أحمد عاطف آدم يكتب: أستاذة جامعية لا تعرف الندية
منشور جدلي جديد ظهر مؤخرًا على صفحات موقع “فيس بوك”، أثار حفيظة البعض، وأثلج صدور البعض الآخر، على طريقة الاتجاه السائد حاليًا بين جمهور المدونين – “الاختلاف في الرأي يفسد للود قضية”، وسرعان ما أصبح “تريند” كالعادة، بطلته هذه المرة هي الدكتورة “باكيناز زيدان”، أستاذ الموارد المائية بهندسة طنطا، بعد أن عبرت بأسلوبها عن مدى تقديرها لزوجها قائلة:
“أنا استاذة جامعية مرموقه، مسلمة معتدلة ومستنيرة، ولا يخجلني أن أعترف علنا بمحبة وعن اقتناع، أن التراب اللي بينزل من جزمة زوجي، علي دماغي من فوق .. وأني من غيره ماسواش قشرة بصله، مش بصله بحالها … وإني مقدرش أكسر كلامه، حبا أو إذعانا في حضوره أو في غيابه، كزوجة مسلمة مطالبة بطاعة الزوج.. وإني عمري ما اتعاملت معاه بندية، ولا أرهقته بطلبات مادية، ولا اتخيلت حياتي لحظة واحدة من غيره، رغم شخصيتي القوية ….وعمري ما كنت مهتمة بقضايا المساواه بين الرجل والمرأة، gender equality….مش بس كده، أنا قبل ما ادخل شقتي باقلع كل الألقاب والشهادات بتاعتي علي باب الشقه، وبابقى جوه البيت الست أمينة وهو سي السيد، بكل رضا ومحبة…ويارب يكون راضي عني فعلا، بعد كل ده، ويكون رضاه سبب في دخولي الجنه”.
ولعلك تتفق معي عزيزي القاريء، بأن الدكتورة “باكيناز” بعلمها وكيانها الاجتماعي، لم تقصد بشكل أو بآخر التقليل من شخصها، وهي أكثر من تعي قدر نفسها جيدًا، وأكدت على ذلك بمنشورها – لكنها أرادت فقط أن تعبر عن هذا الكم الطاغي من الحب الذي يتمتع به زوجها، في قلبها وحياتها،، ومن المؤكد أن هذا الرجل يستحق بأفعاله وأقواله إشهار زوجته لتلك القيمة، ودفعها لتبجيله واحترامه ببساطة ودون تكلف.. عشرة سنين وعطاء متبادل لا ينفذ، جعل صاحبة الشخصية الممزوجة بالقدرة الفائقة على التحليل العلمي للنظريات الهندسية المعقدة، وكذلك الاجتماعية المتميزة بمرونتها في إدارة شئون بيتها، أن تعيش مطمئنة وسعيدة تحت أي مسمي، وبأي قناعة تخص علاقتها بزوجها،، ومما لا شك فيه، أنها قادرة بقوة على حفظ كرامتها جيدًا بين كل أفراد أسرتها.
وإذا بحثنا عن كلمة السر في السلام الداخلي والسكينة، التي تنعم بها الأستاذة الجامعية، سنجدها تتمثل في حرصها على نبذ “الندية” بينها وبين زوجها، وتسيد روح “التكاملية” إذا جاز التعبير، حياة يُكمل فيها كل طرف للآخر دون تنافس، يعرف الرجل مسئولياته تجاه رفيقة دربه، يسعى لإسعادها بكل ما أوتي من قوة، وتغفر هي ذلاته المقبوله إن وجدت، وتلتمس له الأعذار، تُمتع نفسها وتمتعه بالصفح والمكاتفة الوجدانية، تعطيه قدره كرب أسرة شرقي، مكلف بمهام تختلف عن تلك الموجودة بالمجتمعات الغربية، يعمل ويشقى من أجل زوجته وأسرته، وهي غير مطالبة بالعمل – إلا إذا أرادت، يحميها ويفديها بروحه، يحترم كيانها بكل جوارحه،، فلماذا لا تخلع له ألقابها وشهاداتها على باب شقتها وتلبس له ثوب الطاعة فقط.
أكتب لكم وأنا أتحسس كلماتي تفاديًا لتهم باطلة تلوح في الأفق، من ضمنها، محاولة زرع وترسيخ مبادئ “المجتمع الذكوري”، هذا المصطلح المضلل والمطاط، الذي جعل المرأة العربية المعاصرة، لا ترى في رجلها إلا حرصه على السيطرة غير المسئولة، والاستقواء بعضلات الرجولة، وسحق إنسانيتها وقهرها، وطمس هويتها، كزوجة مكافحة وأم ناجحة،،، هذه الافتراءات الباطلة، نجح أعدائنا في توطينها بعقول أمهات كثيرات، وجعلهن ينقلن جيناتهن المفيرسة فكريًا، لبناتهن المقبلات على الزواج، وتلقينهن شهادة العصيان، فسادت الفرقة واستحالت العشرة.