«فوكوكو كيوهيي».. مجرد أحلام تتحول إلى واقع

سردية تكتبها: أسماء خليل

ما أكثر الأحلام !..ولكن هناك أشخاص يحلمون ويسعون لتحقيق أحلامهم فتتحقق على أرض الواقع حتى وإن كانت مستحيلة وصعبة المنال !.
يقول علماء النفس إن الأشياء الصعب تحقيقها، إذا تكرر ذكرها في العقل الباطن وباتت جزءً من أحلام اليقظة، مع مرور الوقت يتعامل معها العقل على أنها صارت واقع أبسط، فتتحقق مع تعجب المرء وربما عدم تصديقه أنها قد صارت واقعًا ملموسًا، وهناك بحق أشخاص فعلوا ذلك بمزيد من الإيمان بربهم وقضيتهم تمسُّكًا بأحلامهم..

مِن ذوي الإرادة لبطلة عالمية

هل يعلم أحد قصة البطلة العالمية “آية الله أيمن عباس”، التي كان لها حلمًا أقل ما يوصف به أنه مستحيل.. فقد وُلِدت وجاءت إلى الدنيا مُعاقة ووجدت نفسها تجلس على كرسي متحرك، لم يمنعها الكرسي المعدن الذي تجلس مُقيدة عليه، من الانطلاق في أحلامها والركض وراء تلك التصورات، التي كانت “مجرد أحلام”، حلمت آية بأن تصبح أول بطلة نسائية بالسباحة في الألعاب الأوليمبية البارالمبية..

آية الله أيمن عباس
آية الله أيمن عباس

استفاقت آية من أحلامها وما برحت عن كونها طفلة، لتبدأ في تنفيذ أحلامها بعدما تبلورت في ذهنها أفكارها، اشتركت في النادي لممارسة السباحة، ولم تغب يومًا عن التدريبات، وبالمُثابرة والإصرار والعزم بدأت في حصد البطولات المحلية..
حتى تحقق الحلم الأكبر في العام 2017 ، كانت الفتاة صاحبة التحدي بالثانوية العامة، واستطاعت تكثيف جهودها وتنظيم وقتها بين ممارسة الرياضة والتعليم، حتى حصلت على أول بطولة عالمية نسائية في الألعاب البارالمبية على مستوى العالم..
آية رمز مُّشرف لذوي الاحتياجات الخاصة، بإرادة فولاذية منحها لها الله -سبحانه وتعالى-لتتخطى الصعاب وتهون مصاعب الدنيا على نفسها ..وهي الآن تسعد بكونها رمز لبلادها.

من التوحد للدكتوراة

“كريم بن عبد السلام” ذلك الشاب المغربي المُصاب بـ“التوحد” يعطي مثلا يُحتذى به لكل الشباب الأصحاء، الذين يدعون ضيق الوقت وبعض العراقيل البسيطة لتحقيق أحلامهم..لقد بات كريم يحلم أن يعيش كأي شخص طبيعي ويحقق حلمه العلمي في نيل الدكتوراة ..وما بين الحلم والحقيقة، كافح كريم حتى التحق بالجامعة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط..

كريم بن عبد السلام
كريم بن عبد السلام

حاول وحاول رغم صعوبة التواصل مع العالم، وضعف التعبير عن الذات المتلازمان لمرض التوحد الذي أصاب كريم، منذ أن كان ابن الثالثة من عمره، إلا أنه لم يستسلم وواجه التنمر وبُعد كثير من الزملاء عنه..
نال كريم شهادة الدكتوراة بتقدير عام امتياز، أشاد المجتمع المغربي بأكمله بما وصل إليه كريم، كما وصف كبار المسؤولين بالدولة نجاحه بأنه ليس مجرد شهادة له، وقال إن ما حدث درسا أعطاه كريم في الإصرار والصبر والتحدي، وإنها للحظة تدمع لها العين وتفرح القلب..

لويس برايل وحُلم المكفوفين

لم يكن ذلك الطفل الصغير لويس يعلم يومًا أنه سيفقد بصره على إثر حادثة أثرت على العصب البصري، فجعلته لا يرى أي شيء بالعالم من حوله، فتحول السواد الذي يرى به الدنيا نهارًا، إلى نور يضيء أحلامه ليلًا..

توالت أحلامه بشكل يومي، وأخذ يفكر في كيفية جعل المكفوفين يرون العالم من خلال العلم، فالعلم هو الضياء لكل سائر بالحياة، وما برح مجربًا طرق شتى، ولم يهدأ له بال، إلا حينما اخترع الأبجدية بالنقاط البارزة، وأعلن عن براءة اختراع طريقة برايل بالعام 1790..

لويس برايل
لويس برايل

وبينما كان برايل مدعوًّا في حفل علمي؛ إذا حصلت طالبة على درجة الماجستير بتقدير امتياز، وبات الحضور يصفقون لها، ولكنها قالت بصوت مرتفع على مسمع ومرأى من الجميع ..لم يُنسب ذلك الفضل لي، ولكن لهذا الرجل القابع وسط الجمهور ،وهو “لويس برايل” ،ولولاه لم أحصل على أي درجة علمية، بعدما فقدتُ بصري ورأيت الدنيا باختراعه العظيم..
بكى بريل وقال لم أبكِ في حياتي إلا ثلاث مرات ..مرة حينما فقدت بصري، ومرة حينما اخترعت طريقة الكتابة للمكفوفين، والآن حينما تأكدتُ أن عمري لم ولن يذهب أدراج الرياح..

فوكوكو كيوهيي

تلك هي السياسة الشاملة التي تبنتها اليابان، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ومعناها: “تنمية القوة الاقتصادية والعسكرية للبلد”.. وذلك على المستوى العالمي.


ولا يخفى على أحد الحلم الذي كانت تحلمه اليابان وتحقق أمام الجميع، فبعد أكثر من سبعين عاما من اندلاع الحرب العالمية الثانية، وما تبعته من صراعات في مناطق كثيرة من العالم، كما بين كوريا وفيتنام والخليج العربي وأماكن أخرى؛ إلا أن اليابان حققت تغيرات تقدمية بالغة الأهمية غير مسبوقة بالمجال الاقتصادي، الذي انعكس على كل المجالات ..
يقول الخبراء، إنه بحلول عام 1956 اختلف دخل الفرد ارتفاعا مقارنة بعام 1940 بشكل محلوظ، ما يعكس الطفرة اليابانية التي حدثت، كما ارتفع الناتج المحلي للفرد بمعدل 7.1%، ما بدأ يُقارب دول الغرب، حتى وصل الناتج المحلي لإنتاج الفرد عام 1973 إلى 95% وهذا ما فاق دول الغرب التي وكانت حينها 69%.

وماتزال اليابان تحلم وتحلم ويتوالى تحقيق الأحلام؛ حتى لقبها العالم ب“كوكب اليابان”..

زر الذهاب إلى الأعلى