إسلام كمال يكتب: كارثة إلا قليلا !

دعوتنا كل الأديان السماوية والوضعية، وحتى الأفكار الفلسفية إلى التفاؤل والأمل، مهما كانت الأجواء والأوضاع المحيطة ملبدة بالصعاب والتحديات، إلا إن ما لدينا من معلومات وتأويلات وسيناريوهات مبنية على أمور واقعة بالفعل في الشرق الأوسط الأصغر والأكبر، يجعل مجال التفاؤل والأمل في عام جديد هادئ وإيجابي .. ضيق جدا، مثل هذا العام الأسود الذي يلملم أوراقه الدموية المقيتة خلال هذه الساعات.

كلام مقلق وكئيب على أن يكون مقدمة مقال، لكنه واقع لا يمكن الخداع فيه، فلن افتح لكم أوراق الطاروت، ولن أجلب لكم إحدى ثرثارات النجوم والأبراج، بل سأذهب إلى أغلب تقديرات مراكز الدراسات الاستراتيجية حول العالم بكل ألوانها وجنسياتها وخلفياتها، والتى تشير بشكل أو آخر إلى حدث جلل في المنطقة، يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر، علينا .. فالحرب الروسية الأوكرانية وقبلها فاجعة الكورونا، فعلت بنا الكثير، فماذا ننتظر من هذا الحدث الجلل الإقليمى أو غيره؟!

لا تمر حقبة على هذه المنطقة الكئيبة، إلا وتحوى ملفات متفجرة، مؤهلة لحروب أو فوضي كبيرة أو متوسطة أو حتى صغيرة، وبالتالى ففكرة الحدث الجلل هذه ليست غريبة علينا، خاصة أن عدة دول كبيرة وصغيرة في المنطقة تعانى من أجواء سيولة وتوترات وقلاقل من مختلف الأنواع، مما يؤهله للدخول في أن يضمها “چى بي إس” الحدث الجلل، والغريب إن منها إسرائيل هذه المرة لأسباب داخلية تمس هوية الكيان بل والجيش، لدرجة لا تستبعد فيها مؤشرات المواجهات الأهلية في إسرائيل بين قوى الصهيونية السياسية والصهيونية الدينية، لحماية مؤسسات الكيان وفي مقدمتها هوية الجيش، الذي يتعرض لمخططات واضحة من قوى الصهيونية الدينية التى وصلت للحكم، وأصبحت صاحبة قرار في قيادة وتشكيل الكيان والجيش في تل أبيب في وجود رئيس وزراء انتهازى لا يهمه سوى أن يحمى نفسه من السجن في قضايا فساد تحاصره، وفي الخلفية بالطبع الأوضاع المتصاعدة في الأراضى المحتلة والأقصي وإيران، مما يجعلنا أمام مخزن بارود كامل مؤهل للانفجار في أية لحظة.

يبدو إن التقديرات هذه المرة في غاية التعقد، وتعيدنا لأجواء حروب سوريا واليمن وليبيا، وفوضوات شعبية كالتى ضربت عدة دول في المنطقة نتذكرها جميعا منذ نهاية ٢٠١٠، حيث تتعرض عدة دول بالمنطقة لأزمات سياسية واقتصادية على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، وكأن روسيا ضربتها هى، ولم تضرب أوكرانيا وحدها!

وبالتبعية الحدث الجلل المتوقع، ليس حربا فقط، بل فوضي شعبية وما بعدها، على شاكلة الموجات الأولى والثانية والثالثة للخريف العربي، ولم ينتهى هذا العام المزعج ٢٠٢٢، إلا ويترك لنا ملامح من هذه الأجواء المتصاعدة منها في إيران والأردن وتونس وغيرها بأجواء وخلفيات مختلفة، والقوس فتح ولن يغلق في ٢٠٢٣!

والمهم وسط كل هذه التوقعات السوداء، والأمواج التى تلطم المنطقة من جديد، أن نحافظ على الدولة المصرية والمجتمع المصري من هذه الأخطار التى تحاصرنا، وهو خيار في غاية التعقد والصعوبة في ظل الأجواء الدولية والإقليمية وحتى المحلية، يتطلب الكثير من اليقظة والوطنية والإنسانية والاحترافية على كل المستويات .. لك الله يامصر، واللهم أعن المصريين.

ويبقي رغم كل ذلك، أن نتمسك ببصيص الأمل، وندعو الله بأيام سعيدة في العام الجديد، ونردد على أسماع بعضنا، عبارة يراها البعض إنها أصبحت جوفاء بل ونكتة سخيفة، لكنها مدد وسط كمد، كل عام وأنتم بخير.

اقرأ أيضا:

زر الذهاب إلى الأعلى