فى «ملتقى الشربيني».. مفكرون وكتّاب وسياسيون استذكروا تاريخ الرمز خالد محيي الدين

  أمينة النقاش عن خالد محيي الدين صحفيا : ترأس أخبار اليوم وأسس الأهالى وتجربته فى اصدار المساء هى الأكثر إكتمالا محمد فرج: أرسي قيما سياسية رفيعة .. ولم يستخدم لفظا واحدًاغير لائق فى حياته. كامل السيد : مواقفى وذكرياتي معه تستحق أن تدون فى كتاب. ضحى عاصي : كان من أسعد ايامي أن يصحبني أبى إلى بيت عمو خالد وطنط سميرة. محمودالشربيني: كنت أول من كشف للناس موقفه من الدين وانخراطه فى الطريقة النقشبندية

كتب: على طه

وسط جمع حاشد من الكتاب والمبدعين والسياسيين، احتفل ملتقى الشربيني الثقافي بالذكرى المئوية لميلاد الزعيم خالد محيي الدين ، القائد التاريخي لليسار العربي والمصري .

شعراء وكتاب وروائيون ونقاد ومسرحيون وباحثون فى الفلكلور، والسياسة، والدين، ونواب وقياديون فى حزب التجمع، احتشدوا فى قاعات الملتقى، التى اتسعت لهم، وازدانت بصور و بانرات خاصة للزعيم خالد محيي الدين اتفق الحزب اليساري العريق فى مصر على أن تكون عنوان ورمز لاحتفالاته التي تقرر لها ان تبدأ فى اغسطس وتستمر حتي سبتمبر .

سمات الزعيم

فى البداية تحدث مؤسس الملتقى الكاتب الصحفى محمود الشربيني، فذكر بعض سمات الزعيم خالد محيي الدين، على ضوء علاقته به، ومنها تبين أنه ذو مواقف مبدئية، فلا يقبل الواسطة أو تجاوز الآخرين ، موضحا أنه كان فى بداية عمله الصحفى فى الثمانينات كان بحاجه الى تليفون مباشر، وكان الحصول عليه صعبًا، فرفض محيي الدين التوسط له أو أن يسهل له تجاوز الدور على غيره .

وقال إنه وجه انتقادات لليساريين البرجوازيين الذين يركبون السيارات الفارهه ويرتدون الملابس مستوردة .. وتقبل الزعيم محيي الدين الكلام برحابة صدر.

ونوه بحوار صحفي كان “بعيدا عن السياسة” أجراه معه ، فأشار إلى أنها كانت المرة الأولى التي يتحدث فيها عن جانب من حياته الخاصة، تحدث فيها عن علاقته بالدين، وبالماركسية، وأشار إلى أنه قرأ جانبا فقط من رأس المال لكارل ماركس، وأنه يصلى ويصوم .. وأنه ينتمي إلى طريقة النقشبندية .. وأوضح أنه وهو فى المجر كان يخرج من مقر اقامته لتحري وقت الإمساك ووقت الاإفطار معتمدا على عينه المجردة .

ومن بين ماقاله الراحل للشربيني فى حواره هذا أنه كان يخشي اصابة ابنته بمرض معين .. ولازمه هذا الخوف طويلا ، ثم حدث فعلا أن أصيبت ابنته به، وظلت تعالج حتي شفيت والحمد لله.
ومن اهم ماتذكره فى هذا الحوار سؤاله عن رأيه فى رؤساء مصر ناصر والسادات ومبارك ، وايهم كانت له ماخذ عليه أكثر فقال بوضوح :السادات هو اكثر رئيس أضر بمصر .
وتحدث الكاتب الصحفى محمد جاد هزاع فقال فيها الزعيم خالد محيي الدين من افضل السياسيين المصريين لانه قيمة وقامة ،وكان يحافظ على اعضاء الحزب من تصرفات اعضاء الحزب الوطنى،وانه لم يكن على استعداد بأن يتسبب لهم فى أي مشكلة أمنية إو اجتماعية لدي زيارته لهم فى القري والمراكز .

إبن الاغنياء

وفى كلمته تحدث محمد فياض عضو المكتب السياسى لحزب التجمع عن ذكرياته مع خالد محيي الدين وكيف كان يرعى التجمعيين وأسرهم اثناء فترات اعتقالهم ، نتيجة بطش السلطة وتنكيلها بهم ، وتناول تجاربه اثناء الانتخابات البرلمانيه وحرصه على المشاركة فى جميع الانتخابات وقال ان خالد محيي الدين حاله فى التاريخ المصرى.

