الخبير الاقتصادى د. أحمد سيد عبد العظيم يكتب لـ «بيان» : حصاد المؤتمر الاقتصادى 2022
خاص: بيان
استجابة لتكليف الرئيس، عبد الفتاح السيسى، نظمت الحكومة فعاليات المؤتمر الإقتصادى تحت شعار ” الموتمر الاقتصادى -2022 خارطة الطريق .. لإقتصاد أكثر تنافسية” وذلك خلال الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر الجاري.
وفى التقرير التالى يستعرض الخبير الإقتصادى د. أحمد سيد عبد العظيم ، ما أسفرت عنه فعاليات المؤتمر الاقتصادى الذى انتهت أعماليه اليوم الثلاثاء 2022/10/25، موضحا بالشرح والتحليل، أهم التوصيات، والمقترحات، والإجراءات، التى تمخض عنها المؤتمر، خلال فترة انعقاده.
بيان
يقول الخبير الاقتصادى: انعقد المؤتمر الإقتصادى لمناقشة أوضاع الاقتصاد المصري ومستقبله وذلك بمشاركة واسعة لنخبة من كبار الاقتصاديين والمفكرين والخبراء المتخصصين، والسياسيين، ورؤساء الأحزاب.
حظي المؤتمر بحضور واسع النطاق ومشاركة فعالة من قبل كافة الفئات المُمثلة لقطاعات عديدة فى الدولة، حيث تجاوز عدد الحضور نحو 1200 مشارك.
كما شهد المؤتمر نسب تفاعل ومشاركة كبيرة من خلال منصاته الألكترونية، حيث تجاوزت نسبة المشاهدة 250 ألف مشاهدة خلال يومين، فضلاً عن أنه تم تلقي ما يعادل 600 مقترحا، ما يميزها أن غالبيتها من الشباب، وهو ما يعكس تفاعلا كبيرا للغاية من الشباب المصري للتفاعل وخدمة قضايا بلده.
وفى إطار حرص الحكومة على نهج الشراكة الفعّالة مع القطاع الخاص ، والالتزام بمواصلة هذا النهج في كل ما سيتم تبنيه ويخص مجتمع الأعمال خلال المرحلة المقبلة، تم التوجيه بتشكيل لجنة فنية بالتنسيق مع الوزارات المختلفة لدراسة 600 مقترحا وصياغة خطط تنفيذية للاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة.
رسائل المؤتمر:
وفى الجلسة الختامية للمؤتمر التى انعقدت اليوم الثلاثاء، أشار د. مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء إلى أنه وفق مسارات المؤتمر، وجلساته السبعة عشرة، كان هناك عدد من الرسائل الرئيسية التي خرج بها المؤتمر ومن أهم هذه الرسائل:
– اقتراح عقد مؤتمر اقتصادي سنوي للترويج للاستثمار في مصر يتم من خلاله دعوة الشركات العالمية لعرض فرص الاستثمار .. ومن المستهدف عقد المؤتمر الأول خلال النصف الأول من العام القادم 2023.
– تدقيق الصياغة النهائية لوثيقة سياسة ملكية الدولة والحياد التنافسي وعرضها على مجلس الوزراء خلال الأسابيع القليلة المقبلة تمهيدا لاعتمادها من رئيس الجمهورية.
– إلغاء العمل بنظام الاعتمادات المستندية خلال أقل من شهرين بالتوافق مع البنك المركزي.
– إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة المصرية خلال مدة لا تتجاوز 3 أشهر.
– حرص الحكومة على نهج الشراكة الفعالة مع القطاع الخاص، على النحو الذي عكسته بالفعل مداخلة من مجتمع الأعمال في سياق الجلسة الخاصة بوثيقة سياسة الملكية، والتي أشارت إلى أن هذا النهج من قبل الحكومة قد رفع سقف التوقعات بالنسبة للقطاع الخاص، مؤكداً أن الحكومة ملتزمةً بمواصلة هذا النهج في كل ما سيتم تبنيه ويخص مجتمع الأعمال خلال المرحلة المقبلة.
– اهتمام الحكومة بخفض كُلفة أداء الأعمال على القطاع الخاص من خلال العديد من الآليات وتوفير جميع سبل الدعم للقطاع الخاص.
