الانتخابات الإيطالية الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الجمهورية.. النتائج والمخاوف
خاص من إيطاليا: إكرامي هاشم
أسدل الستار على الانتخابات العامة في إيطاليا، والتي وصفت بأنها الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الجمهورية الإيطالية، حيث جاءت نتائجها متطابقة تماما مع التوقعات واستطلاعات الرأي التي سبقت عملية التصويت وتوقعت صعود تيار اليمين المتطرف و لاسيما حزب أخوة إيطاليا بزعامة السياسية الشابة جورجيا ميلوني التي تصنف بأنها ضمن الفاشيين الجدد في أوروبا.
النتائج
وأسفرت الانتخابات التي انتهت بنسبة تصويت بلغت ٦٣.٩١٪ وبفارق ١٠٪ أقل عن آخر انتخابات عامة جرت في إيطاليا في العام ٢٠١٧ و التي وصفت بأنها أدني نسبة تصويتية في تاريخ الجمهورية الإيطالية عن تصدر تحالف اليمين بنسبة ٤٢٪ وتصدر حزب جورجيا ميلوني الأصوات بنسبة ٢٦٪ متقدمة على جميع الأحزاب الأخري ومتخطية الحزب الديمقراطي ممثل اليسار الإيطالي ذات الشعبية الأكبر بين الناخبين الإيطاليين خلال السنوات الماضية والذي حصل علي نسبة من الأصوات بلغت ١٨٪ فقط واعتبرها البعض خسارة و سقوط مدوي للحزب اليساري الأكثر إعتدالا.
المفاجأة وردود الأفعال
وربما كانت أكثر النتائج مفاجاة أيضا هو خسارة حزب ليجا نورد بزعامة اليميني ماتيو سالفيني والذي لم ينجح في الحصول علي أكثر من ٨٪ من الأصوات، وكانت نتائج حزبه في آخر انتخابات، أجريت في العام ٢٠١٨، هى ١٨٪.
حسب الدستور الإيطالي لن تكون تلك النسب كافية لحصول أيا من الأحزاب علي تفويض كامل لتشكيل الحكومة القادمة حيث يشترط الدستور علي حصول أحد الأحزاب المتنافسة علي النسبة المطلقة (٥٠٪+١) للحصول علي التفويض الكامل من قبل رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة، ومن هنا تدخل إيطاليا من جديد في دائرة الحكومات الإئتلافية، والتي هي دائما بطلة المشهد السياسي الإيطالي علي مدار تاريخها الجمهوري.
ويكون على رئيس الجمهورية الاختيار من بين الشخصيات الحزبية الأكثر حصولا علي أصوات الناخبين ليجد نفسه وجها لوجه أمام جورجيا ميلوني زعيمة الحزب المتصدر وبفارق ٨٪ عن أقرب الأحزاب لحزبها من حيث نسبة الحصول علي الأصوات و هو الحزب الديمقراطي بزعامة كارلو ليتا.
وتوالت على الفور ردود الأفعال والتصريحات على فوز جورجيا ميلوني الذي أثار تصدرها الانتخابات المخاوف سواء على الصعيد الداخلي الإيطالي أو على المستوي الأوربي؛ بسبب خلفيتها الفاشية و أيدولوجية حزبها الشعبوي الذي ينادي بنقاء العنصر الإيطالي ورفضها الاندماج مع الإتحاد الأوروبي.
تصريحات ميلونى
والتصريحات الأولي جاءت لميلوني نفسها التي شكرت الإيطاليين في تغريدة لها علي وسائل التواصل الاجتماعي قائلة: “شكرا لإيطاليا و الإيطاليين الذي قرروا اختيار اليمين عن قناعة، وإيمانهم في قدرته علي القيادة”.