حديث سلطان

وتحدث الزميل محمد سلطان أمين التجمع فى القناطر الخيريه حيث شكر ملتقى الشربينى الثقافى على تبنيه الاحتفاليه واضاف ان خالد محيى الدين هو فارس الديمقراطيه الذى لم يهتم بثرائه بل فضل انحيازه للفقراء والبسطاء من الناس وحرصه دائما على غسل كلامه بالماء والصابون قبل الحديث٠

نشأة خالد

وتحدث كامل السيد أمين المحافظة عن نشأة خالد محيي الدين التى جمعت بين الصوفيه وابن الاغنياء وطموحه وهو صغير ولعب الكره مع ابناء الفلاحين وانحيازه للعداله الاجتماعية والديمقراطية وتنازله الطوعى عن رئاسة الحزب تنفيذا للمادة الثامنة من اللائحة ، ونوه بأنه كان نائبا عن الجميع وليس عن التجمع فقط ، وأنه حين يعارض يقدم البدائل .

وروي العديد من المواقف التى جمعته معه، ماجعل كثيرين يطالبونه بأن يكتب كتابًا عنه من واقع هذه العلاقة الطويلة .

وأشار كامل السيد – مثلما أشار أحمد عبد السلام ومحمد فياض وغيرهما – الى مواقف كثيرة جمعتهم مع الزعيم، وهى كلها شاهدة على تمتعه بحب الجماهير له فى كل مكان .

أمينة النقاش تكتب للملتقى

وفى مقالها المعنون “خالد محيي الدين صحفيًا ” والذي كتبته خصيصا ليتلى فى الملتقى ذكرت النقاش أن ” جمال عبدالناصر حينما قبل “عودة” خالد محيى الدين “من منفاه فى سويسرا إلى مصر ، عرض عليه اقتراحين ، أن يكون سفيرا فى تشيكوسلوفاكيا، أو يصدرجريدة يسارية مسائية .

ولأن ميول خالد الشخصية والفكرية ترسو بعمق عند الشواطئ التى تعزز حريات الرأى والتعبير باعتبارها الطريق الأسلم للتطور الديموقراطى، فقد تمسك بالاقتراح الثانى.

وبالفعل صدر العد الأول من صحيفة المساء فى 6 أكتوبرعام 1956 . ولعبت ” المساء”تحت رئاسة خالد محيى الدين أدوارا وطنية وسياسية وثقافية ومهنية هامة، ساهم فى إتساع تأثيرها وانتشارها، لا سيما فى تصديها لفضح العدوان الثلاثى وأهدافه الإستعمارية فى المنطقة.

وأصبحت “المساء” منبرا لبلورة الاتجاهات التقدمية والأشتراكية فى مجالات الفكر الأبداع المختلفة ، وعرف شعر بيرم التونسى وفؤاد حداد طريقه للنشر على صفحاتها بجانب قصص ومقالات يوسف إدريس ويوسف الشارونى والفريد فرج وغيرهم من المبدعين.

وتألق على صفحاتها فى مجالات الفكر السياسى الدكتور عبد العظيم أنيس ومحمود أمين العالم و عبد الرحمن الخميسى ، ومحمد سيد أحمد وسعد التايه، وأحمد حمروش وسعد كامل ودكتور عبد الرازق حسن وعبد المجيد نعمان وغيرهم .

وأصبحت المساء بما تنطوى عليه من كوكبة من الكتاب والصحفيين وفنانى الرسم الصحفى والكاريكاتور، مدرسة لصحافة الرأى التى تغتنى بالتعدد، وتثرى بالأختلاف والتنوع .

لكن التطورات السياسية فى مصر والمنطقة العربية ، عجلت بانهاء تلك التجربة الصحفية الهامة التى لم تأخذحقها من الدراسة وفى 13 مارس من نفس العام تمت أقالة خالد محيى الدين من رئاسة تحرير صحيفة المساء .

وبرغم توليه رئاسة مجلس إدراة مؤسسة أخبار اليوم 1964-1966 ورئاسته لمجلس إدارة صحيفة الأهالى بعد تأسيسه لحزب التجمع ، تظل تجربة تأسيس المساء الأكثر اكتمالا والأكثر تأثيرا ، وألأقرب إلى روح “خالد محيى الدين ” الوثابة نحو فضاءات الحرية الرحبة.