التفاصيل:
ولفت رئيس الوزراء إلى أنه تم التأكيد خلال جلسات المؤتمر على أن مجلس الوزراء قد أصدر قراراً يُلزم الجهات الحكومية بعدم فرض أي رسوم جديدة إلا بعد الرجوع لمجلس الوزراء.
كما تم خلال جلسات المؤتمر دعوة المُصنعين ورجال الأعمال للتواصل مباشرة مع مجلس الوزراء حال فرض أي رسوم جديدة لم تكن مفروضة من قبل من أية جهة حكومية.
– وأكد د. مدبولى على التزام الحكومة بالحياد التنافسي وفق أفضل الممارسات الدولية، لافتاً إلى أن ذلك قد ترجمته التعديلات التي تم تبنيها مؤخراً في الأطر التشريعية والمؤسسية والتنظيمية لتعزيز دور جهاز حماية المنافسة، ومن بينها صدور قرار تأسيس اللجنة العليا للحياد التنافسي، برئاسته، وقرار إلزام الجهات الحكومية بعدم تبني أية قرارات تُؤثر على الحياد التنافسي، والرجوع إلى جهاز حماية المنافسة في هذا الصدد قبل إصدار أية قرارات بهذا الشأن، إلى جانب التزام الشركات المملوكة للدولة بالمبادئ التي تضمن الحياد التنافسي الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
– والتأكيد على أن الحكومة تستهدف تعظيم العائد من الأصول المملوكة للدولة من خلال شراكات ناجحة مع القطاع الخاص في عدد كبير من المجالات ذات الأولوية، من خلال آليات مُتعددة للشراكة، سواءً فيما يتعلق بالمشاركة في الملكية، أو الإدارة، أو التشغيل، حيث أوضح رئيس الوزراء أن فكرة تخارج الدولة ليس معناها البيع، موضحاً أن خيار البيع يمثل آلية فقط من بين آليات كثيرة جداً، وتم التوافق على أن تكون الأولوية حال لجوء الدولة إلى هذا الخيار، من خلال طرح الشركات المملوكة للدولة في البورصة لتوسيع قاعدة الملكية من قبل المواطنين.
– حرص الحكومة على تيسير فرص نفاذ القطاع الخاص للتمويل المحلي والدولي من خلال مواصلة سياسات الانضباط المالي والاستدامة المالية لتقليل أثر مزاحمة الائتمان الممنوح للقطاع العام، للائتمان الممنوح للقطاع الخاص، علاوة على دعم الحكومة لتعزيز فرص نفاذ القطاع الخاص المصري للتمويل من قبل المؤسسات الدولية بشروط ميسرة، وآجال ممتدة لتمويل مشروعات تأتي على رأسها المشروعات ذات العائد التنموي.
وأشار د. مدبولى إلى التزام السياسة المالية بتحقيق الانضباط المالي واستعادة مسارات انخفاض الدين العام، والتنسيق الكامل بين السياسة المالية والنقدية، وفق أطر تضمن استقلالية السياسة النقدية، وتوجه وزارة المالية إلى التحفيز المدروس للقطاع الخاص، وفق تبني منظومة من الحوافز الاستثمارية التي تستند إلى الكفاءة والتنافسية.
– التأكيد خلال المؤتمر على حرص السياسة النقدية على تحقيق الاستقرار السعري وفق سياسة استهداف التضخم، رغم كون الضغوطات التضخمية الحالية قد نتجت بالأساس عن الصعوبات العديدة التي تفرضها البيئة الاقتصادية الدولية والتي ارتفعت على أثرها معدلات التضخم في عدد من دول العالم إلى ما يفوق 100%، وتوجُه البنك المركزي المصري قريباً إلى الإعلان عن المستهدف المستقبلي لمعدل التضخم، علاوة على تطوير مؤشر لرصد التطور في قيمة الجنيه المصري مقابل سلة من العملات والأصول بما يعكس قيمته الحقيقية، ليس فقط مقابل عملة واحدة، إنما مقابل عدد من العملات الأخرى.
– تأكيد الحكومة المصرية على أهمية مواصلة مسيرة الإصلاح الاقتصادي لرفع وتيرة النمو الاقتصادي، وزيادة مستويات شموليتها واستدامتها والمدفوعة بالأساس بنمو مستمر في الاستثمارات المنفذة سواء من الحكومة أو من القطاع الخاص لزيادة مساهمة القطاع الخاص في توليد الناتج وفرص العمل والصادرات.