وظهرت ميلونى في صورة حاملة لافتة كتب عليها: “شكرا إيطاليا” وعلي الفور عبرّت رئيسة المفوضية الأوروبية عن أملها في التعاون مع الحكومة الإيطالية الجديدة، بينما أعرب وزير الخارجية الأسباني عن تخوفه من تنامي التيارات الشعبوية في أوروبا والتي دائما ما تنتهي بكارثة علي حد تعبيره فيما أعربت رئيسة وزراء فرنسا إليزابيث بورن عن خشيتها علي حقوق الإنسان في إيطاليا و لاسيما حقوق الإجهاض في الوقت الذي نشرت فيه نائبة الحزب اليساري الفرنسي كليمنتين أوتاين تغريدة قائلة ورثة موسوليني يتولون السلطة في إيطاليا و عبر الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند عن قلقه من إنتصار اليمين و الذي يعرض أوروبا لخطر الشلل علي حد تعبيره بينما عبر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان المنتمي إلي التيار اليميني في أوروبا عن تهنئته و سعادته بفوز ميلوني قائلا أنها تستحق الفوز.
فيما جاءت ردود الأفعال الداخلية متباينة أيضا و كانت أكثرها حدة علي لسان أنريكو ليتا زعيم الحزب الديمقراطي الذي عبر عن النتيجة قائلا أنه يوما حزينا علي إيطاليا فيما عبر ماتيو سالفيني عن حزنه من النتيجة التي أطاحت بحزبه إلا أنه أعرب عن إمتنانه لكون اليمين سيحكم إيطاليا لمدة الخمس سنوات المقبلة أما علي المستوي الشعبي فقد قام طلاب إحدي المدارس الثانوية في مدينة ميلانو بالإعتصام و إحتلال مبني المدرسة إعتراضا علي فوز ميلوني.
المخاوف
وتأتي المخاوف الأوروبية من تولي ميلوني السلطة في إيطاليا نتيجة الإيدولوجية التي تتبناها و حزبها و مرجعيتها الفاشية و التي تعيد إلي الأذهان العهد الفاشي أبان حكم موسوليني و أيضا الخوف من الشبح الروسي الذي يهدد أوروبا من ناحية الشرق نظرا لقرب الأحزاب اليمينية من الإتحاد الروسي و هو ما يهدد الإتحاد الأوروبي بإنفراط العقد.
فى حين تأتى المخاوف الداخلية من تولي ميلوني بسبب تصريحاتها أثناء حملتها الإنتخابية و التي أعلنت فيها نيتها للسعي إلي تغيير الدستور و رغبتها في تحول إيطاليا نحو النظام الرئاسي وهو ما ترفضه جميع التيارات اليسارية في البلاد وحذرت منه أغلب قيادات الأحزاب من المساس بالدستور.
طالع المزيد:
-
ضد المهاجرين العرب والمسلمين.. هل تصبح ميلوني أول رئيس وزراء فى تاريخ إيطاليا؟!
-
بأنغام واستعراضات فرقة رضا.. الأكاديمية المصرية للفنون بروما تختتم الموسم الثقافي | صور
وربما الخوف الأكبر يأتي من ناحية المهاجرين و لاسيما من خارج الإتحاد الأوروبي و الذي لم تخفي ميلوني رغبتها في التضييق عليهم و رغبتها في نقاء العنصر الإيطالي و لاسيما المهاجرين ذات الأصول المسلمة و التي لم تخفي يوما رفضها لوجودهم علي الأرض الإيطالية.
ثم تأتي مخاوف الجاليات العربية و الإسلامية في إيطاليا في ظل غياب تام عن المشهد السياسي في إيطاليا و الفشل في تكوين لوبي عربي من أبناء الجاليات العربية يمكن أن يكون له تأثير في القرار السياسي.
وأخير تفتح نتائج الانتخابات علامة استفهام كبيرة للمستقبل، وتطرح عدد من الأسئلة أهمها: هل ستنجح ميلوني في قيادة إيطاليا لفترة خمس سنوات قادمة وسط كل تلك المخاوف وتدخل التاريخ كأول رئيسة وزراء لإيطاليا؟.. أم ستنجح المعارضة في الداخل الإيطالي وخارجه في إسقاط حكومتها مبكرا؟