د. مجدي هاشم يكتب: وزير سناتر 

في شهر أغسطس الماضي حدثت تعديلات وزارية أسفرت من بين ما أسفرت عن خروج وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي من منصبه بعد أن قضي خمس سنوات في هذا المنصب منذ عام 2017.

وخلال توليه حقيبة التعليم، تبني الدكتور طارق سياسة جديدة غير مسبوقة لتطوير التعليم تعتمد علي طرق التعليم الحديثة التي تقوم علي استخدام تكنولوجيا المعلومات في تحصيل المعرفة والتعلم باستخدام حواسب ألكترونية توفرها الدولة للطلاب من أجل خلق أجيال جديدة مؤهلة لتلبية متطلبات أسواق العمل العصرية.

وقد ساندته الدولة في إنجاز مهمته في مواجهة الصخب الشديد تجاه هذه السياسة ما بين مؤيد ومعارض.

والتاريخ العلمي والمهني للدكتور شوقي يؤهله لإحداث هذا التغيير الجذري في نظام التعليم، فهو من العلماء البارزين في مجال تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في التعليم والعلوم والثقافة وتبوأ منصب مدير منظمة اليونسكو في الدول العربية.

كما قاد المشروع العالمي لتأسيس معايير قياسية لتدريب المعلمين على استخدامات تقنيات الاتصالات والمعلومات في التدريس.

وقد أتي التعديل الوزاري الأخير بالدكتور رضا حجازي وزيرا للتربية والتعليم خلفا للدكتور طارق شوقي، وهو من أبناء وزارة التربية والتعليم حيث بدأ حياته الوظيفية مدرس علوم بالمرحلة الإعدادية بمديرية التربية والتعليم بالدقهلية ثم مدرس كيمياء بالمرحلة الثانوية بمديرية التربية والتعليم بالدقهلية كذلك.

وحصل حجازى على دكتوراه في إدارة المناهج وطرق التدريس من جامعة المنصورة ثم تدرج في عدة مناصب قيادية حتي تبوأ مقعد الوزير.

ولم يمض علي الدكتور حجازى في منصب الوزير سوي شهرين حتي خرج علينا باقتراح بتقنين أوضاع مراكز الدروس الخصوصية (السناتر) وهو ما أثار عاصفة من الجدل داخل المجتمع.

وهذا القرار يثير تساؤلات كثيرة، فهل عرض السيد الوزير هذا القرار علي مجلس الوزراء قبل الإعلان عنه؟!.. وهل أخذ موافقة المجلس علي إعلان هذا القرار؟!.. أم أن قرارا مصيريا مثل هذا القرار متروك لمشيئة معالي الوزير؟.

والمفترض أن سيادته قضي كامل عمره الوظيفي داخل وزارة التربية والتعليم وبدأها من السفح حتي اعتلي قمة الهرم وهو ما يعني أن سيادته علي دراية تامة بمشاكل التعليم في مصر ومن ثمّ لديه الحلول الصحيحة لعلاجها.

إلا أن هذا القرار لا يعني سوي تدهور التعليم في مصر وإلغاء المدارس لأنها لم تعد جزءا من المنظومة التعليمية التي ستتولي أمرها السناتر، وهذا الأمر ليس بالهزل، فالتعليم أحد أهم قضايا التنمية التي تسعي الدولة جاهدة لتحقيقها مثلها مثل الصحة والأمن القومي.

وربما قد يستتبع هذا القرار إصدار قرار آخر بإلغاء وزارة التربية والتعليم نفسها حيث لم يعد هناك مدارس لتشرف عليها “ونجيب ضلف الوزارة ونشتري دماغنا من صداع التعليم”.

وكنا نظن أن الدكتور حجازي سيواصل ما بدأته الدولة في زمن الدكتور طارق شوقي من سياسة تطوير التعليم كما أعلن حين تولي الوزارة، لا أن ينقلب عليها ويطيح بالتعليم في غياهب ظلمات السناتر بلا رجعة.

ولننتظر لنري ما ستجري به المقادير.

حفظ الله مصر وأبنائها المخلصين.. واللهم ادحر كل من أراد بها سوءا.

اقرأ أيضا:

زر الذهاب إلى الأعلى