فادي عيد وهيب يكتب: الحرب على الأرثوذكسية
“الحرب الحالية هي حرب بين الالحاد والارثوذكسية” هذا ما صرح به مستشار الرئيس الروسي، المفكر إلكسندر دوجين فتم استهدافه أغسطس الماضي، وقتلت ابنته، وحقيقة الأمر محاولة اغتياله ذكرتني بحوادث اغتيال الرئيس الأمريكي جون كيندي، والملك فيصل، وعلم الجغرافيا جمال حمدان، والأنبا أبراهام مطران القدس، وغيرهم ممن اعترضوا أو فضحوا مخطط يسعى الشياطين على مر العصور تنفيذه تمهيدا لقدوم الدجال.
وحاليا تقوم السلطات الأوكرانية بالاستيلاء على الأديرة الأرثوذكسية في المدن الأوكرانية، وأخرها كان السيطرة على اثنين منها في مدن موكاتشيفو ولفوف، وهذا أمر متوقع من النازيون الصهاينة أو “يهود الخزر” أن دق الوصف والذي ينتمي لهم الرئيس الأوكراني زيلنيسكي.
وإذا تأملنا ذلك التصريح الخطير ونظرنا للخريطة، فسنجد بعد سيطرة الولايات المتحدة على أوكرانيا عقب الثورات الملونة 2014، انسحبت كنيسة كييف من سلطة كنيسة روسيا الأم، كحال كنيسة الحبشة مع الكنيسة المصرية الأم، جراء الاحتلال الفاشستي (روما) لها، وما زاد الطين بله هو تأييد بابا القسطنطينية (التركي برثلماوس) لـ أسقف كييف ضد بطريرك روسيا (كيريل)، كي ينفرط العقد الارثوذكسي البيزنطي، كما جرى الحال بين ارثوذكس الشرق، فعصب الأمة الروسية ونخاعها الشوكي هو الارثوذكسية، ولذلك يستهدف الأمريكي الارثوذكسية صراحة، وهو ما صرح به نواب الكونجرس مؤخرا معترفين بذلك.
ولو نظرنا لحال مدن الكراسي الرسولية (المراكز المسيحية الأولى في العالم) بعد ما جرى في القرن الأخير، سندرك أكثر حجم الحرب على المسيحية عامة والارثوذكسية خاصة، فمدينة “اورشليم” نفسها تحت الاحتلال الصهيوني، و”انطاكية” التي هي لواء الأسكندرونة واقعة تحت الاحتلال التركي ومسماه حالياه بإقليم هاتاي، و”القسطنطينية” نفسها تحول أسمها الى “إسلام بول” وتعني دار الإسلام، بعد سيطرة محمد الفاتح عليها 1453م، قبل ان يتحول أسمها في غفلة من الزمن الى “إستان بول” أي دار الشيطان، وتحمل اثنين من أهم محافل الماسون الذين لعبوا دورا خطير في إنهاء الخلافة وإزلال عبد الحميد الثاني.
وسيزيد اندهاشكم عن حال البلد الذي أغلب مساجده المشيدة في القرن التاسع عشر قبلتها مصوبة نحو القدس لا مكة، عندما تعلموا انه تم تشريع قانون يجرم ذكر أسم “القسطنطينية” برغم انه الاسم الذي ذكره الأولين، حيث ورد في مسند الإمام أحمد بن حنبل عن النبي محمد (ص) حديث: “لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش”.. فليس من المعتاد على الفاتحون المسلمون تغيير أسم مدينة دخلوها أصلا، خاصة لو ذكرها الأولون بأسمها.. كي تمحى هوية القسطنطينية تماما بعد أن حول أردوغان كنيسة أيا صوفيا الى مسجد.
أما كرسي روما الذي وجهت له روسيا مؤخرا جملة من الانتقادات بسب تناقض مواقف بابا روما السياسية، التي تنحاز للولايات المتحدة وبريطانيا دوما، فيكفي أن نعرف ان قرارات الحرب التي صدرت من ذلك الكرسي تفوق تعداد قرارات الحرب الصادرة من دول الغرب مجتمعة معا.
ويكفي أن نتذكر مفجر الحروب الصليبية على الشرق، و”فرسان الهيكل” الجيش الغامض والذي يخضع لسلطة البابا وحده، والسعي الدائم لسرقة جسد مرقس الرسول، وسحب البساط من الاسكندرية أوقات ضعف شوكة مصر أبان الحملات الصليبية عليها في العصور الوسطى، قبل احتلال ليبيا (مهد مرقس الرسول والخمس مدن الغربية التي طاف بها رسول المسيح مبشرا بالإيمان) وإثيوبيا (العمق الاستراتيجي للكنيسة الإسكندرية) بعد ان وقع رئيس وزراء إيطاليا بنيتو موسوليني اتفاقية “لاتران” السرية مع بابا روما 1929م، كي ينعش الفاشستي أحلام التوسع لكرسي روما من جديد.
كي يبقى من الكراسي الرسولية كرسي “الأسكندرية” وحده، الكرسي الوحيد المتبقي بهويته الاصلية وعقيدته المسيحية كما تسلمها المصريون من رسول السيد المسيح، مرقس بي أبوسطولوس، في دولة مازالت تحتفظ بسيادتها على كامل جغرافيتها وترابها الوطني.
بالتأكيد الان أتضح لكم حجم الحرب على الارثوذكسية، ولكن ما ذكر ليس النهاية، فأوكرانيا الارثوذكسية التي اختارها الأطلسي للتضحية بها والقدوم بدمية يهودية (زيلنيسكي) من مسلسل كوميدي لحقيقة درامية مقابل استنزاف روسيا ليست النهاية، ويتكرر السيناريو اليوم بين اليونان (الارثوذكسية ووريثة الامبراطورية البيزنطية) وتركيا (وريثة الإمبراطورية العثمانية) حسب تخطيط واشنطن، ومن قبلها أرمينيا (الارثوذكسية وعمق روسيا العسكري والتاريخي) واذرابيجان لسيطرة امريكا على الغاز هناك.
وهنا أتذكر كيف كانت تحركات تنظيم داعش على الأرض السورية مسترشدا بالأقمار الغربية الصناعية، عندما كان يستهدف تحديدا أخر قرى وأديرة تتكلم باللغة الأرامية (اللغة التي كان يتحدث بها السيد المسيح) في الأعوام الأولى من الحرب الكونية على سوريا 2011.
أخيراً وليس آخراً الحرب التي يشنها اتباع الدجال ليست ضد الارثوذكسية فقط، وان كانت ارثوذكسية هي المستهدف الأول والثاني والثالث حاليا، ولكن الحرب على كل ما هو قديم على كل ما هو صحيح، على كل الثوابت والمعتقدات، في ظل ما نعيشه من أحدى الفصول التي قال عنها يوحنا اللاهوتي، وانظروا كيف يستميت اتباع الدجال في شرعنة كل ما هو منافي للفطرة والدين، فواجهة البيت الأبيض اليوم تكتسي بألوان المثليين، والرئيس بايدن يوقع قانون يحمي زواج المثليين في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ورئيس وزراء كندا ضيف في احدى حلقات برامج الأطفال للترويج للمثلية.. وأكملوا أنتم النظر في باقي عرائس المارونيت التي أتى بها الدجال بسدة حكم الدول الغربية بالعقد الأخير.
اقرأ أيضا:
………………………………………………………………………………………………………….
الكاتب: محلل سياسي متخصص في شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا