صور | ليلة مصـرية يمنية سـاحرة.. في ذكرى انتصـار 6 أكتوبر

- الجوهري: مصر تدعم اليمن ومؤسسات الدولة واليمن يمكن أن تدعم الحق العربي في مياه النيل - الهيصمي: مازلنا نذكر مقولة جمال عبدالناصر الشهيرة للاحتلال البريطاني لليمن - المحبشي: صلات مشتركات ثقافية واسعة للتطبيق بين مصر واليمن - أريج البدراوي: صلات حضارية وثقافية عميقة بين البلدين - عبد الغنى: ما هى سبل مواجهة التحديات الثقافية الضاغطة في ظل سيولة اجتماعية وإعلامية غير محدودة؟!

تقرير: بيان

في ليلة ساحرة من ليالي قاهرة المعز وبالقرب من نيل مصر العظيم في جريانه وفي فورته؛ شهدت السفارة اليمنية احتفالية رائعة بالعلاقات المصرية اليمنية، وفي ذكرى الانتصار العربي المجيد في حرب 6 أكتوبر، حيث شهدت الليلة تدشين مؤتمر “المشترك الثقافي بين مصر واليمن.. رؤى جديدة للمتون العريية”، من خلال “السيمنار التعريفي” بمشروع الدراسات الثقافية العربية المقارنة الذي ضم مداخلتين قصيريتين من الدكتور حاتم الجوهري رئيس المؤتمر، والدكتور قاسم المحبشي رئيس اللجنة العلمية، ثم تحولت الاحتفالية إلى مائدة مستديرة للعلاقات المصرية اليمنية.

ترحيب

استهلت المائدة بكلمة من السفير اليمني السابق محمد الهيصمي نيابة عن سفير اليمن بالقاهرة، الدكتور محمد علي مارم، رحب فيها بالحضور، ومناسبات الاحتفال، من ذكرى الاحتفال بثورتى سبتمبر، وأكتوبر اليمنيتين، وذكرى حرب أكتوبر المجيدة.

فلسفة المشترك الثقافي

وفي بداية “السيمنار التعريفي” أفاض حاتم الجوهري في طرحه لمشروع الدراسات الثقافية العربية المقارنة، وفلسفة المشترك الثقافي بديلا عن فلسفة الانتصار للهوامش وتفجيرها التي دعمتها السياسات الثقافية، غربية المنشأ، ووقع في شركها الكثير من المشتغلين العرب بالثقافة والعمل العام.

وأكد الجوهرى على أهمية تأسيس مجال بحثي عربي جديد، يقوم على رصد الظواهر والمشتركات بين البلدان العربية، في لحظة تاريخية حرجة يعيد فيها العالم تشكيل نفسه شرقا وغربا في متون وسرديات كبرى جديدة.

فى صدارة المائدة السفير محمد الهيصمى ثم الدكتور حاتم الجوهرى وإلى يساره د. قاسم المحبشى

فى صدارة المائدة السفير محمد الهيصمى ثم الدكتور حاتم الجوهرى وإلى يمينه د. قاسم المحبشى

وردا على عدة تداخلات معه أوضح الجوهري أن المشترك الثقافي بين مصر واليمن يمكن ان يقوم على الجغرافيا الثقافية والمشترك الثقافي، الذي يمكن أن يجر خلفه الجغرافيا الطبيعية ومشترك تنوع الموارد الطبيعية بين البلدين وتعميق الصلات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وصولا للجغرافيا السياسية وتحقيق التنسيق في المصالح والرؤى بين البلدين، فمصر تدعم اليمن ومؤسسات الدولة، واليمن يمكن أن تدعم الحق العربي في مياه النيل وملف سد النهضة بقواها الناعمة التاريخية الكامنة في القرن الأفريقي برمته.

تراث ثقافي وفني وأخلاقي وجمالي مشترك

ثم انتقل “السيمنار التعريفي” إلى د. قاسم المحبشي الذي قال إن المجتمعات العربية تزخر بتراث ثقافي وفني وأخلاقي وجمالي مشترك غني ففي كل بلد عربي يوجد مستودع خصيب للهوية الثقافية العربية المشتركة المتمثل في اللغة والعادات والتقاليد والقيم والمعتقدات والنقوش والآثار والأزياء والأطعمة والرموز وغيرها.

وأضاف د. المحبشى أن كل تلك المقومات تجعل الإنسان العربي في كل قطر يقيم به إنسانا مندمجا ثقافيا ولا يشعر بالغربة والاغتراب إلا حينما يتذكر البسبور الذي يحمله بوصفه مواطنا من دولة عربية أجنبية.