طنط سميرة وعمو خالد

النائبة عن حزب التجمع الأديبة ضحى عاصى وهى كريمة الشيخ مصطفى عاصى ، احد رواد التيار الديني المستنير فى الحزب ، والتى أطلت بالحضور على علاقتها الفريدة ب(تانت سميرة ،وعمو خالد) فى إشارة الى العلاقة الأسرية الحميمة التى ربطتها بأسرة الزعيم خالد محيي الدين ، والذين ربطتها بها علاقة وثيقة من خلال والدها الشيخ مصطفي عاصي ..واقترابه من خالد محيي الدين حزبيا وأسريًا. وذكرت ضحى أنها شعرت بالحميمية لدي دخولها “ملتقى الشربيني” حيث تعقد الندوة ، وشعرت وكأنها فى بيت الشيخ مصطفى عاصي .. موضحة انها التقت بالزعيم خالد محيي الدين فى بيته ، وأنها كانت تناديه ب “عمو خالد”وتنادي زوجته ب “تانت سميرة ” وأن من امتع لحظات حياتها حينما تذهب مع والدها إلى بيت عمو خالد.

وأشارت إلى أن والدها تحدث معها عن سمات خالد محيي الدين وانه كان له نزعة صوفية ، وانه ورث عن أجداده سمات انسانية عديدة . وذكرت ان حزب التجمع ارتبط اسمه باسم خالد محيي الدين، وأن من الدروس التى استفادتها كنائبة عن التجمع أنها لا تشخصن المسائل وتطرح البدائل.

هو وجمال الأكثر ثقافة

الكاتب الصحفي محمد الشافعى فقال :نحن فى أمس الحاجة إلى نموذج خالد محيي الدين..وعدد الكثير من صفاته ومناقبه المعروفة ، من حيث الفروسية والشهامة والانسانية والوطنية والمعارضة المدروسة، من دون مصالح شخصية ، منوها بأن خالد محيي الدين وعبد الناصر كانا أكثر ضباط الثورة ثقافة ووعيا.

.. والآن أتكلم

وقدم الشاعر والناقد محمد السيد اسماعيل قراءة نقدية فى كتاب خالد محيي الدين”.. والآن أتكلم” .. وشدد على ان هذا الكتاب يعتبر سيرة ذاتية فاقت كل المذكرات التى كتبت . كما أضفى الكاتب الصحفي محمد الشافعي على الليلة ابعادا ثقافية ووطنية أخري ، كونه مشغولًا دائما بتوثيق حياة أبطال مصر ، وفي القلب منهم ثوار يوليو. وابطال معارك الوطنية المصرية ، ومعارك ٥٦ و٦٧ و٧٣ وهو صاحب العديد من الكتب التى وثقت لبطولات المصريين.

عمر ثري بالنضال الوطني

واختتم اللقاء بكلمة للأمين العام المساعد للعمل الجماهيري بحزب التجمع محمد فرج .

وفى كلمته التى جمعت بين العام والخاص قال فرج أن الزعيم خالد محيي الدين عاش عمرًا ثريًا من النضال الوطني والتقدمي والثوري والبرلماني والصحفي و السياسي.

وأضاف فرج أن خالد محيي الدين تميز بمجموعة من الخصائص الفكرية والسياسية تكونت لدية بتأثير المناخ المصري والعربى والدولى الذي عاصره فى شبابه، وأشار إلى خصائصه الفكرية، مبينا أنه دمج فى فكره ونضاله بين ضرورات التحرر الوطني واستقلال الإرادة الوطنية وضرورات التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، فكان مناضلا صلبا ضد مؤامرات الاستعمار والصهيونية، معددا فى ذلك مواقفه التى تجسدت فى الانضمام لتنظيم الضباط الاحرار ، ووقوفه ضد مجتمع النصف فى المائة ، ثم رفضه لمعاهدة كامب ديفيد ، وانحيازه المطلق للفقراء والعدالة الاجتماعية ورفض سياسات الانفتاح الاقتصادي .

وعن طريقته السياسية كشف فرج أنه اشتهر بكونه فارس الديمقراطية ، واحترامه للوائح والقوانين ويطبقها على نفسه أولا ، ويشير هنا الى أنه رفض أن يستمر كرئيس للتجمع اكثر من دورتين ، وكان يحضر الاجتماعات الحزبية تحت رئاسة غيره ويطلب الكلمة للحديث مثل آي عضو ، وقد أسس لطريقة فى العمل السياسي -معارضا أو مؤيدًا- تجمع بين القيم السياسية الرفيعة والمواقف الحاسمة ، فلم يعرف عنه أبدًا الا استخدامه للالفاظ المنتقاه.
كما عرج محمد فرج على صفات أخري فى شخصية الزعيم خالد محيي الدين ، فتناول ملامح شخصيته القيادية، مشددا على انه سيظل نموذجا يحتذي ورمزًا تفتخر به القوي الوطنية والتقدمية والقومية المصرية والعربية.

طالع المزيد:

زر الذهاب إلى الأعلى