د. ناجح إبراهيم يكتب: شيخ الأزهر والإفلاس العلماني
كتب د/ناجح مقالاً بعنوان”شيخ الأزهر والإفلاس العلماني” وتم نشره في جريدة “المصري اليوم” وهذا هو نص المقال:
■ أول شيخ فى تاريخ الأزهر يتنازل عن مُرتبه وبدلاته ويرفض هدايا الملوك، وما أدراك ما هدايا الملوك!.. وأول قرار له بالمشيخة حرمه من دَخْل بالملايين، لأن الأزهر وشيخه أكبر من ذلك وأسمى وأرقى من كونه مأذونًا للكبراء.
■ استقل بالأزهر عن الجماعات والأحزاب والأشخاص، وجعله خادمًا للدين والوطن فحسب، لم يجعله خادمًا لأحد ولا سائرًا فى ركب أحد، ولا يدور فى فلك أحد، ولا يكره أحدًا بعينه، ولا يصطدم بأحد، ولا يكفّر ولا يفسّق أحدا، يكره الكفر والفسق والخطأ ولا يكره المخطئ.
■ لم ينجح أحدٌ فى جرّ الأزهر فى عهد د. الطيب لمعارك جانبية.
■ أخرج الأزهر فى عهده خمس وثائق فكرية تاريخية، لو طُبقت فى مصر والعالم العربى لكان لها شأن آخر.
■ أعظم نصير لقضية فلسطين عامة والقدس خاصة.. صوته فى قضية القدس هو أقوى وأخلص صوت بعد أن خفتت كل الأصوات.
■ الإمام الطيب هو الإمام الأزهرى الأوحد الذى جمع زعماء مسيحيين ويهودا ومسلمين بارزين لنُصرة القدس.
■ جمع كل الأطراف المتصارعة فى بورما ونجح فى حقن الدماء والإصلاح بينهم.
■ هو أول من أسس بيت العائلة بالاشتراك مع زعماء الكنيسة المصرية فى ربوع مصر.
■ حارب التطرف والغلو، ولكن بأخلاق الرسالة المحمدية وليس بالشتائم والسباب.. حاربه بالوسطية والاعتدال.
■ أكبر إمام استقبل رؤساء دول وحكومات وعلماء ومفكرين.
■ شارك مع البابا فرنسيس، رأس الكنيسة الكاثوليكية، فى عقد أهم مؤتمر دينى دولى عن الإخاء الإنسانى.
■ رفض فكرة الدين الإبراهيمى التى حاول البعض فيها إدخال الصهيونية ضمن حلف إسلامى عربى سنى لا يخدم الإسلام بقدر ما يخدم الاحتلال الإسرائيلى.
■ هذا هو الإمام الطيب.. د/ الطيب الذى تفرد بالحكمة والتريث والعقل والزهد والورع والعلم وجمع بين الحضارات، فهو ابن الحضارة الإسلامية وعالمها العظيم، وابن السوربون النجيب.. فى منظومة رائعة تأخذ من الحضارة الغربية ما يوافق شريعة السماء التى هى أعلم وأغلى وأدق وأبصر وأبقى من كل الشرائع.
■ هذا الإمام الطيب د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر تتناوشه بين الحين والآخر أقلام وألسنة بعض العلمانيين الذين لا هَمّ لهم إلا الشهرة على حساب الإمام.. فأين الحرية الشخصية التى يتشدق بها هؤلاء وهم ينتقدون الشيخ إذا قرأ كتابًا فى الطائرة؟ وهل معنى أن يقرأ كتابًا عن «أفول الغرب» أنه لا يحق له أن يستخدم الطائرة أو أدوات الحضارة الغربية أو يستخدم منتجات حضارتها.. ما هذا الربط الساذج؟!.
■ الإمام الأكبر يعرف مواطن الخير فى الحضارة الغربية، ويعرف أيضًا مواطن الخلل، ويعرف ما يفيد وما يضر.. وهو مثل غيره من المفكرين يرون مثلًا أن تبنى الغرب للشذوذ سيدمر حضارتهم، وخاصة بعد تقنينه وشرعنته. وقد قال ذلك العلّامة عبدالوهاب المسيرى- رحمه الله- ولم يجرؤ أحد من هؤلاء على مهاجمته.