وطرح د. المحبشى السؤال: فماذا بوسع النخب العربية عمله اليوم في ظل التحديات الخطيرة التي تواجهها الشعوب والدول العربية في اللحظة الراهنة؛ وهى جملة متشابكة من التحديات بنسب ومستويات مختلفة محلية خاصة بكل قطر على حدة وتحديات إقليمية تهدد الوجود العربي بكليته وتحديات عالمية دولية تتصل بتنافس وصراع قوى الهيمنة الامبريالية الجديدة؟

ثم انتقل د. المحبشي لاستعراض أمثلة على المشترك الثقافي بين مصر واليمن من خلال عدة كتب تم إهدائها للمركز الثقافي اليمني، حيث أوضح أن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين التراث غير المادي المصري واليمني، وتتعدد مجالات التطبيق في مجال الدراسات الثقافية العربية المقارنة، وهنا وهناك الكثير من الكتب التي نطرحها أمام الباحثين اليمنيين الحاضرين لتصلح بوصفها موضوعات مقترحة للبحث والدرس في المشترك الثقافي بين مصر واليمن.

العلاقة الخاصة جدا بين مصر واليمن

بعد ذلك تم افتتاح المائدة المستديرة للعلاقات المصرية اليمنية بمداخلة السفير اليمني السابق محمد الهيصمي الذي قدم مداخلة تفيض بالحنين للعلاقة الخاصة جدا بين مصر واليمن، والدور المصري التاريخي الذي بادرت به في دعم مسيرة التحديث الذاتي، وذلك في دعم مسيرة التحرر اليمني في مواجهة قوى الاستعمار البريطانية، وذكر الهيمصي في مداخلته: “ومن ينسى منا تلك الصيحة المدوية التي أطلقها القائد العربي الخالد جمال عبد الناصر، من ميدان الشهداء في تعز عاصمة اليمن الثقافية، عندما وقف قائلا: “إن على الاستعمار البريطاني أن يحمل عصاه على كاهله ويرحل، وإلا فليدافع عن وجوده”، وقد طلب الهيصمي المداخلة مرة أخرى ليستدعي من الحنين والذكريات عدة أبيات شعرية يمنية تخلد ملحمة العبور المصرية في حرب أكتوبر.

الأبعاد الثقافية للعلاقات عبر التاريخ

ثم انتقلت المداخلة في المائدة المستديرة للمتحدث الأول من مصر الدكتورة أريج البدراوي زهران، التي قدمت مداخلة بعنوان: “الأبعاد الثقافية للعلاقات المصرية اليمنية عبر التاريخ”، وذكرت فيها تميز العلاقات المصرية اليمنية بالترابط على مر العصور، فقد لعبت الأحداث التاريخية والخبرة الدبلوماسية والموقع الجغرافي الاستراتيجي دورًا في صقل العلاقات المصرية اليمنية منذ قديم الأزل وعلى مر العصور.

وأضافت د. أريج أنه وفي السنوات الأخيرة شهدت العلاقات تطورًا نوعيًّا، وإن كانت العلاقات الثقافية أحد أبرز عوامل الارتباط بين اليمن ومصر، وهي علاقات كانت دائمًا بعيدة عن تأثير الظروف والعوامل السياسية والاقتصادية، فقد حافظ الاتصال الثقافي بين اليمن ومصر على مستوياته المرتفعة وعلى تأثيره على علاقة الشعبين وعكس نفسه ولو بدرجة قليلة على علاقة البلدين السياسية.

المشترك السياسي/ الثقافي

ثم انتقلت دفة الحديث إلى الجانب اليمني مرة أخرى، مع الدكتورة بلقيس أبو إصبع التي قدمت مداخلة بعنوان “المشترك السياسي/ الثقافي بين مصر واليمن”، وذكرت فيها أن الحديث عن المشترك السياسي بين اليمن ومصر هو حديث عن علاقات تميزت بخصوصية قلما نجدها في العلاقات الدولية الثنائية، وتشكلت من تداخل عدة عوامل ارتباط، أبرزها العامل التاريخي والثقافي، والعامل الاستراتيجي والأمني.

مداخلة د.بلقيس أبو إصبع عن “المشترك السياسي/ الثقافي بين مصر واليمن”

وأوضحت أن العلاقات المصرية اليمنية في العصر الحديث تعود الى عهد محمد علي، وإلى أربعينيات القرن الماضي حين تم التوقيع على معاهدة صداقة ومودة بين البلدين في العام 1945، وإلى البعثات الدراسية اليمنية قبل ثورتي سبتمبر 1962 وأكتوبر 1963، وما بعدهما، مع الإشارة إلى البعد الاستراتيجي والأمني، فالبلدان يمسكان أهم ممرين مائيين على البحر الأحمر مضيق باب المندب وقناة السويس، وبالتالي فهما يمتلكان مفتاحي طريق التجارة العالمية وهذا يشكل واحدا من أهم قضايا الأمن القومي للبلدين.

الدور اليمني في حرب أكتوبر

بعدها عادت دفة الليلة الساهرة إلى الجانب المصري والكاتب الصحفى، عاطف عبدالغني، الذي قدم مداخلة بعنوان “الدور اليمني في حرب 6 أكتوبر”، حيث أوضح أنه قد مرت 49 عاما على الحرب التى جمعت الشعوب العربية على قلب مقاتل واحد، وأجبرت صانعي السياسة حول العالم، على احترام الإرادة العربية.

