طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (42) الزومبى ملك الأعذار
كنت على وشك الإستيقاظ حوالى السابعة صباحا عندما سمعت فجأة صوت شخص ما فى شرفة المنزل فنهضت مفزوعا لأتحرى الأمر .
أزحت الستائر وفتحت باب الشرفة فوجدت رجلا غريبا يقف فى شرفة منزلى ويمسك حبلا، لولا أننا بالنهار لظننت أنه شيطان، صرخت فيه ماذا تفعل هنا؟! وكيف دخلت الى الشرفة؟!..
ارتبك الرجل الذى لا يبدو عليه أنه لص فهو يرتدى بدلة عمال متسخة ويبدو على وجهه الأسمر الذى تشقق بفعل الشمس الحارقة والجفاف أنه عامل فهو لم يبد أى رد فعل اجرامى، بل قال بكل هدوء يدعو للدهشة ” صعدت لأعلق بعض الزينات بمناسبة افتتاح محل الحاج رجب (الحاج رجب صاحب محل ادوات منزلية فى اخر الشارع الذى اسكن فيه) قلت له بغضب وكيف تفعل هذا هل استأذنت منى لتدخل بيتى؟!.
قال : أنا لم ادخل بيتك أنا فى الشرفة فقط على اعتبار أن الشرفة ليست جزء من المنزل بمنطق الزومبى.
بعدها سمعت صوت الحاج رجب من أسفل العمارة يقف فى الشارع وسط العمال يقول لى صباح الخير يا باشمهندس شاكر آسفين على الإزعاج ماتنساش تشرفنا بالليل فى الإفتتاح قلت له: ” افتتاح ايه ازاى تسمح لعامل يقفز فى المنازل بدون إستئذان؟!..
قال: “ده مش هاياخد دقيقتين واحنا واقفين وده افتتاح بقى كل سنة وانت طيب”.
طلبت من العامل أن يعود من حيث أتى حيث لاحظت أنه تسلق البناية عن طريق حبل سميك ومعه الزينة وهددته إذا تكرر هذا الفعل، وتجاهلت تماما الحاج رجب الزومبي ببجاحته المعتادة .وهنا اسمحوا لى أن أسجل صفة جديدة من صفات الزومبي وهى البجاحة وإستغلال حياء الآخرين.
فى يوم كنت فى إحدى المصالح الحكومية لإستخراج بعض الأوراق وبينما نحن واقفون طابور طويل فى عز الحر إذا بالموظف المسؤول يختفى لمدة نصف ساعة قال البعض أنه ذهب لقضاء الحاجة وهذا مقبول لكنه لن يأخذ كل هذا الوقت خصوصا أنه بعد ساعتين سينتهى وقت العمل ويرحل الموظفين ونضطر للمجىء فى اليوم التالى ، فذهبت اسأل عنه فى بقية المكاتب حتى وجدته اخيرا يجلس خلف أحد المكاتب فى غرفة من غرف المخازن وقد وضع أمامه اطباق الفول والطعمية والجبن والعيش يأكل بنهم ولا يعير اى اهتمام للوقت ولا لطابور البشر المنتظر سعادته كى يخلصوا أوراقهم .
قلت له بطريقة مهذبة ” هل امامك وقت طويل للإنتهاء من الطعام فالساعة قاربت على الواحدة والنصف ظهرا فقال لى بكل بجاحة ” نعم إمامى وقت طويل فأنا أتناول فطورى لو حضرتك مستعجل تعالى بكرة ” ذهبت إلى مدير المصلحة كى يكلف شخصا آخر ينهى أعمالنا فقال لى ” الراجل بيفطر بلاش يفطر يعنى” وهكذا ضاع اليوم فالموظف الهمام عند عودته من تناول الطعام لم يكن متبقى من انتهاء مواعيد العمل الرسمية غير نصف ساعة قضاها فى العبث ببعض الاوراق ثم اغلق الشباك أمام طابور المنتظرين دون حتى أن يعتذر لهم أو يقول اى كلمة وغادر المكان .الحجج الذى يستخدمها هذا الزومبى حجج جيدة تدعو للتعاطف وعدم الجرأة على الإعتراض مثل أنه يتناول الطعام أو يقضى حاجته أو ذهب ليصلى .
ذهبت إلى المكتب بعد ذلك وأنا متعكر المزاج فوجدت زميلى ماجد الزومبى الملقب بأستاذ الأعذار يضع امامى بعض الملفات ويطلب منى بكل ود أن اراجعها بدلا منه حيث أنه مضطر للمغادرة لإصطحاب ابنه المريض إلى المستشفى فلم ارد عليه ، ماجد كل يوم تقريبا لديه أمر طارىء يلقى من أجله جميع مهمامه فى العمل على شخص آخر ويقدم اعذارا من الصعب الإعتراض عليها أو رفضها مثل حالات المرض والوفاة والسفر المفاجىء أو أنه فى مأزق وأزمة كبيرة وهكذا يعانى الشخص الطبيعى مع هذا النوع من الزومبى بسبب حيائه وأخلاقه الذى يستغلهما الزومبى البجح اسوء إستغلال.
نظرية الزومبى البجح هى إلقاء العبأ والعمل المضاعف على الشخص الطيب الخلوق الذى يمنعه الحياء أن يرد سائل
أو يرفض تقديم المساعدة فيستغله جميع الزومبى بلا رحمة .
نكمل فى يوم اخر من يوميات زومبى فإلى اللقاء.
اقرأ ايضا للكاتب:
-
طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (41) وكر الزومبى الليلى
-
طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (40) سوبر زومبى