د. قاسم المحبشى يكتب: في الفرق بين الأمنيات والممكنات.. شجعت قطر والسنغال فخاب ظني
الرياضة هي ملمح من ملامح الحضارة بوصفها القوة التنظيمية في التاريخ؛ سياسةً وأخلاقاً وتشريعاً ولا بتفوق فيها الإ من يمتلك تلك المقومات الثلاثة.
ربما تساعد الأدوات التقنية والقدرات المالية على وصول هذا الفريق أو ذاك إلى نهائيات كأس العالم المونديال إلا أن الأمر المهم هو ذلك المتصل في البنية الحضارية التي تبقى وتدوم بعد المهرجان.
والسؤال هو كيف حال البنية الحضارية والثقافية العربية وجاهزيتها للإنخراط في تلك اللعبة الإنسانية العالمية؟.. وجوابي هو أن الأمر متصل بالجسد الاجتماعي والثقافي العربي كله كما هو الحال في التربية البدنية للأجساد الفردية.
لعبة كرة القدم لا تهتم بتمرين القدمين، أو القدمين والرأس فقط، أو إي عضو منفرد من أعضاء الجسم الإنساني بل تهتم بتمرين وتهيئة الجسم كله وإكسابه اللياقة اللازمة للنشاط والطاقة والحيوية والحركة والاستدارة بمرونة ورشاقة.
والثقافة بوصفها استراتيجية للتنمية العقلانية المستدامة، تمنح الأفراد القدرة على استعمال جميع المعارف والمهارات المكتسبة لمجابهة الأوضاع المختلفة وحل المشكلات الجديدة؛ أي تمنحهم (الذكاء الجسدي والعاطفي) إذ (هي ما يبقى بعد نسيان كل شيء).
والثقافة بهذا المعنى هي تجسيد لمفهوم “الهابيتوس” عند بيبر بورديو بوصفها نسقا من الاستعدادات المُكتسبة بالتربية والممارسة الاجتماعية التي تحدد سلوك الفرد ونظرته إلى نفسه وإلى الأخرين والحياة و الكون، وهو أشبه ما يكون بطبع الفرد أو بالعقلية التي تسود في الجماعة، لتشكل منطق رؤيتها للكون والعالم.
ووفقاً لهذا التصور، يعد «الهابيتوس» جوهر الشخصية والبنية الذهنية المولدة للسلوك والنظر والعمل، وهو في جوهره نتاج لعملية استبطان مستمرة ودائمة لشروط الحياة ومعطياتها عبر مختلف مراحل الوجود، بالنسبة للفرد والمجتمع.
والرياضة ليست مجرد ملعب لممارسة اللعب بل هي بنية ثقافة متكاملة الأبعاد والانساق والغايات.
فالثقافة السائدة في حضارة ما بوصفها نموذجاً إرشادياً (باراديم) إما أنها تدعم قوى الإنسان العقلية والإبداعية أو تحد منها وتضيق فرص نموها وازدهارها.
والرياضة هي ممارسة السياسة بوسائل أخرى. فكيف هو حال جسدنا الحضاري والثقافي العربي الآن ؟!.
ودمتم بخير وسلام.