– تدقيق الصياغة النهائية لوثيقة سياسة ملكية الدولة والحياد التنافسي، وعرضها على مجلس الوزراء خلال الأسابيع القليلة المقبلة؛ تمهيدا لاعتمادها من قبل رئيس الجمهورية، إلى جانب تبني حزمة من الحوافز الاستثمارية التي تم اعتمادها خلال اجتماع مجلس الوزراء السابق، وعلى رأسها تحديد عدد من الصناعات والأنشطة الاستراتيجية للدولة المصرية والتي ستتمتع بعدد من الحوافز، وعلى رأسها رد جزء كبير من ضريبة الدخل.
وتصل قيمة الرد إلى حوالي 55% من ضريبة الدخل على ألا تتجاوز المدة للرد الجزئي من الضريبة 45 يوما من تقديم الإقرار الضريبي، وهذا يعني أننا كدولة سنكون ملتزمين في أقل من شهر ونصف برد حتى 55% من قيمة ضريبة الدخل، لعدد من المشروعات التي ستحددها الدولة طبقا لأهميتها الاستراتيجية والتي ستخرج بقرارات من مجلس الوزراء.
وأضاف رئيس الوزراء قائلا: “استناداً إلى ما سبق، سوف تعمل الحكومة خلال الأجل القصير على تنفيذ مجموعة من الإجراءات تتمثل في: تبني آلية تواصل مستمرة بين الحكومة وجميع الفئات الأخرى للتعرف على أهم العقبات التي تواجه القطاعات المختلفة ووضع حلول عاجلة لها بطريقة غير تقليدية”.
وتابع أن هذه الإجراءات تشمل أيضا اقتراح عقد مؤتمر اقتصادي سنوي للترويج للاستثمار في مصر يتم من خلاله دعوة الشركات العالمية لعرض فرص الاستثمار، وكذا لمراجعة وتقييم ما تم الاتفاق عليه من خارطة طريق وعرضها أمام الرأي العام والمتخصصين، قائلا: نستهدف أن يكون المؤتمر الأول في هذا الشأن في النصف الأول من عام 2023.
– العمل على استمرار خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى وإطالة أجل لبسداد والاستمرار في تحقيق فائض أوللا لتعزيز قدرة الدولة على سداد إلتزاماتها ، والتاكيد على أهمية مرونة سعر الصرف ليعكس ديناميكيات السوق من العرض والطلب كأداة لإمتصاص الصدمات الخارجية ، و العمل على تفعيل سوق المشتقات المالية للعملة كاداة تحوط ضد مخاطر تذبذب سعر العملة .
الإجراءات
وأما عن الإجراءات التي ستتخذها الحكومة على المدى القصير، وفي ضوء تكليفات رئيس الجمهورية، فأهمها:
– إعداد حزمة اجتماعية في ضوء ظاهرة تزايد معدلات التضخم عالميا، فإن مجلس الوزراء في خلال الفترة القليلة المقبلة سيعمل على وضع هذه الحزمة والاعلان عنها والبدء في تطبيقها اعتبارا من الشهر القادم.
– إلغاء العمل بنظام الاعتمادات المستندية خلال أقل من شهرين بالتوافق مع البنك المركزي، حتى نرفع القيود التي اشتكى منها جميع رجال الصناعة في هذا الشأن.
– تضمنت الإجراءات كذلك إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة المصرية خلال مدة لا تتجاوز 3 أشهر، بحيث تضع خارطة طريق للصناعة المصرية خلال السنوات العشر المقبلة.
الختام
وختاما نرى أن هذا المؤتمر قد نجح في إعطاء رسالة طمأنينة إلى المواطن المصري بأنه رغم كل التحديات غير المسبوقة فإننا وبعون الله قادرون على المضي قدما في تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية، وكذا المشروعات التنموية والخدمية في طريقنا لبناء جمهورية جديدة يتمتع فيها المواطن المصري بجودة الحياة التي ننشدها جميعا.
كما أن هناك رسالة للخارج بأن مصر ترحب بالاستثمارات في مختلف القطاعات بما لديها من بنية تحتية متطورة، وهو ما يترجمه حرص الحكومة على تبني سياسات اقتصادية منضبطة، وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص، وبما يضمن نجاح الاقتصاد المصري في اجتياز المرحلة الوعرة التي يمر بها العالم في الفترة الراهنة.
وندعو الله أن يوفقنا لما فيه الخير والرخاء لمصرنا الحبيبة.