د. مجـدي هـاشم يكتب: حرب أوكرانيا ونهاية العالم أحادي القطبية (1من2)
علي مدار نحو ما يزيد على عقدين تزعمت روسيا والصين جهودا دؤب من أجل إرساء قواعد نظام عالمي جديد أكثر عدلا من النظام الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة الآمريكية منذ عام 1944 والذي أرست قواعده اتفاقية بريتون وودز التي أنشأت النظام المالي العالمي ومؤسساته صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير وهي الأدوات التي كرست للولايات المتحدة الأمريكية الهيمنة وفرض شروطها وسطوتها علي العالم.
وتمثل الحرب في أوكرانيا محاولة استباقية من الولايات المتحدة الآمريكية وحلفائها الأوروبيين لإجهاض هذا النظام الجديد من خلال هزيمة روسيا التي تمثل أحد الركائز الأساسية لهذا النظام. إلا أنه من المؤكد أن نتائج هذه الحرب ستكون لها آثار كبيرة في تشكيل نظام هذا الكوكب كما ستلقي بأعباء ثقيلة علي جميع دول العالم وعلي الدول النامية بصفة خاصة ومن بينها مصر.
ويضم النظام العالمي الجديد مجموعة تحالفات دولية أبرزها وأكثرها تأثيرا تحالف بريكس ومنظمة شنجهاي للتعاون.
في عام 2006 تأسس تحالف بريكس BRICS من كل من البرازيل وروسيا والهند والصين ثم انضمت جنوب إفريقيا إليه في عام 2011.
وتأسس تحالف بريكس من أجل تشجيع التعاون التجاري والسياسي والثقافي بين دوله الأعضاء ولتكوين تحالف دولي يسعي لمواجهة السيطرة الغربية على العالم. ويستهدف التحالف توسيع نطاق عضويته حيث أبدت دولا كثيرة رغبتها في الانضمام إليه سواء بشكل دائم أو مشاركين بالحوار من بينها تركيا والأرجنتين والمكسيك وإندونيسيا وكازاخستان ونيجيريا ومصر والسعودية والإمارات وأفغانستان وبنجلاديش والسنغال وتايلاند وإيران ونيجيريا والسودان وسوريا واليونان ليصبح اسمه فيما بعد “بريكس بلس” “BRICS Plus”.
ويتجاوز حجم اقتصادات بلدان بريكس وقبل أن تنضم إليه دول “BRICS Plus” “بريكس بلس” الناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة السبع الصناعية الكبرىG7 الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان وفرنسا وكندا وإيطاليا مجتمعين.
وقد يؤدي انضمام كل من روسيا والصين والهند وجنوب افريقيا والبرازيل والسعودية والارجنتين وتركيا إلي تحالف “BRICS Plus” “بريكس بلس” وهم ما زالوا أعضاء بمجموعة الدول العشرين G20 إلي أن ينفرط عقد هذه المجموعة الأخيرة، وقد تظهر بوادر ذلك خلال شهر نوفمبر القادم وهو موعد انعقاد قمتها نظرا لرفض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حضور الرئيس بوتين لهذه القمة.
أما “منظمة شانجهاي للتعاون” فقد تأسست في عام 2001 في شانجهاي على يد قادة ستة دول آسيوية هي الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وصدر ميثاق عملها في عام 2002، ودخل حيز التنفيذ في عام 2003.
وهي منظمة دولية سياسية واقتصادية وأمنية تهدف إلي تعزيز سياسات حسن الجوار، ومحاربة الإرهاب وتدعيم الأمن ومواجهة حركات الانفصال والتطرف الديني أو العرقي وتوفير السلام والأمن والاستقرار في الدول الأعضاء، فضلا عن التعاون في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية وكذلك النقل والتعليم والطاقة والسياحة وحماية البيئة.
راحت هذه المنظمة تجذب إليها أيضا الكثير من دول العالم فانضمت إلي عضويتها كل من الهند وباكستان ثم انضمت كل من أرمينيا وروسيا البيضاء وأذربيجان وبنجلاديش ونيبال وسريلانكا وتركيا كعضو مراقب وكذلك السعودية ومصر وقطر كشركاء في الحوار.
وتهدف هذه المنظمة إلي إنشاء كيان عالمي جديد يقود العالم عبر صناعة أقطاب متعددة تدير العالم بدلا عن النظام الحالي الذي تتحكم فيه أمريكا وحلفائها الغربيين.
وتكتسب منظمة شنجهاي للتعاون أهميتها من كونها أصبحت من أكبر المنظمات العالمية، حيث تضم حتي الآن دول تمثل شعوبها نحو نصف سكان الكرة الأرضية، ويبلغ إجمالي الناتج المحلي لأعضائها نحو ربع أجمالي الناتج القومي للعالم.
وربما يكون انضمام إيران والسعودية ومصر وقطر للمنظمة مؤشرا علي إمكانية حدوث تغييرات سياسية هامة في منطقة الشرق الأوسط ربما يكون من بينها التصالح بين إيران والعرب عبر الوساطة الروسية، وهو تصالح لو قدر له النجاح سيكون بمثابة انقلاب سياسي ضخم سيغير كل معادلات الأمن والسياسة والاقتصاد في الشرق الأوسط والعالم بأسره.
وللحديث بقية فانتظرونا