■ الغرب يعرف قدر الإمام، فقد قوبل بالتصفيق والترحاب فى الفاتيكان، وهو أول إمام يزوره، وكذلك فى البوندستاج الألمانى، وكسر الرئيس الفرنسى البروتوكول مرتين فى استقباله ووداعه، وهذا رئيس دولة يضع الأطباق للإمام كاسرًا البروتوكول.
■ الذين هاجموا الإمام لم يقرأوا يومًا هذا الكتاب، ولم يكلفوا أنفسهم يومًا الاطلاع عليه، فالمهم لديهم الهجوم على الأزهر وإمامه، فكتاب «أفول الغرب» هو لعالم مغربى رصين، وليس خطابًا حماسيًا فوضويًا تكفيريًا.. والمبشرون بأفول حضارة الغرب من علماء الغرب بأنفسهم كُثر.
■ نقد هؤلاء للإمام يدل على إفلاس العلمانيين المصريين وتركهم التصدى لقضايا الأمة الجوهرية والتصيد للإسلام والمسلمين والأزهر فقط. العلمانية المصرية أصبحت انتقائية، باهتة، «سطحية التناول»، غير عادلة، تتصيد الأخطاء وتحوّل الحسنات لسيئات، تكره دينًا وحضارة ومؤسسات دينية معينة دون سواها بهتانًا وزورًا.
■ هل قراءة الإمام لكتاب علمى رصين يعد جريمة ويحمل ما لا يحتمل.. أهكذا انهار العقل العلمانى المصرى؟!.. والله لو كان هناك شخص مثل الطيب أو بصفاته وخصاله فى أى ملة أخرى لوسعه هؤلاء مدحًا ليلًا ونهارًا، ولكنهم يتصيدون لدين وحضارة ومؤسسة بعينها، وهناك أشياء انهارت فى مصر علينا أن نضيف إليها انهيار العقل العلمانى، وحلول السطحية والازدواجية محل الحكمة والموضوعية لدى دعاة التنوير فأصبح أكثرهم أشبه بكذّابى الزفة.
■ وكما قال الكاتب المغربى «حسن أوريد» مؤلف الكتاب: «أحرى الناس بالموضوعية والدقة الذين يزعمون الحداثة والتنوير، وأن يقرأ شخص ما كتابا ليس معناه أنه يتماهى مع ما يرد فى الكتاب أو يتبنى أطروحة الكتاب».
■ العلمانيون المصريون ينسون أن كلمة «أفول الغرب» شاعت على ألسنة مفكرين غربيين مثل: فاليرى، وفرويد، وبول كينيدى وميشيل أونفرى.. نريد من علمائنا أن يهاجموا هؤلاء ويتهموهم بالرجعية.
■ د/ حسن يقول: «كتابى يعنى ألا يخون الغرب قيمته التى أنجحت حضارته» ويرى أن انهيار حضارة الغرب سيضر العرب.
■ نابليون لم يكن ساذجًا حينما جعل أول زيارة له للأزهر،وكان أذكى من هؤلاء العلمانيين المصريين الذين لا هم لهم الآن إلا تحطيم الأزهر والتطاول على شيخه.
■ العلمانى المصرى لا هَمّ له الآن إلا مناكفة الدين والشريعة والأزهر، ولا دور له فى الحياة غير ذلك، لا يدافع عن قضية، ولا يحمى حضارة، ولا يدافع عن مظلوم، ولا يعطى محرومًا، لا ينافح عن الحريات العامة، لا يتبنى قضية أمته ويخون قضاياها، يركب حصان الوهم فى معارك وهمية.
■ وعلى رأى المفكر د/ مأمون فندى: «لو أن أحدًا كتب عبارة (أفول الغرب) فى جوجل لظهر له أكثر من ستين كتابا عن الموضوع كتبها فلاسفة غربيون بطرح متميز وعميق.. ومثلها عن الحضارة الأمريكية.. وليس هناك من يتهم هؤلاء الباحثين بجلد الذات ولا الخيانة ولا العمالة».
■ ويردد مأمون فندى أن قراءة شيخ الأزهر فى «أفول الغرب» أو أى كتاب ليس عيبًا، العيب فيمن لا يقرأ ويكتب دومًا دون دراسة وبحث وقراءة.
■ الحقيقة أنه يمكننى أن أقرر وبحق «أفول العلمانية المصرية»، لأنها تفتقد الحكمة والبوصلة.