هل نستثمر مدخراتنا فى الذهب والعقارات؟.. د. إسلام جمال الدين شوقي يجيب
كتب: على طه
لماذا يقبل المصريون على الاستثمار فى الذهب والعقارات الآن؟.. بدون مقدمات توجهنا بالسؤال للخبير اقتصادي د. إسلام جمال الدين شوقي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، وجاءت إجابته فى التالى:
قد يرى البعض أن هذا أمر طبيعى في ظل حالة عدم اليقين تجاه الأوضاع الاقتصادية العالمية، ومع مخاوف من حدوث أزمة اقتصادية محتملة متمثلة في الركود التضخمي العالمي وتأثر قيمة الجنيه مقابل العملات الأخرى خاصةً بعد تحرير سعر الصرف ورفع معدلات الفائدة في البنوك بنسبة لا تعوض الارتفاع المستمر في الأسعار.
وتحسبًا لانخفاض جديد في سعر صرف الجنيه أمام الدولار، يُقبِل المصريون على الاستثمار في مجالات متعددة من أهمها الذهب والعقارات ويرجع ذلك إلى أنهما من الأوعية الادخارية الهامة التي تزداد قيمتها مع مرور الوقت وبالتالي يُعدُ ادخار الأموال فيهما نوع من التحوط لمواجهة ارتفاع الأسعار وتدبير الأحوال المعيشية.
وسائل الادخار
وأضاف د. شوقى أن الذهب يُعدُ من أفضل وسائل الادخار للأموال الفائضة لدى الأفراد، وقد يتفوق على الادخار في العقارات ويرجع ذلك إلى سهولة شراءه وبيعه وسهولة الاحتفاظ به ونقله من بلد إلى آخر على العكس من الاستثمار في العقار والذي قد يحقق عائد من ارتفاع الأسعار إلا أنه لن يكون في الإمكان نقله وبيعه في بلد آخر، وبالتالي فالذهب أداة للتحوط ضد المخاطر العالمية والمحلية التي قد تحدث.
طالع المزيد:
-
انخفاض سعر الذهب في بداية تعاملات اليوم.. وعيار 24 بـ1885 جنيها
-
استشاري: ارتفاع أسعار العقارات فى النصف الثاني من العام ستكون متوازنه مع تكلفة البناء
وبالتالي يلجأ الأفراد الذين لديهم بعض الأموال المدخرة بتحويلها إلى ذهب حتى لا تفقد المدخرات قيمتها بمرور الزمن، على العكس من وسائل الادخار الأخرى والتي تتغير قيمتها فتقل مع مرور الزمن، خاصةً في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وحدوث الأزمات الاقتصادية الناتجة عن الأحداث العالمية كالحرب الروسية الأوكرانية، وبالتالي تفقد المدخرات من قيمتها، بينما يحتفظ الذهب بقيمته الشرائية بمرور الزمن مما يجعل المدخر في حالة أمان من تقلبات ارتفاع أسعار السلع والخدمات التي تشهدها الأسواق المصرية.
وأوضح د. شوقى أن شراء العقارات سواء أرض أو شقق، يُعدُ أيضا من أفضل الاستثمارات لدى المصريين نظرًا لارتفاع السعر مع مرور الوقت كما أنه يمكن القيام بتأجيرها والحصول على تدفق نقدي شهري دون متاعب أو نفقات وبالتالي في هذه الحالة يتم تحقيق ميزتين امتلاك أصل ويرتفع ثمنه مع الوقت والحصول منه على عائد شهري أو سنوي في حالة القيام بتأجيره.
ملاذات آمنة
سؤال أخر: وهل حقًا هذه الاستثمارات تعد ملاذات آمنة للحفاظ على القوة الشرائية أم أنها مسألة وقتية؟
يقول د. شوقى: بالطبع تُعدُ هذه الاستثمارات ملاذات آمنة وليست مسألة وقتية، ولكن ليس بنفس الدرجة، فهناك عوامل رئيسية تتحكم في سعر الذهب، وهي: الطب والعرض، وحالة الاقتصاد العالمي، والتطورات السياسية في مختلف أنحاء العالم، وهناك عوامل أخرى كأسعار المواد الخام والبترول والبورصة وأسعار الفائدة في الدول الكبرى، ولكن يبقى الأكثر تأثيرًا هو التطورات الاقتصادية والسياسية.
مخزن للقيمة
ويتميز الذهب بأنه مخزن للقيمة سواء في أوقات الأزمات الاقتصادية أو الرخاء الاقتصادي، فما تؤكده الممارسات الاقتصادية أن القيمة تأتي بناء على قرارات وتفضيلات الأفراد من المستثمرين والمستهلكين، خاصةً عند هبوط قيمة الاستثمارات الأخرى نتيجة لآثار الأزمات الاقتصادية سواء على المستوى المحلي أو العالمي، فيرتفع سعر الذهب في الأزمات الاقتصادية، بينما تنخفض القيمة الشرائية للعملات، ويتمكن المستثمرون الذين يمتلكون الذهب من الحفاظ على ثرواتهم بنجاح أثناء حدوث ذلك، وعادةً ما يشتري المستثمرون الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا عندما تنتشر حالة من عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
ولا يعتبر الذهب أفضل وسائل الاستثمار لأنه لا يحقق الربح على الأجل القصير مثل العقارات، إلا في حالة ارتفاع سعر الذهب محليًا وعالميًا، لكن الذهب أحد الملاذات الآمنة حيث إنه سلعة معترف بها دوليًا، مما يعني أنه سلعة عليها إقبال يمكن بيعها في جميع دول العالم بدون التعرض لخطر التذبذب الذي تواجهه العملات الورقية.
فقاعة اقتصادية
ويشدد د. شوقى على الحذر من حدوث فقاعة اقتصادية مع مرور الوقت وفقًا للمبادئ الاقتصادية المتعارف عليها، حيث ترتفع الأسعار نتيجة عاملين، إما ازدياد الطلب أو نقص في العرض، ولكن تحدث المشكلة عندما تتضاعف هذه الزيادة بشكل غير طبيعي أو بشكل مفاجئ وغير مبرر، كأن يزداد الطلب على العقارات بسبب المضاربة غير المدروسة في السوق العقاري فتحدث فقاعة عقارية وهي نوع من الفقاعة الاقتصادية حيث تحدث بشكل دوري في أسواق العقارات المحلية أو العالمية نتيجة ارتفاع الطلب والمضاربة في العقارات مع قلة المعروض منها مثلما حدث في الأزمة المالية العالمية 2008 والتي أطلق عليها أزمة الرهن العقاري.
أسعار العقارات
وكنتيجة طبيعية للطلب المتزايد تحدث طفرة سريعة في أسعار العقارات حتى تصل إلى مستويات مرتفعة، وفي مرحلة معينة، يبدأ الطلب بالانخفاض خاصةً عند العجز عن السداد، ليبدأ معه نوع من الركود التدريجي مع استمرار التزايد في المعروض، مما يضطر الأفراد إلى تخفيض السعر وبالتالي تنفجر الفقاعة.
وينتهى د. شوقى إلى القول: ليس معنى كلامي عدم جدوى الاستثمار في الذهب أو العقار، بل على العكس من ذلك فالاستثمار بهما مربح، ولكن الاعتدال في تحقيق الربح والابتعاد عن المطامع لأن الدورات والتقلبات الاقتصادية كثيرة الحدوث لذا وجب التنويه.