وأضاف عبد الغنى أنه بعد 49 عاما مازالت هناك الكثير من قصص البطولة لم تنل حقها فى الرواية، فلا تعرفها الأجيال التالية للحرب، ولم ترو ظمأ الجيل الذى عاش اللحظات الرهيبة، وعاصرها، ومنها قصة حصار باب المندب، ودور اليمن العربى فى هذا الحصار، والذى كان بمثابة عامل من عوامل النصر المبين فى حرب أكتوبر / تشرين 1973.

الكاتب الصحفى، عاطف عبدالغني ومداخلته عن “الدور اليمني في حرب 6 أكتوبر”

وأكد عبد الغنى على وجوبية تذكر تلك القصة، وعلى أن نرويها لنستلهم ممكنات المشترك الثقافي العربي عموما، والمشتكر الثقافي المصري اليمني على وجه الخصوص.

كما طلب عبدالغني المداخلة مرة أخرى وانفعل مع مشروع المشترك الثقافي العربي وسبل مواجهة التحديات الثقافية الضاغطة في ظل سيولة اجتماعية وإعلامية غير محدودة.

ملامح الروابط الأدبية

وعادت بعدها دفة الحديث إلى الجانب اليمني والدكتور أحمد ياسين السليماني، الذي قدم مداخلة بعنوان “ملامح الروابط الأدبية بين مصر واليمن”، حيث أوضح أنه قد شكلت الحداثة الأدبية التي جرت في مصر وأثرت تأثيرا واسعا، منذ عصر النهضة والإحياء، مروراً بالمدرستين الكلاسيكية والرومانسية عند أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وفي مجال النقد عند حسين المرصفي، وما أنجزته المدرسة الرومانسية وروادها أمثال؛ محمود عباس العقاد، وإبراهيم ناجي وعبدالقادر المازني، وتلك القامات السامقة التي أحدثت متغيرا فارقا في الثقافة الأدبية العربية في مصر خاصة والعالم العربي عامة.

د. أحمد ياسين السليماني ومداخلته عن “ملامح الروابط الأدبية بين مصر واليمن”

وأضاف السليمانى: وإذ تأثر عدد من الشعراء اليمنيين والنقاد منهم بالمنجزات الأدبية المعاصرة والحداثية خاصة من مصر، فاقتفوا اثر الشعراء والأساتذة المصريين، وفي المقابل كتب عديد من النقاد اليمنيين عن كتاب وشعراء مصر ـ فإذا اقتفينا بعض القصائد الشعرية عند الشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح، فسنجد توظيفه للتقنيات الفنية والشعرية متأثرا بالمدرسة المصرية.

الأكاديمى المنشد

واتنقلت الدفة بعدها للجانب المصري مع الدكتور أحمد سعد، الذي قدم مداخلة عن الإنشاد الديني بين مصر واليمن، وقال فيها إن فن الإنشاد الديني وتاريخه صاحب الآفاق الرحبة بين مصر واليمن، يأتي ليكوّن مساحة مشتركة يمكن العمل عليها بين مصر واليمن، إذ يعد الإنشاد الديني في تعريفه أداءا فرديا تشترك فيه البطانة في بعض الأجزاء في تبادل مع المنشد ويغلب عليه الارتجال ولا يصاحب بآلات موسيقية إلَّا قليلًا، ويكون الإنشاد باللغة العربية الفصحى. فهو فن يعتمد على الحناجر البشرية مع محدودية تدخل الآلات الموسيقية.

وأضاف الأكاديمى المنشد أنه من أشكال الإنشاد الديني: الابتهال أحد أشكال الإنشاد الديني، ثم ظهر التوشيح وكان يؤدى قبل آذان الفجر، والقصيدة الدينية، والتراث الصوفي الشعبي، والأغنية الدينية. ولا يوجد في الإنشاد الديني، الكوبليه، ولكن يوجد بدنية وخانة أولى وخانة ثانية، وخانة ثالثة.. وقد فاجئ أحمد سعد الحضور بأن قدم وصلة غنائية في التواشيح نالت إجاب الحضور وتصفيقهم.

“الأدب الشعبي المشترك”

لتأتي الليلة إلى ختامها المسك من الجانب اليمني مع الباحث محمد سبأ، الذي قدم مداخلة بعنوان “الأدب الشعبي المشترك بين مصر واليمن عبر العصور” ، وفيها أوضح أن المشترك الثقافي بين مصر واليمن قد يتبدى أكثر ما يتبدى؛ في العناصر الثقافية المشتركة في الأدب الشعبي المصري واليمني عبر التريخ القديم والحديث.

الباحث أحمد سبأ يلقى مداخلته

وأضاف سبأ أنه على سبيل المثال السير الشعبية المشتركة مثل سيرة سيف بن ذي يزن والسيرة الهلالية وسيرة الأميرة ذات الهمة ورأس الغول وكذلك الأساطير الشعبية وتشابهها في الثقافة والتراث المصري واليمني بالإضافة إلى الحكايات الشعبية التي توراثها الشعبين على مر العصور وكذلك فنون الأدب الشعبي، والأغاني الشعبية المتداولة بين الشعبين والتي تمثل الدليل الثقافي على مدى امتزاج الثقافتين عبر الزمن.

زر الذهاب إلى الأعلى