طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (54 ) زومبى البراند فى الفندق
من الأشياء التى تزعجنى حقا عدم النظافة وإهمال المظهر، فأنا اهتم كثيرا بالنظافة وبمظهرى وملابسى واختارها جيدا وقد تعلمت هذا من كثير من الناس حولى فى العائلة والأصدقاء ومن أصادفهم أحيانا فى الحياة العامة ممن يتمتعون بمظهر جيد ونظافة عالية.
هذا الكلام طبعا يعتبر خيالى بالنسبة للزومبى الذى يعتبر النظافة رفاهية ووسواس والأناقة تكبر .
فى البداية كنت مخدوع فى مسألة الملابس بمسألة “البراند” أو الماركات، وأن الماركة الشهيرة هى الأفضل دائما رغم أسعارها المبالغ فيها، والتى قد تكلف الواحد جزء كبير من دخله، حتى حدث لى موقفين متناقضين غيرا وجهة نظرى هذه.
الموقف الأول هو أننى اشتريت تى شيرت ماركة عالمية على الرغم من عدم اقتناعى به تماما ولكن اسم الماركة جعلنى اعتقد أنه سيكون محل إعجاب الناس ، عندما ارتديته أول مرة وذهبت إلى العمل فوجئت أنه لم يعجب أحد بل العكس أعرب أحد الأصدقاء عن استهجانه لألوانه الزاهية والكثيرة وطريقة تفصيله الضيقة التى تبرز تفاصيل الجسد خاصاً (الكرش) الذى تكون عندى بعد أن أنهيت الخدمة العسكرية وبدأت العمل والكسل فى نفس الوقت فلم أعد أمارس الرياضة إلا من خلال التليفون !.
ولم يشفع اسم الماركة فى شىء من التقدير، فتركته فى دولاب الملابس ولم ألبسه مرة أخرى.
الموقف الثانى كان فى فصل الشتاء، وكنت أسير فى منطقة العتبة، ورأيت محل ملابس بسيط وشعبى فشدنى جاكيت صوف رمادى اللون مخيط بطريقة مضلعة وله سحاب معدني وبسيط للغاية، لما سألت عن ثمنه وجدته حوالى مائتين جنيه
بعد قياسه أعجبنى واعتبرته صفقة رابحة فأشتريته، وعندما ارتديته فوجئت بكل من أقابلهم يعرب عن إعجابه بأناقة الجاكيت ويسألنى من أين اشتريته ويتوقعون أنه غال الثمن فكانوا يصدمون عندما أخبرهم بثمنه حتى أن أحد الأشخاص فى الشارع استوقفنى وسألنى عن الجاكيت وكان يعتقد أننى اشتريته من الخارج.
وهنا أكتشفت أن الأناقة فى البساطة، وأنهم يخدعونا بمسألة الماركات ووضعها على الملابس للتفاخر ليس إلا على الرغم من أن كل الملابس المستوردة الآن تصنع فى مكان واحد تقريبا هو الصين وبنحلاديش ولا يوجد فارق كبير فى الخامات المستخدمة الفارق الوحيد أصبح فى العلامة الملصقة على الملابس أو الأحذية أو غيرها من الأشياء .
أما من حيث النظافة فقد عانيت كثيرا مع الزومبى فى التعامل خصوصا فى محلات الطعام والمخابز الذى كان يشعر بالإستياء والإهانة إذا طلبت منه أن يرتدى قفاز عندما يمسك الخبز الذى اشتريه أو الأطعمة المختلفة أزعم أننى كانت أول واحد يطالب بائعى اللب والفول السودانى والمكسرات أن يتوقفوا عن نفخ الأكياس التى يعبأوا فيها بضاعتهم بالفم ليفتحوها ثم يلقوا فيها باللب وغيره.
وأذكر أن أول بائع طلبت منه ذلك نظر إلي باستغراب وغير الكيس مضطرا وممتعضا لكنه استمر ينفخ فى الأكياس مع الزبائن الآخرين.
وحكى لى أحد أصدقائى الذين يعملون فى صيانة الكهرباء والتكيفات أنه ذات يوم كان يقوم بعمل فى أحد مطابخ واحد من المطاعم الشهيرة لصناعة البيتزا والعجائن أنه رأى عامل ينقل كتلة كبيرة من العجين فسقطت من يده على الأرض فما كان منه إلا أن رفعها ووضعها على طاولة إعداد البيتزا مرة أخرى كأن شيئا لم يحدث على أساس أن نار الفرن كفيلة بقتل الميكروبات، الحقيقة أن نظافة الأطعمة والمطاعم تمثل مشكلة كبيرة، حتى فى مردودها على السياحة حيث أن بعض الفنادق الصغيرة ذات الأسعار القليلة لاتهتم غالبا بجودة الطعام ونظافته.
ورأيت ما سبق عندما ذهبنا فى رحلة مدعمة إلى البحر الأحمر نظمتها إحدى الهيئات الحكومية لقضاء أربعة أيام فى فندق صغير على البحر بمبلغ زهيد جدا شاملة الإقامة والوجبات وبمجرد وقوف الأتوبيس الذى يقلنا أمام باب الفندق وجدنا أكثر من خمسة عربات إسعاف تنقل نزلاء من الفندق أصيبوا بالتسمم الغذائى، فكان ممثل الفندق يدعونا للدخول ونحن نرفض.
وخفت وقتها من إصراره أن يأتى بعمال الفندق ليحملونا بالإكراه ويدخلونا الفندق رغما عنا فهرعنا عائدين إلى الأتوبيس وبحثنا عن فندق آخر وسوينا المسألة .
ونكمل فى يوم اخر من يوميات زومبى فإلى اللقاء.