعت واشنطن نظام الرئيس بشار الأسد موضع العقوبات، وأصدرت قانونا يسمي بـ “قانون قيصر” والذي يمنع التعامل مع نظام بشار في سوريا وفرض عقوبات علي الدول و الشركات و الكيانات الاقتصاديه التي تدعم الاقتصاد السوري وتحديدا في قطاع الطاقة، وهو الأمر الذي يعرقل تنفيذ الاتفاق رغم رعايته أمريكيآ.. إلي ان يخرج استثناء من الكونجرس يستثني موضوع الطاقه في لبنان.
٢- وجود حزب الله في لبنان والمدرج علي قوائم التنظيمات الإرهابيه وسيطرته علي جنوب لبنان عامل رئيسي في عرقلة الاتفاق.
٣- الإرتباط الوثيق بين إيران، ونفط إيران، وغاز إيران، وبين حزب الله، أضاف الكثير من العراقيل أمام هذا الإتفاق .
٤- الأهم من هذا وذاك.. من يقوم بتمويل هذا الإتفاق وهو البنك الدولي فلابد أن تنفذ لبنان شروط البنك الدولي أولا، وإرساء الإستقرار ووقف الانقسامات الداخلية ووضع خريطة للطاقة واضحة حتي يتثني للبنك الدولي تمويل المشروع.
أثر الحرب الروسية الأوكرانية علي الأزمة.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا والعالم في حالة من الغيوم في ملف الغاز بسبب السيطرة الروسية علي الغاز المصدّر إلي أوروبا، الأمر الذي أدي إلي ارتفاع أسعار الغاز عالميا مما أثر سلبآ علي عدم قدرة لبنان علي الدفع لإستيراد الغاز فضلا عن إعلان البنك المركزي اللبناني إفلاسه .
وينتهى الباحث إلى القول إن المشكلة اللبنانية مشكلة صعبة جدا، وتحتاج إلي رؤية وطنية لبنانية خالصة حتي تستطيع العبور من النفق المظلم، ووضع خطة لإقتلاع الأزمة من جذورها وليس مجرد مسكنات.